الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن ميكروباص الساحل وعبوات اللقاح وأمبرتو إيكو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد فحص وتمحيص دعونا نقتطع من عنوان مقال لعميد الأدب العربي طه حسين كلمتين لنصف بهما الواقعتين، ألا وهما "ألاعيب السياسة".

تلك التي تبدو في ظاهرها حقيقية تخطف الأبصار والألباب وتكتسب التعاطف وتحدث ضجة ويتفاعل معها الجميع فتشتد نيرانها ثم تختفي دون أن يتم الإعلان عن سبب الاشتعال. 

هذه الحيل والألاعيب تشبه تشكيل كرة القدم يمكن أن يلعب بها الفريقين "الحكومة أو الخصم".

تتصنف هذه الحيل والألاعيب حسب براعة المخرج وتختلف في الهدف فبعضها يكون لكسب تعاطف وبعضها يكون لإحداث بلبلة وإثارة فتنة. 

البعض يخفف من وطأة تلك الألاعيب ويلبسها رداء الفضيلة ويصف نفسه بالذكاء إذا ما استخدمه هو، ويصفها بالخداع والخيانة إذا ما استخدمها غيره.. لكنها في واقع الأمر تندرج تحت "الكذب". 

وكان الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو أحد المحذرين من وقوع الصحافة في شراك الخديعة وقال قبل وفاته بأعوام "أن الصحافة تعاني من نقص مطلق في الكرامة".. قتلتني هذه الجملة حين قرأتها من أعوام.. فما بالكم بوقعها الآن!.

لم يكتف إيكو بهذا القول لكنه في حوار يعود لعام 1993 مع مجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية يبرز مخاوفه من الإنترنت، الذي يبدو مخيبًا وواعدًا في الوقت نفسه، "فهو وسيط واسع وغشاش وفضيحة ذاكرة من دون غربلة، حيث لم نعد نميز بين الخطأ والحقيقة، لذلك قادنا إلى تراجع ثقافي".

ويدافع إيكو صاحب "مقبرة براغ" عن اتساع مساحة القراء في العالم رغم انتشار الوسائط التكنولوجية، ويقول: الكتاب الورقي أكثر استقلالًا من الكتاب الإلكتروني على الأقل من ناحية الكهرباء، ومن ثم فالورقي قادر على الصمود و"ما من شيء سيلغي حبنا له".

ولإيكو رأي في الكاتب الحقيقي إذ يعرفه بأنه هو من يهتم بالإنسانية حين تنتكس لا حين تتقدم، والمثقف هو من ينتقد العادات لا الذي يحتفي بها".

لكن ما علاقة أمبرتو إيكو بميكروباص الساحل وعبوات اللقاح!

في الواقع أن إيكو كان له مبدأ ثابت وهو أننا نعيش في عالم من الكذب، لذا وجب الشك دائما فيما يقال.

المهم حتى لا أطيل عليك في البحث ثم أخرج بسور حديدي لا ينفي ولا يؤكد واترك قدرك في يد كاميرا تلتقط صورة بالصدفة أو أغلق لك الخيال في الواقعة بإحالة مديرة المدرسة للتحقيق لأنها الأقل درجة.. وفي عرف "برك المياه" مقبول التضحية بسمك الصير". ومسموح للكبير أن يمنع التصوير إذا فضحت الكاميرا التضليل.

قال لي موافي وهو أحد "فلاسفة الرواكي" إن من ألقى اللقاح في المصرف أراد إحراج الدولة.. لكن كيف حصل على الجرعات؟.

ثم قال لي دعك من سقوط الميكروباص فالذي سقط من على الكوبري هي "الثقة" فكيف لكوبري في وسط العاصمة لا يكون فيه أداة للتحقق.

في واقعة مشابهة سقط ميكروباص في نفس المكان ثلاث مرات وبعدما يتم انتشاله بساعات كان يسقط في نفس المكان.. وحينما سألوا السائق عن تكرار السقوط قال: في كل مرة كان يتم انتشال الميكروباص كنت أزيل أثر السقوط وأواصل السير دون أن أبحث عن العيب.

وقبل أن أتركك سأترك لك آخر ما قاله صاحب "اسم الوردة":"أدوات مثل تويتر وفيسبوك «تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فورًا. أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البلهاء"'،.

يقول شاهد عيان إن سائق الميكروباص "كان عطشان" فشرب الوهم وسقانا.