الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور نبيل صموئيل يكتب: "ثقافة التسامح"

الدكتور المهندس نبيل
الدكتور المهندس نبيل صموئيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

سعدت بإعداده وبالمشاركة به مع المجلس العربي للطفولة والتنمية -"تذكرت في  وقت صعب برحيل الآب مكاري وما أحدثه ذلك".
"بين السلام والتسامح ارتباط وثيق" 
يرتبط مفهوم ثقافة السلام بحزمة من المفاهيم، أهمها التسامح والعدل والحب، والقبول الإنساني، والعيش المشترك، والأمن الإنساني.
وتعتبر قيمة التسامح هي الأساس الذي تبنى عليه ثقافة السلام،  فقبل كل شئ ينبغي أن يكون الإنسان متسامحاً مع ذاته، ما يجعله أكثر شعوراً بالرضا عنها ومتقبلاً لها، ما يؤدي إلى السلام النفسي، الذي يترتب عليه بقية أنواع السلام، سواء الأسري أو المجتمعي، أو المحلي، أو العالمي.
مما يجعل الإنسان صادقاً مع نفسه، يستطيع أن يتقبل الآخر ويتعاون معه، ويستطيع أن يتحمل العديد من المسؤوليات، لأنه يشعر بالرضا عن ذاته، ولديه الثقة بإمكاناته، ومتقبل لذاته. وهو ما يجعلنا  في احتياج شديد هذه الايام الي تبني ونشر وتفعيل ثقافه التسامح في عصر تزداد فيه التوترات والتعصب والتطرف ونفي الآخر المختلف، والذي ربما يقودالي العداوه ورفض الآخرين المختلفين وربما يصل الأمر الي القتل والذبح. 
فثقافة التسامح هي الثقافة التي تضبط علاقة الإنسان بعقائده وأفكاره، بحيث لا تصل إلى مستوي التعصب الأعمى الذي ربما يقود صاحبه نحو إيذاء المختلفين معه الي ممارسة العنف ضدهم وقد يصل إلى المعاداة والتدمير وعادة يتم ذلك باسم القيم.

وقد أصبح التسامح اليوم ليس محورا من محاور المدينة الفاضلة التي كان يحلم الناس قديما، فقد أصبح ضرورة إنسانيه واجتماعية وسياسية وثقافيه، حتي يستطيع الفرد أن يقف أمام أي عدو يستهدف الفرد أو وطنه أو ثقافته.
وقيمه التسامح عابره لكل الاختلافات بين البشر دينيه ومذهبية، وإختلاف النوع
الاجتماعي، واختلافات ذوي الإعاقة والاختلافات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية فلا يمكن التمييز بين هذه الاختلافات فكلها تستدعي التسامح كقيمة إنسانية عابرة لكل هذه الاختلافات.

ويُعد التسامح أحد القيم الإنسانية الهامة، ويُعرف بأنه: "الانفتاح على التنوُّع، والتعدُّد بمختلف أشكاله"، ويرتبط التسامح باستعداد الفرد لقبول معتقدات وممارسات وعادات تختلف عما يعتقده ويمارسه ويحيا به، ومع الاعتراف والقبول بحقوق كل الافراد والجماعات التي لديها أفكار وأراء ومواقف ومعتقدات وممارسات مختلفة، والإقرار بالمساواه بين الأطراف كافة، وهو ما يعاون علي إرساء قيم السلام والعدالة بين الجميع. 
لذا لا بد من الإهتمام بدور العقل والفكر والعمل معا لتحقيق السلام العادل من خلال إبراز قيمة التسامح وبناء حواراً فعالاً مؤسساً على إحترام الإختلاف والتنوع بين البشر وعلي جوانب حياتنا المختلفه، في الأسرة والمدرسة والمجتمع والدولة ككل.

ويمكننا أن نُعطي للتسامح تعريفاً شاملاً بأنه: "التأكيد الواعي على الأحكام، والمُعتقَدات التي تنطوي على مبادئ العدالة، والمساواة والرعاية، أي تقديم الاحترام والمساواه للذين يختلفون في خصائصهم العرقيه والدينيه والجنسية وغيرها"
ويحمل تعريف التسامح بمختلف أشكاله أساسيّات مشتركة لقبول تنوعنا البشري الخلاق الذي خلقنا عليه، وإختلاف الآخرين وإتخاذ موقفا عادلا وموضوعيا تجاه الأشخاص الذين يختلفون عنا في مختلف الجوانب ورفض التعصب بمختلف أشكاله.

