الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فيلم "لا تبحث" Don’t Look Up

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ماذا يقول وكيف قال، وإلى ماذا يهدف وماذا حقق؟!
أول ما لفت نظر معظم النقاد السينمائيين وكذا الذين شاهدوا الفيلم على شبكة نتفليكس، هذا الحشد الكبير من السوبر ستارز في الفيلم "ليوناردو دي كابريو، جنيفر لورانس، ميريل ستريب،كيت بلانشيت، جونا هيل، وغيرهم". وهذا الأمر ليس شيئا جديدا سواء في السينما الأمريكية أو حتى المصرية، نذكر فيلم "كيف كان الغرب قد فاز" 1962 الذي جمع في البطولة أساطير السينما وقتها [ جيمس ستيوارت – جون واين – جريجوري بك – هنري فوندا] والأب الروحي 1972 وأوشن اليفين 2001، قراصنة الكاريبي 2003، وحتى للممثل دي كابريو "جانجو منزوع القيود" 2012. وفي مصر نتذكر أفلام "العار" الذي جمع نور الشريف وحسين فهمي ومحمود عبدالعزيز ونورا وأمينة رزق، وأفلام رد قلبي وأفلام فريد شوقي وزكي رستم والمليجي وغيرهم. أعود لأكرر أن الفيلم حقق إيرادات هائلة لنتفليكس في جميع أنحاء العالم، كما حصل على شهرة واسعة بين المشتركين في الشبكة من الجمهور المصري، الذي انبهر به في الغالب الأعم. والفيلم يريد أن يطلق صرخة للاهتمام بالبيئة والتغير المناخي، وأن ذلك لن يتم دون جهود وقناعة النظام الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية. ولأن الكلام عن البيئة والتغير المناخي أصبح مكررا ومعادا ونسمعه ليلا ونهارا، فقد رأى صناع الفيلم أن يدخلوه من مدخل اكتشاف علمي بقرب ارتطام مذنب كبير الحجم بكوكب الأرض، وأن ذلك سيقود إلى تدمير الكوكب، ومن ثم على الرئيس الأمريكي أن يتدخل فورا.
وفيما يلي أعرض رأيي كمشاهد، حيث لا أدعي أن صناعتي هي النقد السنيمائي. وأكتفي بعرض عشر نقاط فقط، حسبما تسمح مساحة النشر:
1ـ الربط بين الأحداث مهلهل بشكل شديد الوضوح، والانتقال من مشهد الى مشهد غير متناغم وغير متسق.
2ـ إقحام المشاهد الجنسية لم تضف لأحداث الفيلم ولا لغرضه، وجاءت مضادة لأهداف الفيلم، التي من المفروض أنها جادة، كما جاءت مسيئة للعالمين محور الأحداث، لتظهرهم بأن القضية العلمية لا تستغرق تفكيرهما، وأن الابتذال في المكان والزمان والكيفية والاختيار، لا تشكل لهما أية أهمية، كما أظهر الفيلم الفشل الاجتماعي للعالمين، دون الدخول في عمق وتحليل الشخصيتين، وكان مظهر دي كابريو معقولا، أما جنيفر لورانس ووضعها الحلق في أنفها فلا معنى له.                                                                     
3ـ حشد العديد من الممثلين الشباب، دون إسناد أي دور واضح لهم. مع حوار تافه غير منتج.
4ـ المشاهد الفضائية في الفيلم، تعتبر فقيرة وضعيفة، إذا ما قورنت بأفلام الفضاء المعروفة.
5ـ ما دار في داخل البيت الأبيض والمكتب البيضاوي فعلا كان أجمل ما في الفيلم، وأكثرها فكاهة. وأرسل رسالة لجميع المشاهدين والمسؤولين، مفادها: أن أي شخص قد يصل الى أعلى المناصب دون توافر الكفاءة والمسؤولية. وأن الكارثة تكون وشيكة، وأصحاب القرار في واد أخر وودن من طين والأخرى من عجين.
6- مارلين ستريب كما هي العادة قمة في تقمص الشخصيات بشكل مقنع يتفوق على الحقيقة. ودي كابريو أستاذ قدير في استخدام تعبيرات وجهه ونغمة صوته ودرجات انفعاله، ليجسد الموقف أعظم تجسيد.
7ـ مهما كانت الكوميديا، فإن المبالغة في السخرية الى حد خيالي ليس من الأمور المستحبة لدى المشاهد. وكالة الفضاء "ناسا" أوصلت أبحاثها الإنسان للقمر منذ 52 عاما، والجيش الأمريكي يضم قطاعا للحروب الفضائية، والإعلام الأمريكي بقوته الضاربة، ومع ذلك سخر منهم الفيلم بطريقة فيها مبالغة غير منطقية. أما الجنرال الأمريكي الذي نصب على العالمين وحصل منهما على ثمن المشروبات المجانية في البيت الأبيض، فكانت سخرية عبقرية ومعبرة، حيث سبق أن نصب الجنرال كولن باول على مجلس الأمن وأقنعه بامتلاك العراق للأسلحة النووية وأهلك وشرد بذلك الملايين من العراقيين وخرب بلادهم وأضاع أموالهم.
8ـ بعد فضائح الرئيس كلينتون ومونيكا، ورسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلنتون من إيميل خاص غير مؤمن وتسريب وثائق ويكليكيس، وبرامج التجسس على موبيلات الملوك هل من المستساغ أن ترسل الرئيسة الأمريكية في الفيلم صورا لأعضائها التناسلية على وسائل التواصل الاجتماعي لعشيقها؟
9ـ مدة 140 دقيقة للفيلم، لم تكن لها حاجة فنية، فقد احتوى على العديد من المشاهد والحوارات خارج الإطار، ومنبتة الصلة بالفيلم. فتجد الإيقاع السريع الذي لا يكمل الفكرة والآيقاع البطيء الذي يقتل ويشتت الفكرة، لكن تطويل الفيلم كان لأهداف تجارية، فالوجبة لابد أن تكون كبيرة ومتنوعة نظير ما دفعه المشاهد
ولم يقدم لنا الفيلم أية قدوة أو أية تضحيات أو أية حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة ووقف تغير المناخ. 
10ـ أبدع الفيلم في كتابة التترات وأسماء الممثلين والمشاركين كان ملفتا ومتميزا وجديدا ومتنوعا، أما الموسيقى، فلم اقتنع بها، وربما اقتنع بها غيري. 
لقد حقق الفيلم جدلا واسعا على الساحة الإعلامية والتواصل الاجتماعي، ونجح نجاحا منقطع النظير، في عزل تلك التفاعلات بسلبياتها وإيجابياتها، وأصبح الجميع يتحدث عن قضية المناخ ومستقبل الكوكب الذي نعيش عليه، وضرورة استكشاف علاقته بالكواكب الأخرى وقضية إمكانية الحياة عليها. وأن على الجميع حكاما ومحكومين أن يتمردوا ويشطبوا من أجندتهم مفهوم "لا تبحث" ولكن "ابحث وابحث وابحث"