الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

قبائل سيناء والقوات المسلحة.. إيد واحدة في حرب العزة والكرامة ومعركة الإرهاب.. وصفتهم إسرائيل بـ "الأشباح" لعدم قدرتها على تحديدهم ومعرفة أماكنهم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الشيخ حسن خلف "فهد سيناء الأسمر".. طلبته إسرائيل حيا أو ميتا

المناضلة فرحانة البدوي.. أمية اعتمدت على قوة ذاكرتها في حفظ الأرقام والحروف 

الشيخ سالم الهرش لـ "موشي ديان" أمام وكالات الأنباء العالمية: سيناء مصرية ومن يريد التفاوض فليذهب إلى عبدالناصر

الطفل صالح عطية.. بائع البيض والدجاج الذي حير الاحتلال الإسرائيلي

لعبت قبائل سيناء أدوارا بطولية عديدة، سطرت في جميع صفحات التاريخ خاصة خلال الفترة ما بين حرب 1967، وانتصار الجيش المصري على العدو الاسرائيلي عام 1973، سطر خلالها بدو سيناء ملاحم بطولية عديدة خلف خطوط العدو في أعماق سيناء بالتنسيق مع المخابرات والقوات المسلحة المصرية وكانت ملحمة نضال بدو سيناء خلال الفترة ما قبل حرب 73،  بدت واضحة للجميع من خلال التعاون الكامل مع القوات المسلحة،ومن هنا وفي ذلك الوقت كان الإعلان عن إنشاء منظمة "سيناء العربية" تلك المنظمة الوطنية الكبيرة، التي أُعلن عن وجودها رسميًا فى ديسمبر 1968.

وواصلت القبائل  نضالها خلف خطوط العدو حتى حرب أكتوبر، وكان عدد أعضاء المنظمة 770 بطلا، من المدنيين المناضلين من عدة محافظات، وكان لسيناء نصيب الأسد من البسالة والنضال حيث بلغ عدد المناضلين السيناويين داخل المنظمة 688 فدائيا، وقد لعب  بدو قبائل  سيناء مهام وطنية عديدة  داخل صحراء سيناء  بسبب علمهم ودرايتهم الشديدة بكل مخارج ومداخل دروب سيناء وقدرتهم علي التحرك والتخفي، ولذلك أطلق عليهم وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه ديان لقب "الأشباح" وكان أغلبهم مطلوبين للمحاكمة داخل إسرائيل وبالفعل تعرض بعضهم للاعتقال والتعذيب قبل نصر أكتوبر وتم الإفراج عنهم بعد ذلك ضمن صفقات تبادل الأسرى بعد انتهاء المعركة، وكانا بالفعل بدو سيناء كالأقمار الصناعية للجيش المصري في سيناء، وجعلوا المواقع الإسرائيلية كتبا مفتوحا للجيش المصري، فكان لولاء أهل سيناء ووطنيتهم فضلا كبيرا في انتصار الجيش المصري، وحاول الإسرائيليون شراءهم وإغراءهم بالكثير من الود والجهد والمال، لكنهم رفضوا بل وفضحوا القيادات الإسرائيلية خلال مؤتمر الحسنة الشهير عام 1968 حتي أصبحوا  "رادارات بشرية "خلف خطوط العدو تفوقت على الأقمار الصناعية الأمريكية.

المناضلة فرحانة البدوي

المناضلة فرحانة البدوي

 والأهم في هذا النضال البدوي التاريخي في سيناء دور المرأة السيناوية، فهناك مناضلات سيناويات لعبن دورا وطنيا كبيرا مع الجيش المصري، وكانت المناضلة فرحانة البدوي أشهر مناضلة سيناوية في تاريخ سيناء، وكانت مقولتها الشهيرة بأنها برغم أنها لم تتعلم الكتابة والقراءة فقد اعتمدت على قوة ذاكرتها فكانت تحفظ  أشكال الأرقام والحروف الموجودة على الهدف سواء كانت مركبات أو مطبوعات أو مباني فتقوم  برسمها حال رؤيتها على الرمال  لمرة واحدة لترسخ فى ذهنها ثم تمحو أثرها فى الأرض ولكن تظل باقية فى ذاكرتها  حتى تعود لتسليمها للجيش المصري.

أما المناضلة فهيمة، فكانت أول سيدة تنضم للعمل مع منظمة سيناء من خلال زوجها، كما أنها  أول سيدة تكرم بنوط الشجاعة من الطبقة الأولى وقد قامت المناضلة بإيواء أحد الفدائيين المطلوبين فى منزلها لفترة طويلة بعد أن حفرت له حفرة كبيرة وضعته فيها وغطته بأكوام من الحطب.

