الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

تفاصيل "خطة الطمأنة" الأمريكية لتطبيع العلاقات مع طالبان

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


كشفت مصادر سياسية ودبلوماسية عن عقد اجتماعات بين مسؤولين أمريكيين، وممثلين لحركة طالبان الحاكمة في أفغانستان، من أجل بحث خطة واشنطن لتطمين العالم تجاه الحركة، وتطبيع العلاقات بينها وبين جميع الدول. 
وذكرت المصادر أن توماس وسيت، الممثل الأمريكي الخاص لأفغانسان، عقد على مدار يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، اجتماعات مكثفة في العاصمة القطرية الدوحة، مع مسؤولي بحركة طالبا، وبحضور ممثلين عن وزارتي الخارجية، والخزانة، الأمريكيتين،  وكذلك مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمجتمع الاستخباراتي.  
المصادر كشفت عن أن الاجتماعات التي جرت على مدار يومين، شهدت مباحثات مكثفة حول الإجراءات التي سيتم اتباعها داخل أفغنستان، بإشراف أمريكي، من أجل تقديم تطمينات لدول العالم، تسمح للحركة بإقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية وسياسية قوية مع جميع دول العالم، ضمن تحركات للانفتاح على المجتمع الدولي، تسمح لطالبان بالاستقرار في حكم أفغانستان. 
تسويق الحركة 
ويرى الدكتور فتحي العفيفي أستاذ الفكر الاستراتيجي بجامعة الزقازيق، أن التحركات الأمريكية، تستهدف تسويق طالبان، كنظام حكم مدني، يمكن التعاون معه دون خوف من تصدير الإرهاب أو استغلال العلاقات مع الدول المجاورة وغيرها، من أجل ترسيخ الوجود الإرهابي في آسيا. 
العفيفي أشار إلى أن المعلومات الواردة حول لقاء المسؤولين الأمريكيين، مع نظرائهم في طالبان بالدوحة، شهد مناقشات موسعة حول ترتيب الملفات الداخلية، وأهمها إطلاق عملية شاملة للمصالحة الوطنية، حتى تقبل القبائل الأفغانية بحكم الحركة، وبالتالي يعود الاستقرار للدولة، لتتفرغ لإقامة وترسيخ دعائم نظام حكم يكون قادرا على التصدي للقضايا المهمة أمنيا واقتصاديا وسياسيا في منطقة وجودة في آسيا. 
المعلومات المعلنة حول اجتماع الدوحة، تضمنت أيضا تأكيدات متبادلة على التعهد الطالباني بعدم السماح بصدور تهديدات ضد أية دولة في العالم من الأراضي الأفغانية. 
المباحثات تضمنت أيضا أن تتعهد طالبان بتوفير مخارج آمنة لجميع مواطني دول العالم الراغبة في مغادرة أفغانستان، وأيضا حماية حقوق المواطنين الأفغان، وبخاصة النساء والأطفال، والأقليات، وعدم المساس بهم لأسباب خارج نطاق القانون الدولي لحقوق الإنسان.  
ويعلق العفيفي على هذه المعلومات بالإشارة إلى أن هذه التعهدات من طالبان، قابلها تعهد أمريكي بتقديم جميع أنواع الدعم لطالبا، والجهات الراغبة في إقامة علاقات معها.   
ولفت العفيفي إلى أن طالبان تريد أن تحصل على تعهدات أمريكية برفع العقوبات المفروضة على أفغانستان، أو تيسير فرص توفير الدعم الإنساني وإيصاله إلى المواطنين الأفغان، مضيفا: "وهذه جدلية ليست سهلة، في ظل رغبة واشنطن في ألا يؤدي التساهل في دعم الجهود الإنسانية، إلى وصول هذا الدعم إلى كيانات وأفراد خاضعين للعقوبات، خاصة أن الإدارة الأمريكية تعتبر هذه الكيانات وهؤلاء الأفراد متورطين في جرائم إرهابية. 
المعلومات تشير أيضا إلى أن واشنطن طالبت الحركة باتخاذ خطوات محددة لتحويل التصريحات الصادرة من قادة الحركة، بشأن دعم النساء والأقليات، والوفاء بالحقوق الأساسية لهم، لا سيما في مجال الصحة والتعليم، إلى واقع ملموس بالقوانين الملزمة، والإجراءات الواقعية. 
وتشير المصادر التي اطلعت على تفاصيل الاجتماعات التي جرت بين الجانبين، في الدوحة، إلى أن حركة طالبان شددت على أنها منفتحة على التعامل مع المجتمع الدولي، في جميع المجالات، وبخاصة تلك التي تعاني من أزمات في أفغانستان. 
ملفات متشعبة 
من جهته يرى الدكتور عبد الحكيم الطحاوي، الدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق، أن وجود طالبان في الحكم بأفغانستان، يرتبط بسلسلة طويلة من الملفات المشتعبة ذات التأثير على أمن الشرق الأدنى. 
وأوضح أن أبرز الملفات المتعلقة بأمن تلك المنطقة المهمة من العالم، هو دور طالبان في مكافحة الإرهاب، وحماية حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الاجتماع الأمريكي انصب في شقه الأمني، على بحث سبل وفاء طالبان بالتزامها المعلن بعدم السماح بتهديد أية دولة في العالم، انطلاقا من أراضي الأفغانية.    
وأشار الطحاوي إلى مدلول إعلان السلطات الأمريكية لقلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان، موضحا أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة اعتادت أن تستغل هذا الملف، لفرض سياسات بعينها على الدول. 
وقال: "حديث أمريكا عن انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان، وإن كان واقعيا فإنه في الوقت ذاته يشير إلى أن واشنطن تريد تحقيق عدد من الأهداف، أبرزها أن تجدد طالبان التزامها بعدم التراجع عن العفو العام الذي أعلنته تجاه خصومها من الفصائل التي رفضت وجود الحركة، وقاتلت ضدها، بالإضافة إلى تشكيل

