الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مكتبة المعرفة.. «أبو الشهداء» الحسين بن علي

غلاف كتاب أبو الشهداء
غلاف كتاب أبو الشهداء الحسين بن علي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمتلئ المكتبة العربية بآلاف الكتب القيمة والرائعة ذات القيمة المعرفية الثابتة والمعلوماتية الثمينة، شملت كافة أنواع الكتابة الدينية والتاريخية والتوثيقية وغيرهم من كتابات عديدة متنوعة.

وخلال تلك السلسلة التي تحمل عنوان "مكتبة المعرفة" تركز "البوابة نيوز" في كل حلقة على كتاب له قيمة تاريخية معرفية سواء لمحتواه أو كاتبه، وتحمل الحلقة الأولى كتاب "أبو الشهداء الحسين بن علي" للكاتب الراحل عباس محمود العقاد، الذي صدر سنة 1945.

يقول العقاد في مقدمة الكتاب: "يسرني أن أقدم إلى حضرات القراء هذه الطبعة من كتاب «أبي الشهداء» ويعظم رجائي أن يصل إلى أيدٍ كثيرة غير التي وصل إليها في طبعاته السابقة، وأن يتحقق له من عموم الرسالة بهذه المثابة ما يتمناه كل مؤلف لكل كتاب يريد به رسالة من الرسالات".

وفي هذه الآونة التي تتردد فيها هذه الحقيقة في كل زاوية من زوايا الأرض نلتفت نحن أبناء العربية إلى ذكرى شهيدها الأكبر فنحني الرءوس إجلالًا لأبي الشهداء.

وقد كان معاوية ولا ريب ينوي أن يجعلها دولة أموية متعاقبة في ذريته من بعده، منذ تصدى للخلافة، وخلا له المجال من أقوى منافسيه، إلا أنه كان يتردد ويتكتم ولا يفضي بنيته إلى أقرب المقربين إليه، ثم كبرت سِنُّه وخاف أن يعجل عن قصده، فمهد لبيعة ابنه يزيد بعض التمهيد، وتوسل إلى ذلك بما طاب له من وسيلة؛ فلباه أهل الشام وكتب بيعته إلى الآفاق، ثم همه أمر الحجاز فكتب إلى مروان بن الحكم عامله أن يجمع من قبله لأخذ البيعة منهم ليزيد، فأبى مروان وأغرى رءوس قريش بالإباء لأنه كان يتطلع إلى الخلافة بعد معاوية ويحسبه أقدر عليها من يزيد؛ لما اشتهر به من نقص وعبث … فعزله معاوية وولى سعيد بن العاص مكانه، فلم يجبه أحد إلى ما أراد، فكتب معاوية إلى عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر، والحسين بن علي، وأمر عامله سعيدًا أن يوصل كتبه إليهم ويبعث إليه بجواباتها، وقال لسعيد: «فهمت ما ذكرت من إبطاء الناس، وقد كتبت إلى رؤسائهم كتبًا فسلمها إليهم، ولتشد عزيمتك وتحسن نيتك، وعليك بالرفق، وانظر حُسينًا خاصة فلا يناله منك مكروه، فإن له قرابة وحقا عظيما لا ينكره مسلم ولا مسلمة، وهو ليث عرين، ولست آمنك إن ساورته ألا تقوى عليه.

كتب إلى عامله بالمدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: أن «خذ حسينًا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذًا شديدًا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام»، وقد ذهب رسول الوليد إلى الحسين وابن الزبير، فوجدهما في المسجد؛ فعلم الحسين ما يراد منه، وجمع طائفة من مواليه يحملون السلاح، وقال لهم وهو يدخل بيت الوليد: «إن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا عليَّ بأجمعكم، وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج عليكم، وهكذا انتهت المنافسة بين بني أمية وبني هاشم إلى مفترق طريق لا سبيل فيه إلى توفيق، ولم تنقطع قط سلسلة هذه المنافسة منذ أجيال، وإن غلبها الإسلام في عهد النبوة، وفي عهد الصديق والفاروق، لخص المقريزي المنافسة بين الهاشميين والأمويين في بيتين فقال: "عبد شمس قد أضرمت لبني هاشم حربا يشيب منها الوليد، فابن حرب للمصطفى، وابن هند لعلي، وللحسين يزيد".

لقد كان الحسين بن علي أحب إنسان إلى قلوب المسلمين، وأجدر إنسان أن تنعطف إليه القلوب، وكان النبي ﷺ هو الذي سماه، وسمى من قبله أخاه. قال عليٌّ رضي الله عنه: لما ولد الحسن سميته حربا، فجاء رسول الله فقال: «أروني ابني، ما سميتموه؟» قلت: «حرب!» فقال: «بل هو حسن»  وذهب إلى الحسين وإخوته كل ما في فؤاد النبي ﷺ من محبة البنين، وهو مشوق الفؤاد إلى الذرية من نسله، فكان - عليه السلام - لا يطيق أذاهما، ولا يحب أن يستمع إلى بكاء منهما في طفولتهما، على كثرة ما يبكي الأطفال الصغار، خرج من بيت عائشة يوما، فمر على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكي، فقال: «ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني؟»