الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسوأ النساء فى التاريخ (1).. «سالومى» عاشقة «يحيى» وقاتلته و«عنيزة» عدو «صالح» وعاقرة الناقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ بدء الخليقة والصراع بين الخير والشر موجود داخل النفس الإنسانية بغض النظر عن جنس الإنسان أو جنسيته، دينه، أو لغته، أو مكانته الاجتماعية، رجلا أكان أم امرأة، وربما يكون الفارق الوحيد هو أن المرأة أكثر قدرة من الرجل على الخداع أو التخفى وأخطر من حيث الأساليب التى تتبعها للتعبير عن الشر عندما يتملك منها، ويخرج عن السيطرة فتمتد آثاره المدمرة حتى إلى أقرب الناس إليها.

الاعتقاد السائد بأن الجريمة يرتكبها الرجال، وأن طبائع النساء التى تتسم بالنعومة لا تساعد على ارتكاب الجريمة. من المؤكد أن هذا الانطباع خاطئ حيث إن الجريمة ومنذ الخليقة ارتبطت بالإنسان وبصرف النظر عن جنسه، وإن كانت نسب الذكور تفوق النساء.

وقد اهتم علماء الاجتماع الجنائى وعلم الإجرام بأنماط الجريمة، وحاولوا أن يفسروا أسباب ارتكاب الجريمة كما قدموا لنا تفسيرات متعددة للسلوك المنحرف والإجرامى فى المجتمع.

وبدا الاهتمام فى الآونة الأخيرة كما تقول الكاتبة سلمى مجدى فى كتابها الذى حمل عنوان (أسوأ النساء فى التاريخ) لكثير من الباحثين بجرائم النساء وخصوصا بأن سجلات الشرطة والمحاكم كشفت بأن كثيرا من الجرائم تكون المرأة الدافع فى ارتكابها وإن نفذها الرجل.

وتقول إن العالم «بولاك» قد قام بدراسة جرائم النساء وخرج بمجموعة من النتائج، والتى كان من أهمها أن إجرام النساء هو نتيجة شرور خفى ومقنع، وأن المرأة لا تختلف عن الرجل فى سلوكها العدوانى، وربما تتفوق المرأة على الرجل فى سمات العنف.

كما أشارت بعض الدراسات فى علم اجتماع الجريمة إلى أن النساء يلعبن دورا ثانويا فى جرائم النصب والاحتيال مقارنة بالدور الرئيسى الذى يلعبه الرجال، إلا أنهن يستخدمن الدهاء والحيلة ويؤدين دورا فى هذه الجرائم من خلال استخدام وسائل الإغراء التى تتمتع بها المرأة.

ومن الطرائف التى تم اكتشافها أن الجريمة لا علاقة لها بتفاوت القوة الجسمانية حيث تبين أن القوة البدنية لم تعد لها أهمية فيما يتعلق بارتكاب النساء للجرائم التى يرتكبها الرجال.

وما يدعم الحقائق العلمية أن المرأة لا تختلف عن الرجل فى تعبيرها عن الشر الذى يعتمل فى نفسها وارتكابها للجريمة أو اتيانها السلوك العنيف.

وبالعودة للتاريخ سنجده يقدم لنا نماذج بشرية تمثل فى نسوة فى غاية السوء تملك الشر منهن فرحن يقتلن ويدمرن ويخربن ويشوهن وجه الحياة، بعضهن ملكات، وبعضهن أميرات بعضهن نجمات مجتمع شهيرات وبعضهن من العامة خرجن من قاع المجتمع بشر مستطير عبرن عنه بجرائم وحشية وضعتهن فى سجل أسوأ نساء التاريخ!

تقدم الكاتبة من خلال الكتاب عشرات النماذج لنساء هن الأسوأ فى تاريخ البشرية نساء من أهل القمة وأخريات من سكان القاع، يشتركن جميعهن فى ارتكاب أفعال خلعت عليهن جميعا لقب «الأسوأ».

فمن زوجات أنبياء كامرأة نبى الله نوح وامرأة نبى الله لوط، وكعنيزة بنت غنم التى استخدمت ابنتيها لتدبير مؤامرة قتل ناقة الله وآيته لنبيه صالح عليه السلام وقومه، وسالومى التى تآمرت مع أمها لدفع ملك فاسد لقتل نبى الله يحيى عليه السلام وامرأة العزيز التى راودت نبى الله يوسف عليه السلام عن نفسه واتهمته زورا وبهتانا!

