إن مثلث الرعب في العالم هو الفقر والجهل والجوع. لا تستطيع أن تلوم جائعًا على أنه سرق، حتى أن الجائع الذي يسرق حتى لا يموت لا يقام عليه الحد في الإسلام. عليك أن تأكل كي تعيش، فإن لم تأكل لن تعيش، تلك هي المعادلة التي لم تتغير منذ هبط آدام وحواء إلى سطح الأرض حتى اليوم. عندما تجوع تضعف لديك كل وظائف الحياة، فكيف يمكنني أن أطالبك بأي شيء وأنت ضعيف في كل قدراتك؟. إذا اشتد الجوع اشتد الضعف، وإذا اشتد الضعف واقتربت من الموت ربما تقدمه للآخرين وأنت تخطو نحوه. "يا روح ما بعدك روح".
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش ""لم تعد المجاعة والجوع متعلقين بالغذاء. هما الآن من صنع الإنسان إلى حدّ كبير – وأنا أستخدم المصطلح عن قصد. وهما يتركزان في البلدان المتضررة من نزاع واسع النطاق وطويل الأمد. وهما في ارتفاع. إن الصراع والجوع هما "تحالف مظلم"، ويعززان بعضهما البعض، ولا يمكن حلّهما في معزل عن بعضهما البعض؟. مع بداية عام 2022م رأينا تقرير الأمم المتحدة في اجتماع الجمعية العامة الذي طالب بمعونات من أجل اثنين مليار شخص يعانون من الجوع على سطح الكرة الأرضية. أخبر التقرير أن هؤلاء ليسوا كل الجوعي، بل هم الأكثر جوعًا، وأن الأمم المتحدة بحاجة إلى نجدتهم قبل أن يموتوا. واشارت تقارير أخرى إلى أن عدد الأشخاص الذين يتأرجحون على حافة المجاعة في 43 دولة، ارتفع إلى 45 مليون شخص، وذلك مع ارتفاع مستويات الجوع الحاد في العالم.
مع مطلع عام 2022م استمرت شراسة تزايد حدة التغير المناخي، رأينا الفيضانات في كل مكان تغرق مقومات الحياة الأساسية لمن هم في الأساس لديهم حدود متدنية من أساسيات البقاء أحياء، ورأينا الوباء العالمي يزداد انتشارًا في متحور جديد تسبب في مشكلات اقتصادية أدت بالتالي لمزيد من الفقر ثم الجوع. إن الصراخ يعلو ويعلو عليه صوت صراعات مسلحة تحتجز أعدادًا كبيرة من البشر خلف حدود لا تتمكن من الوصول لها منظمات الإغاثة الدولية والمحلية في كثير من الأحيان بشكل سافر لكل الإنسانيات.
إذا كانت وظيفتك كإنسان أن تقف محدقًا في وجه إنسان آخر يموت جوعًا مدعيًا أنك لم تقتله، فذلك ما يمكن تسميته بالجريمة السلبية. إن القتل نوعان: الأول حين تقتل فعلًا بيدك أو قرارك، والثاني أن تقتل لأنك وقفت صامتًا والآخرين يُقتلون رغم أن السكين لم تكن مسلطة على رقبتك. عليك أن تتعلم أن هذا الجائع بعيدًا عنك هو مشروع قاتل لمن رآه يجوع ولم يتحرك. كيف يمكنه أن يعيش في أمان معك وهو يعلم أنك لم تسعَ لذلك في الأساس؟!.
بالطبع خرج العالم في عام 2022م باقتراحات للقضاء على الجوع في العالم بعد أن أفرز هذا الجوع تهديدات لا حصر لها للبشرية. يرى برنامج الأغذية العالمي أن الحد من الجوع مازال مرتبطًا بتطبيق الخطوات االتي ينادي بها ويعمل على إقرارها منذ عام 2015 وهي: (وتوفير الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة )، بينما ترى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن حل مشكلة الجوع بالنسبة لها مرتبط بتحقيق ما سعت وتسعى لتحقيقه طوال الوقت، وهو ما أسمته (الفضائل الأربع) وهي: " إنتاج أفضل، تغذية أفضل، بيئة أفضل وحياة أفضل للجميع لا للبعض فقط".
لا صوت يعلو على صوت معدة خاوية، إلا صوت الموت، وهذا الكوكب مخلوق كي نمارس عليه الحياة، لذا علينا أن نحيا جميعًا ونساعد الجميع على الحياة.
