السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحديقة الصغيرة لسعيد الشباسي.. شهادة جمال ونموذج يحتذى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جمال الحياة لا يوصف بالأشياء الكبيرة المبهرة والمكلفة بل يكمن جمالها في  عفويتها وبساطتها، تلك البساطة التي تتلخص في زهرة أو نسمة  أو بسمة على وجه طفل أو صخب محبب وهم يلعبون معا في شارع نظيف. 

كانت شرفاتنا تطل على مكان واسع  نظيف نفضل لأطفالنا أن يلعبوا فيه، حتى نراقبهم ونحن نجلس بأريحية فلا نزول إلى نوادي ولا مواصلات  أو مواعيد. والأجمل هو أن يصعد الأطفال إلى بيوتهم وقتما يشاؤون أو حينما ننادي عليهم لينضموا إلى الغداء ثم معاودة اللعب من جديد. وذات يوم  وجدنا جبلا صغيرا من أكياس قمامة ألقاها سكان الشوارع المجاورة في هذا المكان. قمامة تراكمت بشكل سرطاني وسببت مشاجرات يومية بيننا وبينهم لأنهم هم من يلقونها. ناهيك عن الذباب والحشرات والروائح الكريهة القطط والكلاب ونابشي القمامة وبائعي الخردة الذين يفجرون الأكياس ليزيدوا الأمر بشاعة. نقدم الشكاوى العديدة للوحدة المحلية فتستجيب بالتنبيه عليهم تارة وباستخدام معدات النظافة وعمالها تارة أخرى. لكن المعركة  بين أنصار النظافة ومن يلقون القمامة ما تلبث أن تهدأ حتى تبدأ من جديد. وصل الأمر إلى الشجار وحراسة المكان ووصل الإبداع في طرق إلقاء القمامة إلى التسحب ليلا أو إلقائها وحرقها فيصلنا الدخان في شققنا لنختنق به ويهرع أصحاب أمراض الحساسية إلى بخاخاتهم وأجهزهم المعينة على عبور الأزمة.  تعاونا جميعا، وأكثر من مرة بشكل أهلي لإزالتها تشاركنا جميعا في تكلفة استئجار الجرارات وعودة المكان إلى طبيعته الأولى. لكن الأمر لم يتغير حتى صار الغضب رفيقنا الذي يقفز إلى نفوسنا كلما نظرنا من شرفاتنا  تعبنا من الأمر لكننا لم نستسلم، ولم تستسلم ذائقتنا للنظافة والجمال. وذات يوم ودونما سابق إنذار فتحنا شرفاتنا وصرخنا من الفرح. نكاد لا نصدق ما تراه عيوننا. هناك حديقة صغيرة مكان جبل القمامة. هناك نباتات بالفعل أشجار صغيرة واقفة تبتسم لنا. تساءلنا جميعا من الذي فعل ذلك من صاحب هذا الجمال؟ وكيف حدث ذلك في ليلة واحدة؟ لم يكن سحرا كسحر الأساطير وحكايات الأطفال بل سحر الفعل. جارنا العزيز سعيد الشباسي في ليلة لم يشكو ولم يتشاجر ولم يتحدث كثيرا بل أخد على عاتقه التنفيذ. أحضر ليلا من قام بتنظيف المكان وأحضر الشتلات وسقى الأرض ووضع الشتلات وحماها بألواح من الخشب وربط بينها بالحبال. في هذا اليوم كنت نهنىء بعضنا البعض كأنه يوم عيد. حرصنا أن نشكر سعيد صديقا وجارا عزيزا ونموذجا أقدم تجربته وأشيد بها. تجربة الفعل لا القول. تجربة البساطة والنظافة الجمال. تجربة الموطن المشارك والفعال في بيئته. والمحب لمجتمعه ووطنه وليتنا جميعا مثله.