الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل نحتاج مبادرة رئاسية لتطوير التعليم؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثبتت تجارب السنوات القليلة الماضية ان المبادرات التي اولاها سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رعايته الشخصية، هي المبادرات التي حققت نجاحًا ملموسًا ليس فقط علي الصعيد الداخلي ولكن أيضًا علي الصعيد الدولي. 

فمبادرة الرئيس "١٠٠ مليون صحة"، نجحت في القضاء علي "فيروس س"، واعتبرتها منظمة الصحة العالمية انجازًا كبيرًا نجح في التغلب علي مشكلة صحية كانت تهدد حياة الملايين. ومبادرة "القضاء علي قوائم الانتظار"، نجحت ايضا في تخفيف معاناة وألام آلاف المرضي من المصريين. ومبادرة "صحة المرأة" تسير بوتيرة متسارعة ونجحت في زيادة الاقبال علي الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي، أكثر السرطانات التي تصيب المرأة في مصر والعالم. وهناك دراسات لضم سرطانات اخري مثل سرطان عنق الرحم. ومبادرة الرئيس "تطوير العشوائيات" وتطوير الطرق، وإنشاء مدن جديدة، وجامعات جديدة، قد نجحت في تغيير نمط الحياة لملايين المصريين. ومبادرة الرئيس "حياة كريمة" لتطوير الريف المصري، تعتبر اكبر مشروع تنموي لتطوير الريف المصري علي مر العصور. كل هذا النجاح في المبادرات التي اطلقها سيادة الرئيس واولاها رعايته الشخصية، دفعني الي أن أعرض في مقال اليوم أن يتبني السيد الرئيس مبادرة لتطوير التعليم، لتسير جنبًا الي جنب مع مبادرة حياة كريمة لتطوير الريف المصري، لتصبحا معًا مشروع مصر التنموي للقرن الحادي والعشرين.
تطوير التعليم له طبيعة خاصة حيث يختلف عن تطوير العشوائيات، فتطوير البشر اصعب بكثير، ويستغرق وقتًا طويلا ويتطلب صبرًا طويلًا وعزيمة وإصرار علي التغيير، لأنه ببساطة مرتبط بعدة عوامل اخري، بالاضافة الي التكلفة الباهظة التي تتطلب توفير الدعم المالي المناسب. تطوير التعليم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بعوامل اخري مرتبطة بثقافة الانسان ومعتقداته وموروثاته وخلفيته الاجتماعية والاقتصادية، ومجموعة القيم التي تحكم المجتمع. اذا كان هناك قرابة نصف المجتمع أميًا لايقرأ ولايكتب، وقرابة ثلث المجتمع تحت خط الفقر (حسب أخر احصائية)، ونسبة غير قليلة تري ان تعليم الإناث غير مجدي، فلن  يكون مجديًا اعادة محاولات الماضي التي فشلت علي مدار الخمسين سنة الماضية في تحقيق اي تقدم ملموس في تطوير منظومة التعليم المصرية. لن يكون مجديًا بناء مدارس جديدة تستوعب مليون طفل اذا كان الشعب المصري يزيد بمعدل اكثر من ٢ مليون طفل في السنة الواحدة. ولن يكون مجديًا ان تتحمل خزانة الدولة الانفاق علي التعليم دون مساهمة المجتمع المدني والاغنياء القادرين علي تحمل نفقات تعليمهم. ولن يكون مجديًا ان نترك ملف التعليم لمجموعة صغيرة مهما بلغت مقدرتها واخلاصها ورقي تعليمها لكي تخطط للتعليم المصري ومستقبل الاجيال القادمة. التعليم يحتاج الي أكثر من ذلك بكثير، التعليم يحتاج الي تعاون كل مؤسسات الدولة وخاصة الازهر والكنيسة. وكل الوزارات بما فيها الشباب والرياضة والثقافة والتضامن والاوقاف والتعاون الدولي والهجرة والمصريين في الخارج والاسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة. حتي الوزارات السيادية مثل الداخلية والخارجية والدفاع والانتاج الحربي، لها دور كبير في الارتقاء بالتعليم. فعلي سبيل المثال لا الحصر، لماذا لاتنفق وزارة الاوقاف من اموالها وأصولها علي بناء مدارس وجامعات جديدة؟ ولماذا لا تخاطب وزارة الهجرة المصريين العاملين بالخارج للتبرع لتطوير التعليم في القري والمدن التي نشأوا وتعلموا فيها؟ ولماذا لا تتيح المؤسسات الدينية اخراج الذكاة للإنفاق علي التعليم والبحث العلمي؟ ولماذا لاتقوم وزارة التعاون الدولي بجذب الاموال من الجهات المانحة للانفاق علي التعليم؟ ولماذا لاتقوم وزارة الاسكان ببناء المدارس والجامعات وصيانتها؟ ولماذا لاتقوم وزارة الإنتاج الحربي بتجهيزها؟ ولماذا لانستفيد من المساجد والكنائس ومراكز الشباب المنتشرة في كل قري ونجوع مصر في التعليم، حتي ولو لتعليم الكبار في فصول لمحو الامية؟ ولماذا لا نطالب الدول التي يعمل بها اعداد كبيرة من المهنيين والأكاديميين المصريين بدفع مقابل الاستفادة من العمالة المصرية (مثلما تفعل الهند)؟ ولماذا لاتضرب الداخلية بيد من حديد علي كل من يقوم بتخريب منظومة التعليم بافتتاح مراكز للدروس الخصوصية؟ ولماذا لا يقوم مجلسي الشيوخ والنواب بدراسة وبسن القوانين التي تساعد علي ذلك؟ وغيرها وغيرها من الإجراءات التي يمكن ان تشارك فيها كل مؤسسات المجتمع المدني والحكومي.
ولذا لابد ان يتولي المبادرة السيد الرئيس، لانه وحده القادر علي تجميع كل هذه الجهات علي هدف واحد وهو تطوير التعليم.
لقد بات واضحًا ان تطوير التعليم أكبر من ان يقوم به وزيرًا واحدًا او اثنين، أو حتي مجموعة وزارية متكاملة، وأن الحل هو أن يتبني السيد الرئيس بنفسه هذا الملف الخطير. إصلاح التعليم سوف ينعكس إيجابيًا علي كل مناحي الحياة للفرد والمجتمع المصري. التعليم هو المحرك الرئيس لنمو المجتمع وتطويره وهو وحده القادر علي تحقيق التنمية المستدامة للشعب المصري. وأُذَكِرْ ان تاريخ مصر الحديث والمعاصر قد أثبت أن القائد الذي يتبني تطوير التعليم، هو نفسه الذي يحقق نجاحات في كل المجالات الاخري (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتي الانتصارات العسكرية). حدث هذا مع محمد علي باشا الكبير، مؤسس مصر الحديثة في القرن التاسع عشر (١٨٠٥-١٨٤٨)، وحدث هذا مع الزعيم جمال عبد الناصر، الذي قاد حركة التحرير والتنمية في منتصف القرن العشرين (١٩٥٢-١٩٧٠). وأظن ان الظروف مواتية تماما لان يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي، هو ثالث قائد يحقق تطورًا هاما في حياة الشعب المصري في القرن الحادي والعشرين.