الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"طوفان البلاستيك" كلمة السر وراء مخاطر التغير المناخي.. تقارير دولية: أمريكا أكثر الدول مساهمة في النفايات البلاستيكية.. و18 مليون طن من المخلفات تأتي من جنوب آسيا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"طوفان البلاستيك" كلمة السر وراء مخاطر التغير المناخي.. تقارير دولية: أمريكا أكثر الدول مساهمة في النفايات البلاستيكية.. و18 مليون طن من المخلفات تأتي من جنوب آسيا.. وخبراء: البلاستيك يبقى في البحار 500 سنة دون أن يتحلل.. وإعادة التدوير والاستبدال بالتغليف الورقي الحل الأمثل.

قد يستغرب البعض حينما نقول إن زجاجة المياه البلاستيكية أو كيس المهملات التي يلقيها في الشارع هو السبب وراء الأعاصير التي تجتاح العالم، وذوبان الأنهار في القارة القطبية الجنوبية، إلا أنها حقيقة صادمة أكدها تقرير حديث صادر عن مجموعة البنك الدولي، التي أكدت أن هناك صلة وثيقة بين نفايات البلاستيك وإعصاري ساندي وكاترينا في الولايات المتحدة، وذوبان الأنهار الجليدية في "أنتاركتيكا"، وموجات الحر في فصل الصيف، وتآكل المناطق الساحلية في أستراليا، وغيرها من الكوارث الطبيعية التي تصيبنا بوتيرة أكبر.

وقال التقرير إن النفايات البلاستيكية تعد من العوامل الرئيسية وراء الكثير من التداعيات السلبية لتغير المناخ، مشددا على أن التحذير من خطورة ودور النفايات البلاستيكية وصناعة البلاستيك في تغير المناخ لا يحظى غالبًا بالقدر الكافي من الاهتمام، بل تتجاهله الكثير من المؤسسات والدول. 

ورصد تقرير البنك الدولي 6 حقائق تؤكد العلاقة الوثيقة للنفايات البلاستيكية بالتغير المناخي وتداعياته السلبية، وكان أبرزها أن البلاستيك يأتي من الوقود الأحفوري، وتشكل صناعة البلاستيك نحو 6% من استهلاك النفط العالمي، ومن المتوقع أن تبلغ 20% بحلول عام 2050، نتيجة لذلك، فإنه بسبب العمليات الكثيفة الاستهلاك للطاقة اللازمة لاستخراج النفط وتكريره، فإن إنتاج البلاستيك يولد كميات هائلة من انبعاثات غازات الدفيئة.

كما أكد التقرير على حقيقة صادمة ألا وهي أن ما يعاد تدويره من النفايات البلاستيكية لا يتجاوز 9% على مستوى العالم، فيما يتم التخلص بـ 91 % الباقية في البيئة والطبيعة، وتُعد بلدان جنوب آسيا من أكبر مصادر النفايات البلاستيكية في العالم، إذ تتخلص مما يربو على 26 مليون طن من البلاستيك يوميًا، وتُعد نسبة النفايات التي يتم التخلص منها في مكبات مكشوفة في منطقة جنوب آسيا الأعلى عالميًا، حيث تبلغ 75% من إجمالي حجم النفايات في العالم.

وحذر التقرير من أن تجاهل إعادة تدوير النفايات البلاستيكية أو التخلص منها بطريقة خاضعة للرقابة، فإنها تولد انبعاثات غازات الدفيئة عند تعرضها لأشعة الشمس سواء في الهواء أو الماء، مشيرًا إلى أنه يوجد سوء إدارة لنحو 18 مليون طن من المواد البلاستيكية التي منشؤها جنوب آسيا، وهذه الكمية الضخمة تنجرف إلى المحيط حيث تطلق غازي الميثان والإيثيلين بسبب تعرضها لأشعة الشمس، ويُعد البولي إيثيلين أكبر مصدر لهذين الغازين، وهو أكثر البوليمرات الصناعية التي يتم إنتاجها والتخلص منها على مستوى العالم.

ودعا البنك الدولي إلى التوسع في عمليات إعادة التدوير، حيث أن ما تتم إعادة تدوير لا يتجاوز 5% من إجمالي النفايات في جنوب آسيا، مشددا على أنه في كل دقيقة، تُلقى في المحيط كمية من النفايات البلاستيكية تعادل حجم شاحنة قمامة، وهذه النفايات تتحلل في المياه إلى جسيمات بلاستيكية دقيقة وتساهم بشكل مباشر في تغير المناخ عن طريق انبعاثات غازات الدفيئة، وأيضًا بشكل غير مباشر بسبب تأثيرها السلبي على الكائنات الحية في المحيطات، حيث أن العوالق تحتجز 30-50% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية، ولكن بعد أن تمتص هذه العوالق الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، تتضاءل قدرتها على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

أمريكا الأكثر تلويثا بالمخلفات البلاستيكية

وكشف تقرير قدم للحكومة الأمريكية مطلع الشهر الجاري، أن الولايات المتحدة هي أكبر الدول المساهمة في المخلفات البلاستيكية حول العالم، المتحدة بحوالي 42 مليون طن متري من المخلفات البلاستيكية عام 2016، أي أكثر من ضعف ما ساهمت فيه الصين ودول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.