الدور الوطني لقبائل سيناء

وفي الوقت الذي كانت إسرائيل تخطط فيه لعزل سيناء عن مصر، كان مشايخ القبائل ينسقون سرا لاستدراج موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلى وإقناعه بقبول المشايخ للفكرة مبدئيًا، وأمام كاميرات وصحف العالم التى جمعتها إسرائيل فى مؤتمر الحسنة فى أكتوبر 1968، أعلنت القبائل على لسان المتحدث باسمهم الشيخ سالم الهرش شيخ قبيلة البياضية وأمام وكالات الأنباء العالمية رفضها التدويل،وفى كلمته قال الشيخ سالم:" إن سيناء مصرية مائة بالمائة، وأولى بنا باطن الأرض من ظهرها إذا قلنا غير ذلك ومن أراد التفاوض فى أرض سيناء فليذهب إلى الزعيم عبدالناصر، أما أنا فلا أملك إلا نفسى، وهذه روحى خذوها فهى فداء للوطن"،وهنا نكس موشى ديان رأسه وما كان منه إلا أن اعتقل الهرش ونكل بأسرته.

الشيخ سالم الهرش

وقد قام الشيخ المناضل عبد الله جهامة، في إحياء دور المجاهدين السيناويين والحفاظ على تاريخ نضالهم الكبير فقام بتأسيس جمعية مجاهدي سيناء حيث لعب المناضل عبد الله جهامة دورا بطوليا  وظل محاصرا بمغارة وسط جبل بسيناء يسمى جبل الحلال، ودمر العديد من دبابات العدو بعدما فوق قمة جبل الحلال وظل يدمر الدبابات الإسرائيلية من خلال شرك الألغام التي زرعها بنفسه مربوطة بخيط كان يشده حال مرور أي  دبابة اسرائيلية، ودمر العديد من الدبابات وكان يقوم بسحب الخيط حال مرور أي دورية إسرائيلية حتي تمكنت إسرائيل من تحديد شخصيته، وحاصرته لعدة سنوات بالطائرات لكنها فشلت من ضبطه وهو مختبئ في دروب جبل الحلال معتمدا على أكل الأشجار حتى هرب من المنطقة.

ولم تقتصر هذه البطولات على قبيلة بدوية بعينها، لكن كل قبائل سيناء شاركت في تقديم تضحيات كبيرة للجيش المصري بينهم الرجال والنساء والأطفال، وكان لمنظمة سيناء العربية، دور كبير في معاونة الجيش، وكان لهؤلاء الأبطال المدنيين الذين أطلقت عليهم إسرائيل لقب «الأشباح»، دور مهم تجاه الاحتلال الإسرائيلي، حيث كبدوا إسرائيل خسائر كبيرة في الجنود وفي المعدات.

بطولة الشيخ حسن خلف

ومن هؤلاء الأبطال، الشيخ حسن علي خلف، الملقب بـ "فهد سيناء الأسمر"، ابن قرية الجورة جنوب الشيخ زويد، الذي  قررالانضمام لمنظمة سيناء العربية وبعد تدريبه ذهب في أول مهمة في سيناء خلف الخطوط لتصوير المواقع الإسرائيلية شمال سيناء في مناطق رمانة وبئر العبد والعريش، ونجح حسن وتوالت العمليات الناجحة التي قام بها وأهم عملياته هو ضرب قيادة القوات الإسرائيلية في العريش التي تضم عناصر المخابرات ومبيتًا لطياري الهليكوبتر وكان مقرها مبنى محافظة سيناء القديمة بالعريش.

الرئيس السيسي يكرم الشيخ حسن خلف

كما لعبت قبائل سيناء دورا هاما في زراعة الألغام في سيناء، وكان مهندس زراعة الألغام وقتها  الذي أرعب اسرائيل شاب من أبناء سيناء المجاهدين تخصص في زرع الألغام في طريق مدرعات وعربات القوات الإسرائيلية في سيناء، وقام بعدة عمليات ناجحة بعد وضع الألغام في أماكن مختلفة وإخفائها بطريقة فنية رائعة يصعب على القوات الإسرائيلية اكتشافها، وهو المجاهد موسى رويشد، مهندس الألغام وذاع صيته في سيناء وبدأت إسرائيل في البحث عنه فى كل مكان دون جدوى.

كما ضمت منظمة سيناء العربية، أبطالا كانوا بالفعل محترفين وخارقين في أداء أدوارهم البطولية بل وحكت عنهم إسرائيل على رأسها المجاهد، شلاش خالد عرابي الذي كان يُعتبر من أهم وأنشط مندوبي المخابرات الحربية داخل سيناء، ويعد أيضًا من أبرز رجال المنظمة داخل سيناء العربية، وكان شلاش له دور مهم تجاه المخابرات الإسرائيلية بكل أجهزتها، وأفقدها جزءا كبيرًا من تنظيمها توازنها فى أواخر الستينيات، لذلك قامت أجهزة الأمن الإسرائيلية برصد مبالغ كبيرة من آلاف الدولارات، كمكافأة لمن يرشد عنه أو يساعد في القبض عليه حيًا أو ميتًا.

