الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصبحت ظاهرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لبث تسريبات صوتية أو تسجيلات مرئية، كتلك التي تتم خلسة أو في الخفاء، دون علم أصحابها، ودون سند قانوني، من أخطر القضايا الاجتماعية والأخلاقية التي تهدد السلم الاجتماعي، والتي يجب التصدي لها. سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يكون له ضوابط وقوانين وعقوبات رادعة للحفاظ على قدسية الحياة الخاصة للأفراد التي يكفلها القانون وتدعو إليها الأديان السماوية والأعراف الإنسانية.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقعت بعض الأحداث المؤلمة مثل انتحار فتاة في محافظة الغربية نتيجة التشهير بها بصور مفبركة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل اثنين من شباب قريتها المراهقين. وتم كذلك بث مقاطع مصوَّرة لمجموعة من المعلمين وهم يستمتعون ويتراقصون في رحلة نيلية، وتم انهاء التعاقد مع معلمة وتحويل الآخرين الي التحقيق. وتم كذلك بث تسريبات بعد فبركتها والتلاعب فيها، لاتصالات تليفونية أو لقاءات سرية بين أفراد في مناصب عليا في الدولة المصرية، وعرضها بكثافة على بعض المحطات والمنصات المغرضة، التي تتربص بالدولة المصرية. كذلك أصبح من المعتاد التشهير بالأطباء، حال وقوع مضاعفات أو أخطاء طبية، والمشاهير حين مشاركتهم في أمور حياتية معتادة. كذلك أصبحت وسائل التواصل منصة للتشهير بالشخصيات العامة أو بين المتنافسين في مجال العمل، أو في الانتخابات، ببث مقاطع لهم على وسائل التواصل وهم يتسامرون أو يتسلون أو يستمتعون بإجازة، وأحيانًا وهم يتحدثون لذويهم أو داخل غرفهم المغلقة.
الخطورة من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أنها يمكن استغلالها من ذوي أفراد وجماعات من معدومي الضمير، بغرض إحداث الضرر بالمجتمع المصري. فضح أسرار الناس وكشف المستور والتشهير بالموظفين العموميين بغرض الاغتيال الشخصي. 
Character Assassination
يُمثل خطورة كبيرة على المجتمع، ويجب أن تتصدى له الدولة بكل أجهزتها. 
القانون الذي يسمح لبعض الأجهزة الأمنية والرقابية بمتابعة بعض الأشخاص، يشترط الحصول على موافقة النيابة العامة، للتأكد من ان ذلك يتم وفق صحيح القانون بغرض حماية الامن القومي، او للتصدي للعمليات الإرهابية، او لكشف الفاسدين، لا يمكن ان يكون متاحًا للمراهقين واللصوص (الهاكرز ) الذين يستغلون التكنولوجيا بغرض الإضرار بالمنافسين. الخطورة أيضًا هي تربص بعض ضعاف النفوس وأعداء الوطن، ببث هذه التسريبات علي نطاق واسع بغرض النيل من أجهزة الدولة أو تماسك المجتمع أو لتحقيق أغراضهم الدنيئة؛ ولذا يجب تغليظ العقوبة لكل من يستخدم وسائل التواصل دون سند قانوني ودون أي وازع من الضمير.
التدخل في الحياة الشخصية للأفراد خاصة من المشاهير والأسر الحاكمة ليست ظاهرة جديدة. الجديد هو انتقال الظاهرة من الصحف الصفراء، أو من مصوري المشاهير ( الباباراتزي)، الذين يطاردونهم بغرض الحصول على بعض الصور لبيعها الي وكالات الأنباء والمواقع والمجلات، الي اي شخص يحمل في يده تليفون محمول، ويقوم بالبث عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تدخل كل بيت ويصعب تتبعها او معرفة مصدرها. 
التدخل في الحياة الشخصية للأفراد، كان له ضحايا من أشهرها الأميرة ديانا زوجة الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، والتي لقيت حتفها في حادث سيارة مروع، نتيجة تتبع البابارزي لها في باريس يوم ٣٠ أغسطس سنة ١٩٩٧. زوجة ابنها الأميرة كيت ميدلتون زوجة الأمير وليام ودوقة كامبردج، تعرضت هي الأخري لتحرش الصحافة الصفراء وتصويرها في أثناء إجازة لها في باريس. كانت مجلة "كلوزير" قد قامت بنشر ١٢ صورة التقطت بعدسة بعيدة المدى للدوقة وهي في شرفة منزل، وتظهر فيها وهي تسترخي عارية الصدر بينما يدلك زوجها جسمها بكريم للوقاية من الشمس. تم رفع قضية ضد المجلة وتم تغريمها مبلغ ١٠٠ ألف يورو تعويضا للأمير وليام وزوجته. كذلك تم محاكمة عدد ٦ أشخاص أمام محكمة فرنسية بتهمة انتهاك خصوصية الأمير وزوجته سنة ٢٠١٧.
أعتقد أنه من الضروري، وبعد وقوع هذه التجاوزات الخطيرة، أن يتم تغليظ العقوبة لتشمل الحبس والغرامة لكل من يسيئ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو يستخدم التكنولوجيا (الفوتوشوب) في فبركة الصور بغرض التشهير بالآمنين. يجب أن تتدخل الدولة وأن يكون العقاب رادعًا لكل من تُسوِّل له نفسه إيذاء الآخرين أو إفساد الحياة الشخصية للأفراد والإضرار بالمجتمع.