كما يتناول الكتاب قصة دليلة رمز الغدر والخيانة والملكة كاترين الثانية الإمبراطورة الفاسدة والكونتيسة إليزابيث دراكيولا النساء، والملكة صفية التى دبرت مذبحة أبناء السلطان العثمانى الشهيرة، وتزوهسى الإمبراطورة الصينية التى كانت تلدع كالعقرب، والملكة «مارى الدموية» أسطورة الشر، ومدام بومبادور المركيزة اللعوب، وأولريكه ماينهوف أكبر زعيمة إرهابية عرفها العالم، وكاميلا بركر باولز المرأة التى حطمت أسطورة ديانا، وسوزان سميث قاتلة أطفالها، وزوجة سقراط ومعذبته، وزوجة تولتسوى رمز الشقاء للمبدعين، ونجمة السينما لانا تيرنر ومايرا هندلى الشبح الذى يطارد البريطانيين وإميلدا ماركوس الحسناء الحرباء.

وفى الكتاب أيضا والذى تتجاوز صفحاته الثلاثمائة صفحة قصة لولا مونتيز.. وآنا نيكول سميث، ومارى لويز، وكارمن مورى، وآنى موشيه بيراد، وريا وسكينة، وانشراح موسى، والإمبراطورة إيرين، وإيماس إدموندز، وشولا كوهين، وكاترين دى يونج، وآنا مارى ليستر، وكورا بيرل، وباربارة فيليرز، وإليزا لينش.

الكتاب يضم نساء ونساء آثرن التجرد من أنوثتهن بل ومن بشريتهن والتحليق فى عوالم الشر لتحتل كل منهن مكانها فى قائمة أسوأ النساء فى التاريخ.

سالومى ورقصة الشيطان

يحكى الكتاب قصة سالومى والتى تبدأ عندما اجتاحت فلول الجيش الرومانى أرض فلسطين، ووضع النسر فى كل مكان معبرا عن غلبة الرومانيين وذل الشعب تحت وطأة العدو الخارجى والخونة من أبناء بلاده وتفشى الفساد حتى وصل إلى رجال الدين والكهنة فى هذه الفترة خشى نبى الله «زكريا» على ضياع الدين بعد أن رأى أنه وهن، واشتعل رأسه شيبا ولم ير فى مواليه من يصلح أن يحافظ على هذا الدين من بعده.

لذا نادى ربه نداء خفيا يبثه خوفه على الدين ويرجو منه أن يرزقه ولدا من صلبه صالحا يقتدى به فى إحياء الدين لأنه لم ير فى عصبته وإخوته وبنى عمه شرار بنى إسرائيل من يستطيع فعل ذلك لذا خوفهم على الدين أن يغيروه أو يبدلوه.

استجاب الله دعاء زكريا ورزقه بغلام اسمه «يحيي» شب على تعاليم الدين القويم وحافظ عليه، وفى هذه الفترة من الزمن وتحت حكم الرومان تحالف «هيرودوس الأكبر» أحد ملوك بنى إسرائيل مع الذى راهن على نجاح الرومان ضد الفرس فكافؤه بتعيينه ملكا على فلسطين من ٣٧- ٤ قبل الميلاد فكان هذا الملك غير محبوب من شعبه لأنه نشر الثقافة اليونانية. وبعد وفاة الملك هيرودوس قسمت المملكة بين أبنائه الثلاثة فأخذ فيليب مشارف الشام وأخذ هيرودوشس الثانى منطقة الجليل، أما أركلوس فقد حكم مملكة اليهود التى تضم أورشليم المقدسة.

وقصة سالومى اتفقت عليها عدة روايات بأنها هى المحرضة على ارتكاب هذه الجريمة إذ سافر هيرودوس إلى روما ليناقش بعض المسائل التى تخص مملكته والجالية اليهودية هناك، فالتقى أثناء عودته بأخيه «فيليبس» وزوجته هيروديا وابنتهما سالومى وأعجب هيرودوس بهيروديا ووقعت فى قلبه كما مالت هى الأخرى إليه وآثرت الابتعاد بابنتها عن زوجها لتعود مع هيرودوس إلى طبرية عاصمة مملكته التى أطلق عليها هذا الاسم تملقا للإمبراطور الرومانى آنذاك «طيبا روس» وهكذا انتزع هيرودوس زوجة أخيه منه بعد أن رفض أن يطلقها، وعاد بها إلى قصره.

وعندما نتابع تفاصيل الرواية من الكتاب نجد أن «يحيي» عليه السلام قد علم برغبة هيرودوس فى الزواج من هيروديا وقال بعدم جواز ذلك لكن أصحابه وافوه وهو فى البرية عند نهر الأردن يعمد التائبين منتظر ظهور المسيح وممهدا الطريق أمامه بأن هيرودوس قد تزوج هيروديا وأقام احتفالا فى القصر ثم انتقل بها إلى قلعة ماكيروس حيث أقيمت الاحتفالات المتواصلة.

