الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السويس وعيد الشرطة المصرية.. مواقف وطنية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

للسويس نصيب مهم مع تاريخ عيد الشرطة المصرية عبر 70 عامًا يبدأ حين وقف مستر «إكسهام» القائد الإنجليزى بمدن القناة وجنوده من قوات الاحتلال، وقاموا بتحية النقيب مصطفى رفعت وجنوده من الشرطة المصرية، يوم الجمعة ٢٥ يناير ١٩٥٢، كان وراء التحية تقدير كبير من القائد الإنجليزى بعد اندهاشه لموقف الشرطة المصرية فى الدفاع عن مركز البوليس بمبنى محافظة الإسماعيلية جارة السويس، ورفضهم الاستسلام ومقاومتهم فى معركة شرسة غير متكافئة.

حيث كان أفراد الشرطة المصرية لا يحملون سوى البنادق العتيقة المعروفة باسم " انفليد "، والتى كانت بدائية أمام مدرعات وعربات ومدافع الجيش الإنجليزى المتطورة والحديثة، والتى دمرت مبنى مركز البوليس المكون من دورين وتم تدميره بالكامل.

رغم تحذيرات " إكسهام "  عبر بوق مكبر صوت من أجل خروج البوليس المصرى تاركين أسلحتهم، وإعلانهم الاستسلام، وهو الأمر الذى رفضه النقيب الشاب مصطفى رفعت، قائد المركز، بعد مداولة مع الملازم أول مجدى عبد السميع، واللذين رفضا التسليم مع جنودهما، ودخلوا فى مقاومة غير متكافئة، استشهد خلالها ٦٠ شرطيًا من الجنود والصف ضباط، والتى ارتفعت فيها أسماء الشهداء إلى السماء.

من هنا جاءت دهشة " إكسهام " الذى وقف وجنوده الإنجليز لتحية النقيب مصطفى رفعت ورفاقه من الذين ظلوا على قيد الحياة أثناء خروج الجثث والمصابين، ليسجلوا صفحة ناصعة ويكون بداية لعيد الشرطة المصرية، ويصبح البطل اللواء مصطفي رفعت فيما بعد كديرًا لامن محافظة السويس عام 1977 اثناء الانتفاضة الشعبية فى 17 – 18 يناير ويلقي اللواء مصطفي رفعت بشهادته الوطنية عن الاحداث امام جلسة المجلس المحلي الشعبي لمحافظة السويس ويخرج ابناء السويس ابرياء من اعمال العنف والشغب بحكم القضاء.

وهناك صفحات طويلة من بطولات وتضحيات رجال الشرطة عبر المعارك الوطنية، منها تعاون الضباط المصريين مع الفدائيين فى معركة السويس أمام معسكرات الجيش الانجليزي فى طريق المعاهدة بمنطقة المثلث بالسويس.

كما شهدت معركة «كفر أحمد عبده» بالسويس فى الخمسينات، تعاون رجال الشرطة الرافضين لهمجية الجنود الإنجليز، وقد شهد التاريخ التلاحم بين الشعب والشرطة فى ابهي صورة للشرطة المصرية وتعاونه مع المقاومة الشعبية فى الوقوف ضد القوات الاسرائيلية اثناء محاولاتها اقتحام قسم شرطة الاربعين بالسويس فى اكنوبر 1973.

حيث وقفت قوات الشرطة والمقاومة الشعبية ضد الجنود الإسرائيليين وقتلتهم أمام القسم، والذى تهدم جزء منه ومات بداخله فى المقاومة جنود وضباط متجاورين مع أبطال المقاومة الشعبية، الذين استشهدوا على سور القسم وأمام بواباته، فى معركة تعتبر الأهم فى التاريخ الحديث، هذا غير الشهداء والمصابين من الشرطة المصرية فى معارك الإرهاب والتطرف ومقاومة الجريمة.

وقد شهدت احداث ثورة يناير مواقف انسانية راقية مسجلة حين رفض الشباب المتظاهرين التعرض لجنود الشرطة بالايذاء او الضرب او الاهانة بشكل راقي.

كما يشهد التاريخ للسويس بالموقف الوطني والشجاع للواء محمد ابراهيم وزير الداخلية وابن السويس البار باعتباره شريك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي فى الانتصار لايرادة الشعب المصري فى ثورة 30 يونية 2013 فى مواجهة الاخوان وخكم المرشد والانتصار لايرادة الشعب.

لقد أكد الدستور المصرى فى المادتين «٢٠٦ – ٢٠٧» أن الشرطة هيئة مدنية نظامية فى خدمة الشعب وولاءها له، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وهى التى تسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة، وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجبات، مع احترام حقوق الإنسان وحريته الأساسية.. وهو ما ينظمه المجلس الأعلى للشرطة.

والآن ونحن نحتفل بالعيد 70 للشرطة المصرية بتاريخها العريض فى بسط الأمن ومكافحة الجريمة والإرهاب والتطرف، وبما قدمته من شهداء ومصابين، فإن الأمر يتطلب منا الوقوف على بعض المهام العادلة المستقبلية للشرطة منها:

- أهمية التفعيل الأفضل لإدارة حقوق الإنسان على كافة المستويات من الوزارة، مرورًا بالإدارات والقيادات وحتى مديريات الأمن بالمحافظات وأقسام الشرطة فى كافة محافظات الجمهورية.