وكان "شلاش"، هو المجاهد الذي نُشرت قصته في كتاب للمخابرات السرية العربية للكاتب الإسرائيلي "ياكوف كاروز"، الذي قال عنه المدعي العام العسكرى الإسرائيلي «عوزي زاك»: "إن شلاش وشبكته من أخطر شبكات الجاسوسية التي كشفت عنها إسرائيل حتى في سيناء، وذلك أثناء محاكمته أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية، وتم الحكم عليه في التهم الأربع التي وُجهت إليه بالسجن لمدة ٣٩ سنة".

ومن أبرز المجاهدين أيضًا في سيناء، المجاهد عمران سالم عمران، الذي كان يلقب بلقب "بديب سيناء"، الذي نفذ الكثير والعديد من العمليات الكبيرة مع أعوانه المجاهدين من أبناء سيناء، الذين دمروا دفاعات العدو في رمانة وبالوظة ومطار العريش وقطعوا جميع خطوط الإمداد، وقاموا بنسف مستعمرة "نحال سيناء"، التي كانت مقر قوات الهليكوبتر التى أغارت على جزيرة شدوان، وبالتنسيق مع المخابرات نقل الصواريخ بواسطة الجمال وسيارة نصف نقل قرب المستعمرة، بمعاونة شيخ بدوي من المنطقة، وتم إطلاق ٢٤ صاروخًا على المستعمرة أدت لقتل ٢١ ضابطا وجنديا إسرائيليا وتدمير ١١ طائرة، علاوة على تدمير مستعمرة الشيخ زويد بصواريخ الكاتيوشا وتدمير محطة رادار، وبلغت عملياته الجهادية قرابة ١٥٠ عملية.

الزعيم جمال عبدالناصر يكرم الطفل صالح عطية

أما أشهر طفل بدوي لعب دورا بطوليا كبيرا مع الجيش المصري في سيناء  كان يرعى الأغنام في سيناء، كان الطفل صالح عطية، أصغر مجاهد علي أرض سيناء خلال فترة ما قبل حرب 73، حيث لعب الطفل صالح عطيه دورا خطيرا في زرع أجهزة التنصت داخل معسكرات الجيش الإسرائيلي،وكان يتقن التحركات والتخفي في الصحراء أثناء نقله للمعلومات، وكان الطفل رغم صغر سنه لكنه راودته فكرة الدخول لمعسكرات الجيش الإسرائيلي تحت ذريعة بيع البيض والدجاج، لقوات الجيش الإسرائيلي، ليعرف المزيد عن تلك التحصينات من الداخل، دون أن تشك فيه القوات الإسرائيلية، بل وطد علاقاته مع الجنود الإسرائيليين من خلال بيع بيض الدجاج لهم، ونجح الطفل صالح في معرفة معلومات عن الأسلحة الثقيلة الإسرائيلية، وتفاصيل مواقعهم العسكرية وخزانات المياه وأماكن نومهم وغرف الضباط الإسرائيليين، حتى الأسلاك الشائكة حول المعسكرات الإسرائيلية بل كان الطفل يرسم للقوات المصرية أشياء كثيرة عن أسرار الجيش الإسرائيلي التي كان يحصل عليها من خلال دخول معسكراتهم.

 

وقد لقب الطفل صالح عطية ببائع البيض، وكان بيض الدجاج هو سلاحه لدخول معسكرات الجيش الإسرائيلي، وزرع أجهزة التنصت بها لصالح الجيش المصري.

 وتم تكريم صالح عطية من الرئيس السادات، وأكمل تعليمه والتحق بالكلية الحربية حتى أصبح ضابطا في القوات المسلحة عام 1977، ليضرب الطفل صالح عطيه أكبر مثل على وطنية أهالي سيناء تجاه وطنهم خلال الحرب مع إسرائيل.

 ولم تقف تلك التضحيات فقط على فترة الحرب ضد إسرائيل، بل امتدت ما بعد ثورة يناير عام 2011، والحرب على الإرهاب في سيناء، فواصل بدو سيناء تضحياتهم مع الجيش المصري، وشكلوا ملحمة جديدة من التضحيات وما زالوا يجاهدون مع الجيش المصري في سيناء، ضد فلول الإرهاب، ويضحون من أجل وطنهم بالغالي والنفيس.