الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحلات منتصف العام الدراسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع اقتراب موعد انتهاء الفصل الدراسي الأول، وبدء إجازة المدارس والجامعات لمدة أسبوعين، بدءًا من الخامس من فبراير، اقترح ان تقوم جميع المدارس والجامعات بتنظيم رحلات مدعومة (او مجانية لغير القادرين) للأماكن الاثرية والتاريخية، والمتاحف، والمدن والجامعات الجديدة، وكذلك زيارة أماكن الترفيه والشواطئ في كل ربوع مصر.


أقترح ان تتبني تمويل وتنظيم وتنفيذ تلك الزيارات جهات عدة، مثل وزارات الثقافة، والسياحة والاثار، والتربية والتعليم والتعليم العالي، والشباب والرياضة، وأن يساهم أيضًا بعض رجال الاعمال المهتمين بالثقافة، والعاملين في مجالات السياحة والفندقة. أقترح كذلك ان تتبني الجامعات من مواردها الذاتية أو مخصصات رعاية الشباب، المساهمة في توفير الدعم المالي اللازم لكي يتمكن معظم طلاب المدارس والجامعات من زيارة معالم مصر السياحية والتاريخية. 
أظن أن أطفال وشباب مصر من حقهم ان يروا بأعينهم، وأن يسمعوا بآذانهم وان يتعرفوا بحواسهم علي جمال مصر، وأن يتلمسوا النهضة العمرانية الحديثة التي تشهدها مصر اليوم من مدن وجامعات ومطارات جديدة، ومن بنية تحتية وطرق ووسائل مواصلات حديثة. يجب ان نتيح لكل طالب ان يتعرف علي ما صنعه المصري القديم، وعلي ما يصنعه جيل اليوم، لكي نضمن حبه وانتمائه لهذا الوطن، ولكي نقطع الطريق علي كل من يحاول ان يستقطب الشباب، او ان يشيع بينهم سمومه بغرض تثبيط عزائمهم ودحر هممهم، او يدفعهم الي الثورة والتدمير والتخريب لكل مكتسبات هذا الوطن العظيم.


أتذكر وانا طالب في المرحلة الابتدائية ان قامت مدرستي بزيارة دار ابن لقمان في مدينة المنصورة، وبرغم بساطة الدار وعدم وجود اي مقتنيات بها، سوي الكرسي الذي جلس عليه لويس التاسع قائد الحملة الصليبية الذي تم اسره، الا انني عدت من الرحلة وبدأت اقرأ عن الحروب الصليبية (غزاة الغرب)، وعن التتار (غزاة الشرق)، وعن الدولة الايبوبية والمماليك والعصور الوسطي. وعندما قامت المدرسة الإعدادية بتنظيم رحلة الي اهرامات الجيزة، والمتحف المصري في ميدان التحرير، وقفت منبهرا بهذه الاثار المعجزة في الدقة والجمال، وبدأت اقرأ عن مصر الفرعونية وتاريخ الاسرات القديمة والوسطي والحديثة التي حكمت مصر منذ ٧ الاف سنة. وعندما نظمت مدرسة علي مبارك الثانوية بدكرنس، رحلة الي مدينة الاسكندرية، زرنا فيها المتحف اليوناني الروماني، حفزني ذلك علي قرأة الحقبة التاريخية لمصر بين اعوام ٣٣٠ قبل الميلاد، الي ٣٣٠ بعد الميلاد. وعندما زرت المتحف القبطي والكنائس في مصر القديمة، واستمعت الي مسار رحلة العائلة المقدسة، ادركت دور مصر في تبني الديانة المسيحية وحماية المسيحيين الأوائل من الاضطهاد علي يد الرومان. وعند زيارة المتحف الإسلامي في بيت الخلق، تعرفت علي تاريخ مصر الإسلامية منذ فتح مصر علي يد عمرو بن العاص، وعلي روعة الخط العربي وعلي جمال العمارة والفن الإسلامي. أما اجمل الرحلات التي عمقت احساسي بعظمة هذا الوطن، فكانت الرحلات التي نظمتها كلية طب المنصورة في إجازة منتصف العام الي الأقصر واسوان. زيارة متحف الأقصر ومعبد الكرنك ومعبد حتشبسوت ومقابر البر الغربي، حفزتني لقراءة تاريخ مصر الفرعونية. وعند زيارة السد العالي، وقفت استمع الي تضحيات شعب اراد التنمية وأصر علي استكمالها رغم كل الصعاب. ثم كانت رحلات الجامعة الي سيناء الحبيبة بعد التحرير، ومازالت في ذاكرتي مسابقة الطلاب لتسلق والتقاط صور بقايا خط بارليف. وكان لزيارة مدن العريش والطور وسانت كاترين ودهب ونويبع وشرم الشيخ، إحساس خاص، وأكسبني مزيجًا من الإحساس بالعزة الوطنية والثقة بالنفس.
وفي النهاية اعتقد ان الرحلات المدرسية والجامعية قد ساهمت بقدر كبير في تشكيلي الوجداني، وثقافتي الشخصية. وأظن أنه من الأحرى أن تتبني الدولة المصرية، بكل مؤسساتها دعم الزيارات المدرسية والجامعية، لكل معالم مصر القديمة والحديثة. وأظن ان بناء الشخصية المصرية وزرع الانتماء ورفع الروح المعنوية لأبناء هذا الجيل من المصريين، يتطلب ان تقوم الدولة المصرية بتعريف الأجيال الجديدة بعظمة وقدر هذا الوطن.