الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العنف ضد المرأة.. ماذا بعد الصراخ حتى الموت؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اعتبر البابا فرنسيس أن إيذاء المرأة يعد إهانة للرب في قداس الاحتفال بعيد مريم العذراء في كاتدرائية القديس بطرس، إذ قال: "الكنيسة أم، الكنيسة امرأة. 

وبينما تمنح الأمهات الحياة وتحفظ النساء العالم، لنجتهد جميعا كي نعزز الأمهات ونحمي النساء". هكذا دعا البابا للسلام من أجل النساء. 
   من المؤسف أن فترات الحجر التي مر بها العالم جراء انتشار الوباء الراهن، شهدت انفرادًا للجلاء بضحيته، إذ أمضت الكثيرات من النساء وقتًا طويلًا وحدهن مع رجال وجدن في هذا السجن الإنفرادي فرصة لممارسة العنف ضدهن. صار التواصل بينهن وبين العالم أصعب خلال تلك الفترة، رأينا دولًا تسجل ارتفاعًا في هذه الممارسات العنيفة وصل إلى سبعة من عشرة في بعض الأحوال. النساء معزولات ولا يستطعن التواصل مع أي شخص لإنقاذهن، وجلادهن يشعر بأنها منطقة حرة لا تثريب عليه فيها. 
  في فرنسا تم نشر إنفوجراف أثار الجدل مؤخرًا. كان الهدف منه توعية الرأي العام بأن النساء لا يعشن حياة آمنة في ظل الوباء الراهن. ظهر في الانفوجراف وجه امرأة به عدد من الكدمات والجروح. مكتوب على كل جرح سببه. فجرح كتب عليه: "ارتطام بمنضدة" وآخر "صفحة قوية" وثالث "أداة حادة" ورابع "لكمة قوية" وخامس " رمي بأداة زجاجية"، وما إلى ذلك. وهذه الجروح تمثل الشكل الحقيقي للجروح المتخلفة عن الأسباب المكتوبة عليها. سجلت فرنسا ارتفاعًا مفرطًا في العنف ضد النساء، لا سيما في حالة الإقامة مع صديق حديثًا. 
   في بعض الدول العربية شهد العالم مع أوليات فترات الحجر مرحلة طرد جماعي للنساء وأولادهن من المنازل، بحجة أنهن مصابات بالفيروس، ولا يمكن تحمل توفير مكان مناسب لهن للعزل فترة الإصابة. كن يتوجهن لأقسام الشرطة بأولادهن في وقت لا يتحرك فيه الكثيرون في شوارع مفروض عليها الحظر. كن يعدن لمتازلهن بالقوة، ليجدن أيضًا استخدامًا للقوة مفرطًا ضدهن. والبعض أعاد الكرة وطردهن مرة أخرى غير آبه بعقوبة السجن التي تنتظره، إذ أن المرأة التي تنازلت عن حقها في المرأة الأولى لن تتنازل عنه في المرة الثانية.
   إن فكرة البقاء وحيدًا مع شراسة إنسانية تعلم بها جيدًا، لكنك لا تملك مأوى آخر هو الأكثر وجعًا. معظمنا شاهد الـ "هاشتاج" الذي أطلقه مناصرون لحقوق الإنسان على خلفية الفيديو الذي نُشر على فيس بوك في بث مباشر. غذ نشرت إحدى مستخدمات فيس بوك بثًا مباشرًا يظهرها معتدى عليها من زوجها، وتقف خلف باب غرفتها بعد أن أغلقته على نفسها هربًا منه، وهو يطلب منها بصوت مرتفع صائح "افتحر الباب" وهي ترجوه أن يتركها ترحل من المنزل. تخبره أنها لن تفتح الباب إلا كي تخرج وحيدة. تتوسل إليه أن يخبرها لماذا يريدها أن تفتح الباب لأنها تريد أن تسمع شيئًا يطمئنها. أنه سيتركها تنجو دون أن ينال جسدها منه الوجع. هذا الفيديو أثار حفيظة الكثيرين لأننا الإنسانية لا يفترض بها أن تظهر بهذه الطريقة أبدًا.
   يوجع كثيرًا أن البشرية في مطلع العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين يتعاملون مع الأضعف على هذا النحو. فأين نحن من كل ما دعونا له منذ هبوط آدم عليه السلام لكوكب الأرض؟ علينا أن نعلم أن الهدف من الوجود على الأرض هو التعايش من أجل العمارة. هذا التعايش يتنافى تمامًا مع كل أشكال العنف والإيلام. لهذا وضعت القوانين لكي تعاقب كل من يتصرف ضد هذا التعايش بأي شكل من الأشكال. لأن العيش بكافة حقوق العيش الأساسية أمر لا يمكن أن ننازع أحد فيه. إذا كان البعض لا يستطيع أن يصرخ إلا صرخة تسبق موته، فإن هذا لا يعني أنه معدوم الحقوق، ولا يعني أن من حرمه من هذه الحقوق ليس مجرمًا لمجرد أن الصرخة لم يسجلها أحد.