- الاهتمام بنشر التقرير السنوى الإحصائى عن الجريمة فى بلادنا، والمعروف باسم «تقرير مصلحة الأمن العام عن الجريمة فى مصر»، وهو التقرير الذى طالب به وابتكره «راسل باشا» حكمدار القاهرة فى العشرينيات من القرن الماضى، من أجل الوقوف على حجم الجريمة وتصنيفها وتحليلها لمواجهة تطور الجريمة وكيفية وضع أساليب لمكافحتها.

وقد أكد على أهمية نشر التقارير خبراء الأمن ومكافحة الجريمة، منهم اللواء فؤاد علام، الخبير الأمنى، والدكتور عبدالوهاب بكر، مؤرخ الجريمة فى مصر، واللواء مصطفى الكاشف، الخبير الأمنى بالأمم المتحدة، وكذلك الدكتور أحمد وهدان، رئيس قسم بحوث الجريمة فى مركز البحوث الجنائية والاجتماعية.

 

• ان ما تقوم به الشرطة المصرية حاليا من خدمات الكترونية للمواطنين فى استخراج الاوراق والوثائق الشخصية وبعض الخدمات من اجل بسط الامن والتسهيل على المواطنين هو امر يسنحق التقدير.
• إن إعادة نشر التقرير على الإعلام والمختصين ومراكز الأبحاث والجامعات، وفى مقدماتها وجوبيًا علي مجلس النواب، سوف يفيد المجتمع، خصوصًا بعد فترة حجب لهذا التقرير وعدم نشره لسنوات طويلة شهدت فيها الداخلية معارك كبيرة سلبًا وإيجابًا كان اخرها التقرير الذي عرض فترة اللواء محمد ابراهيم ابن السويس.
• إنه من المفيد مع الاحتفالات بعيد الشرطة سواء باستعراض جاهزيتها، أو بتكريم الشهداء من أبنائها، أصبح من المفيد أيضا عقد ندوة علمية تناقش إنجازات الوزارة فى مكافحة الجريمة والإرهاب، ودراسة وفحص الجرائم وشكل تطورها الجديد من أشكال وأساليب الجريمة، سواء فى جرائم العنف والإرهاب، وما يسمى بالجرائم الإلكترونية وجرائم الخطف والعنف الأسرى، والجرائم الدولية المنظمة فى تجارة العملة وشبكات المخدرات بأنواعها، فضلا عن ارتفاع جرائم التحرش والقتل والانتحار العائلى وغيرها من الجرائم الأخلاقية التى ظهرت حديثا، وخطورتها على المجتمع، منها التمثيل بالجثث وانتشار حاملى الأسلحة فى البؤر الإجرامية، وارتفاع نسب المسجلين خطر الذين يهددون الأمن.

• كما أصبح من الأهمية بمكان التفكير فى انشاء قناة تليفزيونية خاصة بالامن ومواجهة الجريمة ونشر الوعي القانوني والامني فى مواجهة تطور الاعمال الاجرامية واتساعها بشكل منظم دوليًا وداخلياوهو اقتراح يستحق النظر.

• واصبح من الاهمية التعاون الوثيق بين المركز القومى للبحوث الجنائية، الذى تم تأسيسه عام ١٩٥٥ وتحويله بعد ذلك باسم المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، بقرار من الرئيس جمال عبدالناصر، الذى يقدم دراسات هامة وعلمية، ويصدر المجلة الجنائية القومية ومجلة التعاطى والإدمان، هذا غير البحوث الراقية علميًا وعلاقتها بالأمن الاجتماعى.

• لقد أصبحت أكاديمية الشرطة مركزا علميا، ومن هنا لا بد من تطوير مناهجها ودراساتها العلمية، وفتح مناقشات الرسائل العلمية للجرائم الجنائية والسياسية للباحثين، والتعاون مع الجامعات سوف يساهم كثيرا فى مكافحة الجريمة ومواجهة الفساد فى اطار الاستراتيجية الوطنية لمكتفحة الفساد.

وقد تناولت السينما المصرية عبر تاريخها أفلامًا كثيرة متأثرة بعناصر الشرطة وعلاقتها بالمجتمع، بمعالجات نقدية لتصرفات قلة من بعض رجال الشرطة غير الأسوياء، منها أفلام «زوجة رجل مهم – ضد الحكومة – الإرهاب والكباب – كلام الليل» وفيلم «هى فوضى» الذى كشف تصرفات «حاتم» أمين الشرطة المرتشى الفاسد.

وغيرها من الأفلام، حينما كان زمان حكمدار العاصمة، حيث تعداد السكان كان قليلا، يناشد «المواطن أحمد إبراهيم، القاطن بدير النحاس ألا يشرب الدواء الذى فيه سم قاتل».

فضلا عن تعامل الدراما والمسلسلات المصرية مع النماذج المشرقة فى معالجات تكشف الفساد.
إن نشر ثقافة حقوق الإنسان والتدريب المستمر للضباط والجنود وصف الضباط، صغارا وكبارا، والارتفاع بمستواهم المهنى والفنى والاجتماعى، أصبح أمرًا حتميًا تفرضه الموضوعية نحو دور رجال الشرطة فى احترام القانون ومقاومة الجريمة.

إن احترام القرارات والأحكام القضائية وتنفيذها على أرض الواقع، أصبح من المؤشرات الهامة فى احترام الدولة ممثلة فى وزارة الداخلية لاحترام القانون، وعلامة على الحكم الرشيد.

وتبقى التحية لكل شهداء الشرطة ومصابيها ورجالها المحترمين العين الساهرة على أمن المواطن.