الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كليشيهات محروقة في منتدى الشباب! [٢]

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم تكُن المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس السيسي بممثلي وسائل الإعلام الأجنبية فى منتدى الشباب، الحرص على هذا اللقاء لا يخلو من دلالات على رأسها أن التواصل مع الجميع ضرورة أيًّا كانت مواقفهم المعلبة وآراؤهم المسبقة، وبالتأكيد لا تشعر الدولة المصرية بأنها فى موقف الدفاع طالما أنها هي مَن وجَّهت الدعوة، وفتحت الباب للحوار والنقاش، فليس أمام الإعلام الأجنبي جديد يقوله، بل نعلم جيدًا ماذا سيقولون، وأي الملفات سيطرحون، تلك العناوين أصبحت مُنتهية الصلاحية غير قابلة للتسويق؛ مجرد كليشيهات محروقة، لابتزاز لا يقيم له نظام الحكم وزنًا ولا قيمة. وبَدَا واضحًا خلال الجلسة أننا مَن يملك جديدًا فضلًا عن الرؤية والإنجازات التى تحققت ولا يمكن إنكارها، ولم يتراجع حجم الأعمال في عصر الجائحة رغم ركود وتضخم وارتفاع فى الأسعار عانته دول كبرى.
ليس لدى مصر ما تخفيه (مافيش على راسنا بطحة) بل لديها تجربة مُلهمة في كيفية استعادة الدولة لمؤسساتها والاستخدام الأمثل لمقدراتها، والتوظيف الجيد لمقوماتها لتسترد مكانتها فى سنوات معدودة بما يمثل نموذجًا يحتذى تسير على دربه دول. كان اللقاء فرصة ليسمع الإعلام الأجنبي من الرئيس مباشرةً كيف تفكر الدولة؟ وكيف تُقرِّر مساراتها حسب مصلحة الوطن وتحدياته ومصلحة المواطن وهمومه ورغباته؟ 
جاءت ردود الرئيس مُباغتةً وصادمة وحاسمة، تحدث دون مواربة عن مفهوم الآخر للديمقراطية التي لا يرى فيها سوى حرية الرأي والتعبير، ولا يرى سواها؛ فهو يعيش وفق قيم وأعراف وتقاليد ترسخت وتجذَّرت خلال عقود مَضَتْ، واستنساخ هذه القِيَم لفرضها على مجتمعات أخرى دون توفير بيئة مناسبة محكوم عليها بالفشل ثم تغيرت نبرة الرئيس موجهًا حديثه ليس فقط للمراسل بل لكل مَنْ يسمعه ويشاهده وتساءل فى حِدَّة: «هو انتو هتحبوا بلدنا أكتر مننا! هو انتو هتحبو شعبنا أكتر مننا؟!» سؤال لا يحتاج إلى إجابة بالقطع، هكذا تنفجر بالونة اختبار مصر وابتزازها بدعاوى الحريات المزعومة، تلك العُملة المزيفة التى تستخدم لإسقاط المؤسسات، وتقويض الأوطان، وتشريد الشعوب، ليس هذا من باب العبارات الإنشائية ولكننا على بُعد خطوات مِن تلك الجلسة كانت هناك جلسة أخرى صباحية تحدث فيها المهندس طارق من اليمن يتقدم برجاء خاص، وعلى الملأ للرئيس السيسى أن يتدخل لإنقاذ شباب اليمن وحقن دماء أبنائه، ومنح الشباب فرصة للحياة وأملا فى التدريب والتأهيل بالأكاديمية الوطنية المصرية. 
ولكل المنظمات المشغولة بالحقوق والحريات نقول: ألم يأتكم نبأ طارق ابن اليمن (السعيد سابقًا) ورفاقه الباحثين عن طوق نجاة وبصيص أمل لحياة كريمة؟ أليس فى قائمة الحقوق أولويات وحالات حرجة هي الأولى بالرعاية والدعم والمساندة؟! هل يثعقل أن تتركوا المئات بل والآلاف يموتون على مقربة منكم فتديرون لهم ظهوركم وكأنكم صم وعميان؟! ثم تصدرون تقارير صكوك الإدانة لعواصم يعمل قادتها فى ظروف غاية فى الصعوبة لتوفير حياة آمنة وكريمة للمواطنين؟! هل بلادكم على استعداد أن تقيم مخيمات أخرى ومعسكرات لاجئين فروا من ويلات الحروب والواقع التعيس أم ستتركوهم فريسة للغرق فى رحلات الموت الاضطراري وتغلق دونهم الحدود ؟! 
طوفان من الأسئلة لا ننتظر عنها إجابة، ونحن شهود على الواقع الذى تتسول فيه الدول المنكوبة فى منطقتنا الدواء والغذاء من المنظمات الدولية وتستجدي المنح والهبات من عواصم تكتفى بالفرجة وعبارات الشجب والمواساة.
الرئيس السيسي يمتلك مِن الجرأة والثقة في تقدير ومحبة المصريين له ما يجعله يتباهى بهذا الدعم الشعبى، وأنه على استعداد أن يدعو المصريين للتظاهر كل يوم شريطة أن توفر الدول التى تستخدم سيف الحريات ٣٠ مليون دولار شهريًا حتى تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها، بل وفاجأ الحضور بأنه على استعداد أيضًا أن يجري انتخابات رئاسية كل عام بشرط أن تتكفل تلك الدول بتكلفة الفاتورة لهذه الانتخابات.
رئيس مصر لا يعرف المراوغة، ولا يحب ألاعيب السياسة بمفهومها الانتهازي؛ فهو يتعامل كما أعلن من قبل؛ بشرف في وقت عز فيه الشرف.