الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

نيويورك تايمز: آبي أحمد خطط للحرب ضد تيجراي قبل فوزه بـ"نوبل"

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كشفت صحيفة نيويورك تايمز "أدلة" تفيد بأن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، كان يخطط للحرب في تيجراي قبل وبعد حصوله على جائزة "نوبل" للسلام في 2019، بالتعاون مع "حاكم مستبد"، مشيرة إلى أن اللجنة المشرفة على منحه الجائزة أخطأت في تقييمها للزعيم الإثيوبي الذي تحول من "صناع للسلام إلى قائد معارك".

وفي تقرير بعنوان "جائزة نوبل للسلام التي مهدت الطريق للحرب" قالت الصحيفة إن آبي الذي فاز بالجائزة لإحلاله السلام مع عدو بلاده القديم، استغل التحالف الجديد معه للتخطيط للحرب، واستمر هذا التخطيط لشهور قبل اندلاع الحرب في نوفمبر 2020.

ويقول التقرير إن الحرب "كانت من اختيارات آبي وبدأت بالفعل حتى قبل فوزه بجائزة نوبل للسلام في عام 2019 والتي حولته إلى أيقونة عالمية للسلام"، لكن بدلا من ذلك دخل في نزاع أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين في ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.

وقال جيبريمسكل كاسا، المسؤول البارز السابق في إدارة آبي والمقيم الآن في أوروبا في مقابلة: "منذ ذلك اليوم (تسلم الجائزة)، شعر آبي بأنه أحد أكثر الشخصيات نفوذا في العالم".

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

وفاز آبي بجائزة نوبل للسلام لعام 2019 لجهوده في إنهاء عقدين من العداء مع إريتريا، وقالت لجنة نوبل النرويجية في أسباب منح الجائزة المرموقة إنها تمثل تقديرا "لجميع الأطراف المعنية التي تعمل من أجل السلام والمصالحة في إثيوبيا وفي مناطق شرق وشمال شرق أفريقيا".

وقال دان سميث، رئيس معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن قرار لجنة نوبل هدف فيما يبدو إلى تشجيع عملية السلام، على غرار جائزة عام 1994 التي تقاسمها قادة إسرائيليون وفلسطينيون وجائزة عام 1993 التي مُنحت لجهود المصالحة في جنوب أفريقيا.

ويقول التقرير الجديد إن الاتفاق مع إريتريا أنهى عقدين من العداء بين الخصمين المجاورين، لكن الجائزة شجعت آبي والزعيم الإيرتيري الذي أبرم معه اتفاق السلام، أسياس أفورقي، على "التخطيط سرا" لمسار حرب ضد خصومهما المشتركين في تيغراي، وفقا لمسؤولين إثيوبيين حاليين وسابقين تحدثوا للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتهم لتجنب الأعمال الانتقامية أو حماية أفراد الأسرة داخل إثيوبيا.

وفي الأشهر التي سبقت اندلاع القتال، في نوفمبر 2020، حرك أبي القوات باتجاه تيغراي وأرسل طائرات شحن عسكرية إلى إريتريا. ووراء الأبواب المغلقة، ناقش مستشاروه والجنرالات العسكريون أهمية القتال في تيغراي، ومن عارض الفكرة، كان مصيره القتل أو النفي.

وظهر رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي تحدث أمام لجنة نوبل عن مآسي الصراع وأهمية إحلال السلام، الشهر الماضي مرتديا الزي العسكري ويقود القوات في جبهات القتال ضد مقاتلي تيغراي في شمال البلاد، وأصر حينها على أن الحرب "فرضت عليه" وذلك عندما هاجم التيغاريون قاعدة عسكرية للجيش الأثيوبي، وقال: "لقد اضطررنا لهذه الحرب. لكننا سننتصر".

وأظهرت السجلات العامة والتقارير الإخبارية أن آبي وأسياس التقيا 14 مرة على الأقل من وقت توقيع اتفاق السلام حتى اندلاع الحرب. وقال مسؤولان إثيوبيان سابقان للصحيفة الأميركية إن الاجتماعات كانت في الغالب على انفراد دون مساعدين أو تدوين ملاحظات.

وتشير التقارير إلى أنهما التقيا "سرا" في ثلاث مناسبات أخرى على الأقل بين عامي 2019 و2020، وزار الزعيم الإرتيري صديقه في أديس أبابا بشكل غير معلن، على حد قول مسؤول سابق. وصدرت تعليمات لسلطات الطيران بالتزام الصمت.

وقال مسؤول إثيوبي كبير إن طائرات الشحن العسكرية الإثيوبية أطلقت رحلات سرية ليلا إلى قواعد في إريتريا. وقال المسؤول السابق للصحيفة إن كبار مساعدي آبي والمسؤولين العسكريين كانوا يتجادلون بشأن أهمية الحرب في تيغراي، وكان من بين المنشقين عن قرار الحرب قائد الجيش الإثيوبي الجنرال آدم محمد.

