الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعافي الاقتصادي الأخضر بعد الجائحة

الدكتورة نهلة الحوراني
الدكتورة نهلة الحوراني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نعاصر الآن هبات وطنية في كل دول العالم من أجل تحقيق التعافي من خسائر جائحة كورونا، على الرغم من أن العالم يعاني من نزيف إيقاف الكثير من عجلات العمل خلال الفترة الماضية، إلا أن البعض يحاول استغلال هذه الحالة كبداية من جديد نحو الأفضل. وهذا ما أطلق عليه البعض "المستقبل الأخضر".

إذ نرى أن رئيس مجموعة البنك الدولي حدد في إحدى فعاليات الربيع الماضي أن التحديات الرئيسية التي تواجه العالم، بما في ذلك جائحة كورونا، وتغيّر المناخ، وتصاعد معدلات الفقر وعدم المساواة، وتزايد أوضاع الهشاشة والعنف. وحثت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين الاقتصادات المتقدمة على مواصلة دعم التعافي العالمي. كما أبرزت أهمية مساعدة البلدان النامية على تحقيق أهدافها المناخية جنبًا إلى جنب مع أهدافها الإنمائية، وأضافت أن توافر التمويل الأخضر سيكون أمرا بالغ الأهمية.

ومع المضي قدمًا نحو المستقبل الأخضر لا سيما في مجال تطبيق إجراءات مواجهة تغير المناخ ومواجهة الفقر والعنف بشكل واضح، نشرت وكالة «بلومبرغ» الصيف الماضي تحليلًا اقتصاديًا للخبير الاقتصادي العالمي الدكتور محمد العريان، يستعرض فيه المخاطر التي تهدد التعافي الاقتصادي العالمي، بسبب جوانب الغموض في أزمة كورونا. إن الانتشار السريع للسلالة «دلتا» المتحورة لفيروس «كورونا» في مختلف أنحاء العالم يثير المخاوف بشأن قوة التعافي الاقتصادي العالمي المتعثر وغير المؤكد بالفعل. ويضيف أن {الحقيقة أن نطاق هذا القلق يشمل البعدين الطبي والاقتصادي للأزمة، ويتعامل البعدان مع عوامل يبدو أننا نعرف الكثير عنها ومع عوامل أخرى ما زالت غير معروفة لنا رغم مضي 18 شهرًا على بدء الجائحة.

يتجه الكثيرون نحو استغلال التعافي من آثار أزمة الجائحة للخروج من أزمات أخرى من خلالها. فإذا كنا سنعمل على دعم الاقتصاد فلماذا لا ندعمه بما يحقق تقدمًا مفيدًا لكل البشر؟. لماذا لا نتجاوز أزمة ومعها أزمات إذا كنا نعكل على التعافي؟ لماذا لا نخطط لحياتنا بشكل أكثر تعافيًا على كل الأصعدة معًا؟ إنها فرصة تتيحها البشرية لنفسها، وكما نرى حولنا تلك المحاولات لتطبيق ذلك من خلال العمل على التعافي بالتوازي مع العمل على مواجهة التغيرات المناخية الخطيرة بالعمل على صناعات منخفضة الانبعاثات الكربونية.

يشير أكثر من 200 خبير اقتصادي من البنوك المركزية ووزارات المالية والأوساط الأكاديمية من جميع أنحاء العالم، في استطلاع للرأي، إلى أن التعافي الأخضر هو التصرف الأكثر ذكاء إذ أن اللجوء لهذا الأسلوب يضاعف المكاسب بشكل أكير من الاستمرار على الأوضاع المعتادة، لأن الأسلوب الأخضر يتمتع بالقدرة على الصمود، واستعادة الموائل الغنية بالكربون، وكفاءة الموارد، ونظم الإدارة المتكاملة للأراضي، والزراعة المستدامة، وإنتاج الطاقة النظيفة بوصفها سياسات رئيسية للنمو الأخضر. لذا يناسب العالم أن ينفض عن كاهله ملوثات الاقتصاد التي اعتمدها، لا سيما في دوله الصناعية الكبرى، في الماضي.