بعد أن اطمأن يحيى عليه السلام على ظهور المسيح ابن خالته تركه ليذهب إلى هيرودوس وهو ساخط على كل من الكهنة وحفظة الوصايا المتشدقين بطهارة البيوت والغيورين على الدين.

غضب الملك من تصرف «يحيي» عليه السلام وأمر جنوده فاقتادوه إليه. رأت سالومى «يحيي» فطاف خيالها بعيدا وتأملت بنية جسمه فتمنته وخالطتها الرغبة بالانتقام لأمها التى أغضبها وأذلها هذا الرجل. فسعت إلى الخدم تأمرهم بأن يهيئوا غرفة بأحسن فرش أن توقد فيها الأنوار ويوضع فيها الأكل والشراب فى هذا الوقت كان المعمدان يستقبل زائرا عزيزا على نفسه، كان ذلك عيسى ابن مريم ابن خالته ونبى الله المرسل إلى بنى إسرائيل وتكلم عيسى مع يحيى كثيرا موصيا له بالصبر والجلد مذكرا إياه بما لاقاه الأنبياء من تكذيب وتقتيل على يد هؤلاء العتاة.

سعد يحيى بهذه الزيارة التى أعقبها زيارة الجند يقودونه إلى الغرفة الخاصة التى أمرت سالومى بإعدادها وارتاب يحيى فى الأمر وظن أن الملك يريد مصالحته لكن دخول سالومى إليه أكد له أن شيئا من هذا لن يحدث.

وارتمت على الأرض أمامه كأنها أفعى تبعث فحيحها فى وجهه وتمارس إغراءها عليه لكن يحيى كما وصفه القرآن الكريم «سيدا وحصورا» ليس له طمع فى مثل هذه اللذات، وعندما رفضها لاعنا إياها سخطت كل السخط وعادت إلى الجموع وهم يحتفلون وأخبرت والدتها بما حدث.

نصحتها والدتها بأن تقوم إلى الرقص أمام الملك فهو يحب الرقص كثيرا وهى أحسن من تجيده وإذا طلب منها أن تتمنى عليه أى شيء فلا تذكر غير رأس يوحنا المعمدان.

وفعلت سالومى ما نصحتها به أمها ورقصت فشدت انتباه الجميع وقام الملك سعيدا عندما توقفت قائلا لها: ارقصى واطلبى ما شئت فإنى مانحه لك، نظرت سالومى إلى أمها فشجعتها على الإعراب عن طلبها رأس يحيى على طبق من ذهب.

ذهل الملك عندما سمع هذا القول وأدرك مدى خطورة ذلك لكن الجموع التى حوله والوضع الذى كان عليه جعله يستهين بالعواقب فأعطى الإشارة إلى إتمام ذلك وسارع الأمير عاشق سالومى ليعود بعد برهة ورأس المعمدان على طبق من ذهب ودمه فى طست وعيونه مفتوحة.

عنيزة وناقة الله

يعرف الكتاب عنيزة قائلا هى عنيزة بنت غنم بن مجلز وتكنى أم عثمان.. كانت عجوزا ولها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف إن هو عقر الناقة فله أى بناتها شاء فانتدب هذا وشاب آخر لعقرها. وسعيا فى قومها بذلك فاستجاب لهما سبعة آخرون فصاروا تسعة وهم المذكرون فى قوله تعالى «وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الأرض ولا يصلحون».

وذكر ابن جرير وغيره من علماء التفسير: أن سبب قتل الناقة أن امرأة منهم يقال لها عنيزة وتكنى أم عثمان كانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال كثير وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدفة ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان جعلا لمن التزم لها بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له: الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له: مصدع بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف وقالت له أعطيك أى بناتى شئت على أن تعقر الناقة فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن المحيا فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط.

وثمود قبيلة أو مجموعة قبائل من سكان شبه الجزيرة العربية القدماء كانوا يسكنون مدينة تسمى ثمود باليمن إلا أن مجموعة كبيرة انتشرت شمالا إلى الحجاز وسيناء وقد عدهم النسابون المسلمون القدامى من العرب القدماء وعاشوا منتصف الألفية الرابعة قبل الميلاد إلى القرن الثانى قبل الميلاد.

وحسب الكتب القديمة كما يقول الكتاب فهم كانوا بدوا وكان الله قد أطال فى أعمارهم حتى إن كان أحدهم يبنى البيت من اللبن «الطوب النيء» فينهدم وهو حى فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا.