الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نور الطهطاوى وضلمة الأحفاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إلى السيد رفاعة رافع الطهطاوى رائد النهضة والتنوير فى مصرنا الحديثة:
خالص تحياتنا فى ذكرى أيام مولدك المجيدة (220 عاما)، وخالص اعتذارنا عما فعله ويفعله السفهاء من أحفادك وأولهم للأسف كان واحدا من صلبك، شارك جماعة الظلام الإخوانجية فى تضليل وتجهيل شعبك الذى عشت عمرك من أجل تنوير عقله.
نعتذر، إن أحدًا من أحفادك لم ينشغل أو يشغل نفسه بقراءة تاريخك أيها العالم الجليل، أو حتى يقرأ بعضًا مما كتبته أو قمت بترجمته.
أحفادك يا صاحب مشروع النهضة الحقيقية، أخذوا اسم النهضة وأرادوا أن يلقوا بمصر فى حضن مكتب إرشاد الجماعة وخيرت الشاطر والأهطل مرسي.
أحفادك يا صاحب السعادة والعلم والفكر الحر، أرادوا عودة مصر إلى عصور الظلام.
أحفادك يرفضون الدولة المدنية التى ناضلت من أجلها، وتم نفيك من أجل حلمك فى المواطنة، والحرية والمساواة والإخاء.
أحفادك من المشايخ وأساتذة الأزهر، يُكفّرون الناس، ويحضون على العنف، ويقومون بتدريس كل ما هو متخلف فى تاريخ المسلمين.
أحفادك يا من تستحق ليس فقط تمثالًا، لكن هرمًا أول يسبق خوفو، يقومون بتخريج مئات وآلاف من المتخلفين تحت راية الأزهر، يدمرون ويحرقون ويقتلون الأبرياء باسم الإسلام.
أحفادك يا رسول التنوير، يلعبون تحت وهم الخلافة بقيادة تركيا، وأنت الذى قررت اعتماد لغتنا العربية فى أول وأعرق جريدة مصرية.
أحفادك يا رسول الحرية والإخاء والمساواة، يضربون ويقتلون وحتى يمثلون بأجساد طاهرة من أشقائى وأبناء الوطن.
أعتذر لك سيدى رفاعة الطهطاوي:
إن أكبر أحفادك السفير محمد فتحى رفاعة الطهطاوي، عمل مع قوى الظلام، رئيسًا لديوان الرئيس المعزول محمد مرسي، وتم القبض عليه على ذمة قضية تخابر مع رئيسه.
ونحن نقدم اعتذارنا جدنا العزيز نتذكر يوم ميلادك من شهر أكتوبر، هو مولد شيخ العلم والمعرفة والنهضة رفاعة رافع الطهطاوى (طهطا، محافظة سوهاج، 1801 - 1873 ).
هو: رفاعة بك بن بدوى بن على بن محمد بن على بن رافع، ويُلحقون نسبهم بمحمد الباقر بن على زين العابدين بن الحُسين بن فاطمة الزهراء.
نحن أمام نموذج فذ من الصعب تكراره تعالوا نتصفح بعضا من سيرته العطرة:
بدأ المنعطف الكبير كما تقول «موسوعة ويكيبديا» فى سيرة رفاعة الطهطاوى مع سفره سنة 1826 إلى فرنسا، ضمن بعثة عددها أربعين طالبًا أرسلها محمد على باشا على متن السفينة الحربية الفرنسية (لاترويت) لدراسة العلوم الحديثة.
وكان الشيخ حسن العَطَّار وراء ترشيح رفاعة للسفر مع البعثة كإمامٍ لها وواعظٍ لطلابها، وذهب كإمام ولكنه لم يكتفِ بدور الإمام، اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك، وبعد خمس سنوات حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذى نال بعد ذلك شهرة واسعة «تَخْلِيصُ الإِبْرِيزِ فى تَلْخِيصِ بَارِيز».
عاد رفاعة لمصر فاشتغل بالترجمة فى مدرسة الطب، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة فى العلوم الطبيعية.