وزار المسؤولون الإريتريون بانتظام منطقة أمهرة، واحتشدت الحشود في الشوارع عندما زارها أسياس في نوفمبر 2018 مرددين هتافات، "أسياس، أسياس، أسياس!". وزار المنطقة أيضا رئيس المخابرات الإريترية، أبراهها كاسا.

ووافقت إريتريا على تدريب 60 ألف جندي من قوات أمهرة الخاصة، وهي وحدة شبه عسكرية انتشرت لاحقا في تيغراي.

ويشير التقرير إلى أنه كان لدى أسياسي ضغينة قديمة ضد جبهة تحرير تيجراي الشعبية، التي هيمنت على إثيوبيا لما يقرب من ثلاثة عقود حتى وصل آبي إلى السلطة في عام 2018، وكان يتهم قادة تيجرايين بالتسبب في الحرب الحدودية بين إثيوبيا وإريتريا، وألقى باللوم عليهم في عزلة إريتريا الدولية.

وبالنسبة لآبي، فقد شعر بالعزلة وسط هذه المجموعة، عندما خدم في الائتلاف الحاكم الذي هيمنت عليه "جبهة تحرير تيجراي الشعبية" لمدة ثماني سنوات وتوليه منصب وزير في عام 2015، "ولكن بصفته من عرقية الأورومو لم يشعر أبدا بالقبول التام من تيجراي وعانى من الإذلال"، على حد قول مسؤولين سابقين وأصدقاء له.

وعندما وصل إلى السلطة في 2018، اعتبر التيجرايين "أكبر تهديد لسلطته، وربما حياته، وقد صرح لأصدقائه بأنه يخشى محاولة مسؤولي الأمن في تيجراي اغتياله. وقال أحد معارفه إن التيجرايين كانوا يفضلون مرشحا آخر لمنصب رئيس الوزراء.

وبحلول سبتمبر 2020، كان التيجراي يستعدون للحرب، ويبحثون عن حلفاء في القيادة الشمالية، أقوى وحدة عسكرية في إثيوبيا، والتي كان مقرها في تيجراي.

وأجرى أهالي تيجراي الانتخابات الإقليمية في سبتمبر، في تحد صريح لأوامر آبي. وقال جيبريمسكل، المسؤول الكبير السابق، إن آبي أخبر مسؤولي الحزب الحاكم أنه سيتدخل عسكريا في تيجراي، وأن الأمر سيستغرق من ثلاثة إلى خمسة أيام فقط للإطاحة بقادة المنطقة.

وفي 2 نوفمبر، ناشد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل فونتيل، الجانبين علنا لوقف "عمليات الانتشار العسكرية الاستفزازية" التي حدثت في ذلك الوقت.

وفي مساء اليوم التالي، هاجمت قوات تيجراي قاعدة عسكرية إثيوبية، وتدفق الجنود الإريتريون على تيجراي من الشمال ووصلت قوات أمهرة الخاصة من الجنوب وأقال آبي الجنرال آدم وأعلن عن "عملية لإنفاذ القانون" في تيجراي.

وقالت نيويورك تايمز في تقريرها إن "الانتصار العسكري السريع والسهل الذي وعد به أبي لم يتحقق"، وهزم تيجراي القوات الإثيوبية وحلفاءهم واقتربوا من العاصمة، قبل أن تتغير دفة الحرب وتستعيد القوات الحكومية مدينتين استراتيجيتين استولت عليهما تيجراي، لكن في المحصلة أدى الصراع إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.

وتقول الأمم المتحدة إن النزاع أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص ودفع مئات الآلاف إلى ظروف تشبه المجاعة، مع ورود تقارير عن مذابح واغتصاب جماعي ارتكبها طرفا النزاع. 

وقول محللون إن "رحلة آبي من صانع السلام إلى قائد في ساحة المعركة هي قصة تحذيرية عن كيف أخطأ الغرب، الساعي وراء إيجاد بطل جديد في إفريقيا، لهذا القائد بشكل خاطئ".

وقال هنريك أوردال، من معهد أبحاث السلام في أوسلو، إن لجنة نوبل النرويجية كانت تعلم أنها تغامر بآبي، مشيرا إلى أن إصلاحاته الداخلية كانت "هشة"، والسلام مع إريتريا "تركز على علاقته بأسياسي أفورقي الحاكم الاستبدادي الوحشي".

وتشير الصحيفة إلى أن مسألة تسيير رحلات تجارية يومية بين البلدين وإعادة فتح الحدود التي تم الاتفاق عليها لم تستمر، والاتفاقات التجارية الموعودة لم تتحقق، ولم يكن هناك تعاون ملموس يذكر.