المبادئ الجوهريه لقيمة التسامح:
- الحُكم بموضوعيّة: 
فالكثير من الناس يُطلقونَ الأحكام الناقدة على الآخرين بغير موضوعية، أو دون التفكير المُسبق في تلكَ الأحكام ولهذا ينبغي أن يحاول الشخص تفهم الآخرين بشكل غير انحيازي أو تعصُّبي. 
- العقلانيّة: 
قد لا يقتنع شخص ما بوجهة نظر الآخرين الذين يختلفون عنه، ممّا يبرّر له  معارضتهم، بشرط ألّا تكون هذه المعارضة محرضة علي الكراهية والعداوة. 
- التسامح قناعة داخلية: 
قد يظهر البعض تسامحهم تجاه الأخرين عن غير قناعة إذ أنهم قد يتسامحون معهم لأنّ الآخرين في موضع قوّة لايمكن معارضتهم، أو تجنُّباً للمشاكل، أو رغبةً بأن يُقال عنه شخص أنه متسامح، فذلك لا يُعتبر شخصاً متسامحاً، فالتسامح الحقيقي هو قناعه داخليه شخصيه بضرورة عدم التصرُّف بناءً على معارضته آراءَ الآخرين.

أهمية ثقافة التسامح:
- لنشر ثقافه التسامح أثر طيّب في حياة المجتمعات، فالمواطنين الذينَ يسلكون بقمه التسامح تجاه الآخرين المختلفين في مجتمعاتهم يعاون ذلك علي نشر الود والتعاطف والسلام في المجتمع. ويدفع ويشجع المواطنين علي الإستعداد للمشاركة مع الآخرين حتي مع تنوعهم وإختلافاتهم، ومما يعضد من قوه وتماسك هذه المجتمعات.
- إنتشار ثقافه التسامح والمبنيه علي العقلانيه لدي الاشخاص يزيد ذلك من قدرتهم  على رؤية الآخرين الذين يختلفون عنهم على أنّهم شركاء الوطن.وكما يُوجِد التسامح بيئة تجذب المواهب والقدرات جميعها وبالتالي فإن التنوع سيجد مكانا كبيرا في تلك الشعوب، ممّا يساهم في التقدُّم والابتكار، والنموّ الاقتصاديّ.
- ولنشر ثقافه التسامح في المجتمعات أهميّة كبيرة في حفظ حقوق الإنسان، وتحقيق السلام والديمقراطيّة، والحدّ من العنف، والنزاعات والحروب.
- ونظرا لأهميه نشر ثقافه التسامح فقد أصبحت هناك ضرورة قصوى لتنشئة الأطفال ليتعلموا ويمارسوا التسامح منذ سنواتهم الأولي، إذ يبدأ إكتساب الطفل لصفاته الأخلاقيّة من الوالدين في المنزل، فإذا كانَ الوالدان  مع الآخرين في حاله تسامح فإنّ الطفل سيكون انعكاساً لما يراه في المنزل، وهو ما يتطلب الحذر من استخدام العبارات السلبيه والعُنصريّة أمامَ الطفل.
- وكما من الأهمية بمكان تعليم الطفل ثقافات الآخرين وافكارهم ودفعه الي مشاركة الانشطة مع الأصدقاء الذين يختلفون عنه، فالطفل عندما يكون منفتحا علي الثقافات والأشخاص وأفكارهم وتشجيعه للمشاركة معهم مع الاصدقاء اللذين يختلفون عنه سيكون من السهل عليه قبول اختلاف الآخرين عندما يكبر.

المؤسسات المنوط بها نشر ثقافة التسامح:
- للمدرسة دور كبير في توعية الأطفال بضرورة احترام الآخرين، وإعداد برامج تعليميّة توعويّة عن التسامح، ولزيادة الاندماج بينَ الأطفال على اختلافهم، وذلك من خلال أدوات وآليات عملية في ممارسة الرياضة والفنون ومن خلال الرحلات والبرامج المشتركة الصيفيّة وغيرها. 
- ويلعب الإعلام دورا هاما في نشر ثقافه التسامح وذلك بإيصال صوره غير متعصبة عن الأشخاص والفئات المختلفة في المجتمع مما يعاون علي نشر ثقافه التسامح وذلك مع ضرورة انتباه الأهل للمحتوى الإعلامي الذي يشاهده أطفالهم.
- المؤسسات الثقافية من خلال نشر الأدب والفكر والإبداع فرجالات متعددة وبصور مختلفة تظهر قيمة التسامح وارتباطه بالسلام المجتمعي.
- المؤسسات الدينية لها دور كبير في نشر قيمه التسامح والحض علي قبول الإختلافات والتنوع باعتبار ذلك الصوره التي خلقنا عليها في تنوع بشري خلاق.