الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

كيف يمكن لامرأة أن تكون قوية ؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يطالعني كثيرًا تعبير "Strong Independent Woman" ويعني حرفيًا "امرأة مستقلة قوية". دخل هذا المصطلع مشروع المصطلحات الخاصة بالمنظمة العربية للترجمة كما هو. وأعتقد أن هذا التعبير دقيق إلى حد بعيد من وجهة نظري لأنه يعمل على تكوين متلازمة من القوة والاستقلال معًا. عليك أن تسأل نفسك سؤالًا: هل يمكن لأي كائن أن يكون قويًا وهو غير مستقل؟. لا تحتاج أن تجعل هذا الكائن امرأة وأنت تسأل نفسك هذا السؤال. يمكنك أن تجعله رجلًا حتى. عليك أن تخرج من بوتقة التفاصيل الاجتماعية التي تحيط بك وتجيب على هذا السؤال. لا يوجد كائن يعتمد على آخر يكون قويًا. لذا عليها أن تكون مستقلة حتى تكون قوية. ولكن هل تريد هي أن تكون قوية؟
  يمكن للآخرين أن يريدوك كما يروق لهم. لكن ما يهمك أنت هو ما تريد أن تكون. الحق أن النساء يبحثن طوال الوقت عن بدائل للقوة المستقلة في معظم الأحوال. هناك دومًا فكرة الاكتمال بالزواج بدلًا من فكرة إيجاد رفيق مكتمل لامرأة مكتملة. وهناك فكرة السند البديل المتمثل في كبير العائلة إذا تعذر إيجاد سند بديل من زوج أو ابن أو ما شابه. ونسمع لمات مثل "سند، وضهر ولازم تتستتي "وكأنها رجل لا تصبح "ست" إلا بالزواج". كل ذلك بدلًا من فكرة التواجد في حياة الآخرين كامرأة تكون هي أيضًا قوة يستقوي بها الآخر كما تستقوي هي به.
  فكرة المرأة القوة لن تواجه بمقاومة شديدة إذا مارسها الجميع بشكل لا يختلف مع الحقوق الممنوحة سلفًا للمرأة. من سيمنعها من استقلالها في الإنفاق على نفسها؟ أعلم أن هذه الففكرة تواجه بالكثير من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها النساء تحديدًا في سوق العمل، لكن لكل قوة بداية تكوين، وهي ليست مستحيلة في مجتمعنا الذي قبل عمل المرأة منذ عصور ما قبل التاريخ. بل إن المرأة التي لا تعمل في مصر يستغربها المجتمع. أظن أن من يقرأ كلماتي قد يستغرب بداية لكنه حين يراجع تاريخ مصر حتى الآن يجد أن هذا المجتمع يحترم عمل الإنسان إلى حد كبير، ففي أحلك ظروفه كان الموظفون منتظمون في آداء أعمالهم. إنها حضارة يصعب تغييرها.
  من الذي يمنع المرأة من ممارسة التعلم والتعليم والحركة طالما هي في حدودها المستحقة. أظن أن الحياة تغيرت، وأن ذلك التغيير يحتاج لمن يمارسه. أعتقد أن فيلم الباب المفتوح للكاتبة لطبفة الزيات عام 1963 م أوحى للنساء أن الحياة أمامهن وليست خلفهم منذ ما يزيد على نصف قرن. وأن القطار الذي سيصل بهن لتحقيق ذواتهن لا يحتاج إلا للإيمان بقدرته على إيصالهن قبل استقلاله. أنتَ قوية لكن عليكَ فقط أن تمارسي قوتك من منطلق مبادئكً الخاصة. إذ لا وجود لما يُسمى بالحرية المطلقة التي تؤذي الآخرين أثناء محاولة صاحبها أن يجني نفعًا. لا قوة دون مسؤولية. علوم الاجتماع أقرت أن الإحساس بالمسؤولية هو أول معالم القوة.