وافتتح مدرسة الترجمة، التى صارت فيما بعد مدرسة الألسن وعُيـِّن مديرًا لها إلى جانب عمله مدرسًا بها، وفى هذه الفترة تجلى المشروع الثقافى الكبير لرفاعة الطهطاوي، ووضع الأساس لحركة النهضة، كان رفاعة أصيلًا ومعاصرًا من دون إشكالٍ ولا اختلاف، ففى الوقت الذى ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربى ونصوص العلم الأوروبى المتقدِّم نراه يبدأ فى جمع الآثار المصرية القديمة، ويستصدر أمرًا لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع.
وظل جهد رفاعة يتنامى بين ترجمة وتخطيط وإشراف على التعليم والصحافة، فأنشأ أقسامًا متخصِّصة للترجمة (الرياضيات - الطبيعيات - الإنسانيات) وأنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد، ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية.
وكانت ضمن أهم إنجازاته المبكرة إصدار جريدة الوقائع المصرية بالعربية بدلًا من التركية، هذا إلى جانب عشرين كتابًا من ترجمته، وعشرات غيرها أشرف على ترجمتها.
وواصل رفاعة مشروعه للنهضة والتنوير رغم نفيه بالسودان، فترجم هناك مسرحية تليماك لـفرانسوا فنلون وغيرها، وجاهد للرجوع إلى الوطن وهو الأمرُ الذى تيسَّر بعد موت عباس باشا وولاية سعيد باشا، وكانت أربعة أعوام من النفى قد مرَّتْ.
عاد رفاعة بأنشط مما كان، فأنشأ مكاتب محو الأمية لنشر العلم بين الناس وعاود عمله فى الترجمة (المعاصرة) ودفع مطبعة بولاق لنشر أمهات كتب التراث العربى (الأصالة).
قضى رفاعة فترةً حافلة أخرى من العمل الجامع بين الأصالة والمعاصرة، حتى انتكس الخديوى سعيد فأغلق المدارس وفصل رفاعة عن عمله سنة 1861.
ويتولى الخديوى إسماعيل الحكم بعد وفاة سعيد، سنة 1863 فيعاود رفاعة العمل ويقضى العقد الأخير من عمره الحافل فى نشاط غير محدود، ويشرف مرة أخرى وأخيرة على مكاتب التعليم، ويرأس إدارة الترجمة، ويصدر أول مجلة ثقافية فى تاريخنا رَوْضَةُ المَدَارِسِ، ويكتب فى التاريخ الكثير من المؤلفات الأخر، وكانت مدرسته مشعلًا للعلم، ومنارة للمعرفة، ومكانًا لالتقاء الثقافتين العربية والغربية..
يقول الكاتب والمؤرخ سامح جميل: عاد رفاعة لمصر سنة 1831 مفعمًا بالأمل منكبًّا على العمل فاشتغل بالترجمة فى مدرسة الطب، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة فى العلوم الطبيعية.
تجلى المشروع الثقافى الكبير لرفاعة الطهطاوى فى وضع الأساس لحركة النهضة التى صارت فى يومنا هذا، بعد عشرات السنين إشكالًا نصوغه ونختلف حوله يسمى الأصالة أم المعاصرة كان رفاعة أصيلًا ومعاصرًا من دون إشكالٍ ولا اختلاف، ففى الوقت الذى ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربى ونصوص العلم الأوروبى المتقدِّم نراه يبدأ فى جمع الآثار المصرية القديمة ويستصدر أمرًا لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع.
وظل جهد رفاعة يتنامى بين ترجمةً وتخطيطًا وإشرافًا على التعليم والصحافة، فأنشأ أقسامًا متخصِّصة للترجمة (الرياضيات - الطبيعيات - الإنسانيات) وأنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية.
ويرحل رفاعة الطهطاوي، تاركًا ثروة من الفكر والعلم، والأهم منهج وطريقة التفكير.
وأظنه لو أطل مرة أخرى على الحياة العلمية والثقافية فى مصر، لكان اختار الموت مرة أخرى.
كل سنة وأنت دائمًا طيب جدنا العالم رائد النهضة والتنوير: رفاعة رافع الطهطاوي.