حكومات تشمل جميع لأطراف دون إقصاء".  
ولفت الطحاوي إلى أن تصريح محمد أخوند، رئيس حكومة طالبان، وأحد مؤسسي الحركة، بأن حكومته لن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، يشير إلى أن الحركة تريد إقامة علاقات سلمية مع العالم، إن صدقت هذه التصريحات على أرض الواقع. 
وخلال الأيام الماضية قال أخوند أكثر من مرة إن حركته لا تريد أن تتدخل في شؤون الدول الأخرى، ولا تبحث عن خلق مشكلات تؤدي إلى انعدام الأمن الإقليمي أو الدولي، كما شدد على أن ما يهم بلاده حاليا هو إقامة علاقات اقتصادية جيدة مع العالم، تسمح بإنقاذ الموقف الإنساني داخليا قبل أن يتفاقم ويؤدي إلى انهيار التجربة.  
الأزمة الإنسانية 
ووفقا للمعلومات فإن الحكومة الطالبانية تواجه أزمات خطيرة، أبرزها  انهيار الأوضاع  الاقتصادية، خاصة أنها كانت تعتمد في 80% من إنفاقها على المساعدات الدولية، التي كانت تقدم لحكومات ما قبل طالبان.  
الأوضاع الاقتصادية تشير إلى ارتفاع خطير في معدلات التضخم، والبطالة، وانهيار للنظام المصرفي في البلاد، لا سيما بعد أن جمدت الولايات المتحدة 10 مليارات دولار من أموال وأصول البنك المركزي الأفغاني، كما أوقف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تمويلهما لأفغانستان. 
يأتي هذا فيما حذرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، غير مرة من احتمالات تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان، على ضوء الانهيار الاقتصادي، الأمر الذي يضع نصف سكان الدولة البالغ تعدادها 38 مليون نسمة تحت وطأة الجوع.