الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الشعر يجمعنا.. "لهوى النفوس سريرة لا تعلم" لأبو الطيب المتنبي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..

تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.

واليوم ننشر قصيدة بعنوان "لهوى النفوس سريرة لا تعلم" للشاعر والحكيم أبو الطيب المتنبي.

لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ 
عَرَضًا نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ 
يا أُختَ مُعتَنِقِ الفوارِسِ في الوَغى 
لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنكِ وَأَرحَمُ 
يَرنو إِلَيكِ مَعَ العَفافِ وَعِندَهُ 
أَنَّ المَجوسَ تُصيبُ فيما تَحكُمُ
راعَتكِ رائِعَةُ البَياضِ بِعارِضي 
وَلَوَ أَنَّها الأولى لَراعَ الأَسحَمُ
لَو كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِبا 
فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ 
وَلَقَد رَأَيتُ الحادِثاتِ فَلا أَرى 
يَقَقًا يُميتُ وَلا سَوادًا يَعصِمُ
وَالهَمُّ يَختَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً 
وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ 
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ 
وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ 
وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ 
يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ 
لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ 
وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ 
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى 
حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ 
مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ الظُلمُ
مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد 
ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ يَحمي 
اِبنَ كَيغَلَغَ الطَريقَ وَعِرسُهُ 
ما بَينَ رِجلَيها الطَريقُ الأَعظَمُ
أَقِمِ المَسالِحَ فَوقَ شُفرِ سُكَينَةٍ 
إِنَّ المَنِيَّ بِحَلقَتَيها خِضرِمُ
وَاِرفُق بِنَفسِكَ إِنَّ خَلقَكَ ناقِصٌ 
وَاِستُر أَباكَ فَإِنَّ أَصلَكَ مُظلِمُ
وَغِناكَ مَسأَلَةٌ وَطَيشُكَ نَفخَةٌ 
وَرِضاكَ فَيشَلَةٌ وَرَبُّكَ دِرهَمُ 
وَاِحذَر مُناواةَ الرِجالِ فَإِنَّما 
تَقوى عَلى كَمَرِ العَبيدِ وَتُقدِمُ 
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي 
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا 
يَفهَمُ يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِهِ 
تَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ 
يُلجَمُ وَجُفونُهُ ما تَستَقِرُّ كَأَنَّها 
مَطروفَةٌ أَو فُتَّ فيها حِصرِمُ 
وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثاً فَكَأَنَّهُ 
قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِمُ يَقلي 
مُفارَقَةَ الأَكُفِّ قَذالُهُ 
حَتّى يَكادَ عَلى يَدٍ يَتَعَمَّمُ 
وَتَراهُ أَصغَرَ ما تَراهُ ناطِقًا
وَيَكونُ أَكذَبَ ما يَكونُ وَيُقسِمُ
وَالذُلُّ يُظهِرُ في الذَليلِ مَوَدَّةً
وَأَوَدُّ مِنهُ لِمَن يَوَدُّ الأَرقَمُ 
وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ
وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ.