الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«سيمو» امتداد «البوابة» في عاصمة النور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كان لويس التاسع، ملك فرنسا في القرن الثالث عشر، الذى نعرفه فى مصر بملحمة مدينة المنصورة فى القصة المعروفة فى الحرب الصليبية السابعة.. كانت له مقولة مشهورة يقول فيها: «إن مفاتيح القدس فى القاهرة»، ومن بعده توالى الملوك والرؤساء على فرنسا وفى عقيدتهم أن العلاقة مع مصر استراتيجية بالدرجه الأولى. رأينا ذلك فى عصر محمد على وأبنائه ثم عصور رؤساء مصر ما بعد ثورة يوليو 1952 وصولا للإدارة المصرية الحالية، التى أعطت لهذه العلاقات مع فرنسا خاصة دفعة قوية فى كافة المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها.

ومن هذا المنطلق الذى كان يفهمه جيدا كبار الخبراء والسياسيين، كانوا يرون أن تأثير فرنسا فى مصر كبير، ولكن تأثير مصر فى فرنسا لم يكن على مستوى العشق الفرنسى لمصر فى الظاهرة المعروفة تاريخيا وأدبيا باسم الولع بمصر أو «الايجيبتومانيا».

كان المستشرق الفرنسى الكبير، الراحل جاك بيرك قد وضع فى مقدمة كتابه الضخم عن مصر الحديثة خريطة تبدو فيها للرائى من باريس أنه ينظر عبر خط مستقيم ويعبر المتوسط ليصل إلى القاهرة، وكان هذا الخط الواصل بين العاصمتين المؤثرتين في محيطهما حيويًا بالنسبة للقارتين والحضارتين، وهو ما يعنى أن التفاهم بينهما حيوى للأمن والسلام فى العالم.

من هنا جاء مشروع الكاتب الصحفى الكبير د عبدالرحيم على بإنشاء مركز دراسات الشرق الأوسط فى باريس والذى أصبح معروفا الآن فى الأوساط الفرنسية باسم «سيمو»، وهو اختصار اسم المركز باللغة الفرنسية.

فى الواقع إن إنشاء هذا المركز كان معجزة إذا نظرنا إلى الظروف التى كانت تمر بها مصر سياسيا واقتصاديا وإعلاميا فى الفترة التى أعقبت قرار المصريين بالتخلص من حكم الإسلاميين فى بلادنا والاتجاه نحو إعادة بناء الدولة وإعادة الهيبة ليس فقط للحكم فى مصر وإنما أيضا لمكانة مصر فى المنطقة والعالم.

وقد وضع د. عبدالرحيم على كل الإمكانيات المادية والبحثية حتى يكون لهذا المركز مكانة كبرى وسط خريطة مراكز الأبحاث الشهيرة فى فرنسا وأوروبا، وكان قد شرفنى بإدارة هذا المركز وانطلقنا معا فى إقامة ندوات كبرى فى مختلف أنحاء أوروبا وبالطبع فى باريس، وكوّن المركز طاقما فريدًا من الباحثين الفرنسيين، وكذلك من كبار الصحفيين والكتاب الفرنسيين، وعلى رأسهم الصحفيان الكبيران بصحيفة لوفيجارو «إيف تريار وجورج ما البورونو» وكذلك سياسيون فرنسيون بارزون ووزراء بينهم وزير الخارجية الفرنسى الأسبق «رولان دوما» وجاك جود فرن. وكذلك أكاديميون مشهورون فى عالم البحث الأكاديمى الجيوبوليتيكى فى فرنسا.

وانطلاقا من باريس أقام مركز دراسات الشرق الاوسط ندوات في عواصم أوروبية مختلفة، جنيف وميونخ، وتعاون مع مراكز دراسات فى بروكسل ومدريد ولندن وغيرها حتى إنه أصبح رقما من الصعب تجاوزه فى خريطة مراكز الأبحاث فى أوروبا.

وكانت مقالات د. عبد الرحيم على فى مختلف الصحف الفرنسية تثير الاهتمام لأنها فتحت الطريق أمام الباحثين والسياسيين فى فرنسا لفهم طبيعة حركة الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين على وجه الدقه وخطرها على أوروبا كلها.

وأصبح لمركز «سيمو» فى باريس سمعة كبيرة حتى إن شخصيات على أعلى مستوى فى الرئاسة الفرنسية كانت تأتى إلينا لتبادل الآراء حول مختلف القضايا التى تهم البلدين. وهناك طموح كبير لدى المركز ومؤسسه لإنشاء مراكز اخرى في مدن وعواصم اوروبيه وامريكيه مهمه، بدأت بلندن، حيث تم تدشين فرع لمركز سيمو هناك قبل شهرين..

فى الواقع جاء سيمو ليملأ فراغا إعلاميا خلفه إغلاق مكتب الأهرام بباريس وفراغا بحثيا خلفه انعدام وجود مراكز بحثية مصرية فى أوروبا تعطى صورة أخرى لما يجرى فى مصر والعالم العربى غير تلك التى يتداولها الإعلام الغربى الذى استطاعت قوى معادية لمصر التأثير فيه.

والآن ونحن نحتفل فى باريس بمرور ثمانية أعوام على حلم إطلاق «البوابة» التى ولدت كبيرة محليا وأصبحت الآن كبيرة دوليا فإنه لا يسعنا إلا أن نأمل خيرًا لأن فريق العمل فى باريس هو جزء من كتيبة كبيرة تعمل فى القاهرة دون كلل ولا ملل وأصبح لدينا الحق الآن أن نفخر بأننا استطعنا أن نعبر بالإعلام المصرى إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط وأن تكون لنا كلمة مسموعة ليس فقط بالفرنسية والعربية وإنما بلغات أخرى كالإنجليزية والألمانية، وهذا يعنى شيئًا كبيرا للناس، هنا لأننا بتنا نتحدث بلغة العصر وأصبحنا نملك أدواته ونستخدمها من أجل مصلحة الوطن قبل كل شىء.

فتحية للمؤسس د. عبدالرحيم على ولكل الزملاء العاملين فى سيمو فى باريس ولزملائهم فى القاهرة، إننا أسرة واحدة نسير على نفس الخط الذى خطة العلامة جاك بيرك، وهو الخط الكبير الممتد من باريس إلى القاهرة والذى أستطيع أن أقول الآن إنه يمتد من القاهرة إلى باريس إلى ما شاء الله.