وذكر التقرير أنه في المتوسط، ينتج كل أمريكي 130 كيلوغراما من المخلفات البلاستيكية سنويا، فيما تأتي بريطانيا ثانية بمعدل 99 كيلوغراما للفرد سنويا، وكوريا الجنوبية ثالثة بمعدل 88 كيلوغراما للفرد في السنة.

وأوضح التقرير أن إنتاج البلاستيك العالمي ارتفع من 20 مليون طن متري عام 1966 إلى 381 مليون طن متري في 2015، بزيادة مقدارها 20 ضعفا على مدى نصف قرن، وقال التقرير إن ما يقدر بنحو بثمانية أطنان مترية من النفايات البلاستيكية تدخل العالم سنويا، وهو ما يعادل تفريغ شاحنة من النفايات البلاستيكية في المحيط كل دقيقة".

وقدّم التقرير عددا من الإجراءات لمعالجة الأزمة من بينها خفض إنتاج البلاستيك واستخدام مواد تتحلل بسرعة أكبر ويمكن إعادة تدويرها بسهولة والحد من بعض المواد البلاستيكية الأحادية الاستخدام وتحسين إدارة النفايات، مثل تقنيات إزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من مياه الصرف.

 الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية

وفي هذا الشأن، قال الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، إنه يجب العمل على التخلص الآمن من المخلفات البلاستيكية أصبح شيء غاية في الأهمية لما تمثله من خطورة على كل العناصر للبيئية بداية من الكائنات الحية في البحار والمحيطات ووصولا إلى التأثيرات المناخية.

ودعا "عرفة" في تصريحاته لـ"البوابة" إلى ضرورة العمل على اتباع سياسات الاستخدام الدائري، وإعادة التدوير، من أجل استغلال أمثل للمواد البلاستيكية، بالإضافة إلى تخليص البيئة من أضرارها من خلال تعظيم الاستفادة من المخلفات في إنتاج مواد جديدة. 

وأكد "عرفة أن الحفاظ على العالم من مخاطر التغير المناخي يتطلب تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 7.6 % كل عام على مدى العقد المقبل، من أجل إعادة العالم إلى المسار الصحيح والوصول إلى الهدف الرئيس وهو الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقارب 1.5 درجة مئوية.

الدكتور مجدي علام، مستشار وزير البيئة الأسبق

أما الدكتور مجدي علام، مستشار وزير البيئة الأسبق، فقال إن النفايات البلاستيكية أصبحت أزمة تؤرق العالم أجمع، وفي ظل تعالي الأصوات المطالبة بمحاربة التغيرات المناخية، تأتي مخلفات البلاستيك على رأس الأسباب التي تسهم في تعزيز التغيرات المناخية.

ولفت الخبير البيئي في تصريحاته لـ"البوابة" إلى أن خطورة المخلفات البلاستيكية في أنها لا تتحلل بشكل سريع على غرار المخلفات الأخرى، كما أنها تتسبب في إنتاج العديد من الغازات الضارة كما تقلل من قدرة العوالق على التخلص من الغازات الكربونية الضارة.

وتابع: "البلاستيك يتسبب في قتل الملايين من الكائنات الحية في البحر حيث يمكن أن تبقى المواد البلاستيكية لأكثر من 5 قرون دون أن تتحلل في البحر، الأمر الذي يجعل الكثير من الأسماك والكائنات البحرية تبتلعها ومن ثم تموت، مشيرا إلى أن من أخطر مخاطر البلاستيك أيضا هو السخونة ففي حال استخدام الأكواب البلاستيكية في المشروبات الساخنة تولد مواد وأحماض تصيب البشر بالأمراض السرطانية.

وأوضح الخبير أن الاتجاه للبلاستيك في صناعة أدوات التغليف والتعبئة جاء في البداية نظرا لرخص سعره، إلا أنه في ظل المخاطر التي تحيق بالعالم بسبب المخلفات البلاستيكية يجب أن نعمل على إعادة استغلال وتدوير النفايات البلاستيكية، والتوسع في استخدام أدوات التغليف الورقية كبديل مناسب قابل للتحلل.