الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رئيس كلية دار الكلمة الجامعية في بيت لحم: نرفض مقولة إن المسيحيين أقلية بل هم جزء من الأكثرية العربية.. متري الراهب: وثيقة "نختار الحياة" محورها دولة المواطنة القائمة على المساواة

الدكتور القس متري
الدكتور القس متري الراهب مؤسس ورئيس كلية دار الكلمة الجامعية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أطلقت مجموعة "نختار الحياة" المسكونيّة المؤلفة من لاهوتيات ولاهوتيين من الشرق الأوسط، وخبيرات وخبراء في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة والجيوسياسية، وثيقة تناولت أوضاع المسيحيّين في المنطقة من الناحية اللاهوتيّة والجيوسياسيّة والفكريّة والمجتمعيّة، في حفل مهيب حضره عدد من القيادات الدينية، كما شارك بها رموز دينية مسيحية وإسلامية.
"البوابة نيوز" حرصت على إجراء حوار مع الدكتور القس متري الراهب، مؤسس ورئيس كلية دار الكلمة الجامعية في بيت لحم، وهو من اللاهوتيين الذين أعدوا وثيقة "نختار الحياة"... 

 نص الحوار :

* بدايةً؛ ما الأسباب التي أدت إلى صدور هذه الوثيقة؟
** شعر مجموعة من اللاهوتيين والمفكرين من منطقة الشرق الأوسط بضرورة إطلاق وثيقة في اللاهوت السياقي، مقاربة جديدة للنظر في الأوضاع التي يمر بها الشرق الأوسط حاليًا.
كما شعرنا بأن الكثير من اللاهوت المتداول لا يأخذ الوضع الجيوسياسي، ولا التحديات الرئيسية، على محمل الجد، فكان لا بد من وجود ضرورة لتناول التحديات.
* ماذا عن أبرز بنود وثيقة "نختار الحياة"؟
** أبرز البنود المهمة داخل الوثيقة هي، أن محورها دولة المواطنة، القائمة على المساواة بين كل أطياف المجتمع. وكذا رفض مقولة ان المسيحيين أقلية، بل هم جزء من الأكثرية العربية، وأننا أهل هذه البلاد، ومتساوون أمام القانون، ونشترك في الثقافة وإدارة التنوع.
وأن التعددية إذا كانت دينية أو سياسية لا غنى عنها في الشرق الأوسط، ولابد من حسن إدارتها. ودعوة الكنائس بأن تكون جريئة في قول الحق، للدفاع عن قضايا العدل، وتحرير المرأة، وإشراك الشباب في صنع القرار.
* كيف تري وضع المسيحيين في دول بعينها؟
** الوثيقة لم ولن تتطرق إلى كل دولة على حدة بل تأخذ التحديات الكبرى التي تواجه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، ولكل دولة خصوصيتها وتحدياتها والوثيقة تناولت التحديات الكبرى التي تواجه المجتمع والكنيسة. ووضع المسيحيين جزء لا يتجزأ من وضع الشعب، بالتحديات الكبرى إن كان تحديات التعليم والفقر والجوع ….الخ.

* كيف تري الوثيقة وضع المسيحيين في مصر؟
** الكنيسة والمسيحيون في مصر، لهم طابع خاص، بشأن خبرتهم التي مرت بهم، خصوصًا في الفترة الأخيرة، وبالأخص أثناء ثورة الربيع العربي، خبرة صعبة، تعلمت منها الكثير، وكان لابد من تعرض الوثيقة لعلاقة الكنيسة بالدولة، علاقة صحية وليس طبيعية، ولابد من أن تلعب الكنيسة في أي قطر عربي، دورها بثقة، وتكون متوفر لها المجال، وأيضا مشاركتها سياسيًا.
* كيف تري وحدة هؤلاء اللاهوتيين في إعداد الوثيقة رغم اختلافاتهم العقائدية؟
** وثيقة "نختار الحياة"، تدعو إلى حوار جدي بين الكنائس ووحدة مجمعية، والوحدة المجمعية في التنوع. كما أنها لم تكتفْ بذلك، وإنما دعت إلى حوار جدي بين المسلمين في المجتمعات، من خلال الحوار الإسلامي المسيحي، كما طالبت وأكدت ورسخت ضرورة وجود حوار جدي بين صانعي القرار السياسي، لكي تكؤن مجتمعاتنا، فيها حرية أكثر وعدالة اجتماعية، كما ندعو إلى حوار مع المجتمع المدني، فالحوار مع المجتمع المدني مهم جدًا لإحداث التغيير المرتقب.


* نرى أن الوثيقة لم تصدر من جهة أو مؤسسة كنسية، فلماذا حدث ذلك، كما يشاع بأن لها توجهات أخرى فما ردك على ذلك؟
** الوثيقة صدرت من خارج الإطار الكنسي الرسمي، وكل واحد فينا له اسمه وصفته ودوره، الذي يشغله من مناصب أكاديمية ولاهوتية ورعوية حاليًا، ونحن لسنا جزءًا من المؤسسة الرسمية، لأن لها حساباتها السياسية، وبالتالي ينقصها الجرأة النبوية، وبالتالي فنحن صوت صارخ في البرية.
‏* ماذا عن تناول الوثيقة للمطالبة بخطاب لاهوتي متجدد؟
** ‏يقع اليوم على عاتق المسيحيين في الشرق الأوسط، تحدي تجديد الخطاب اللاهوتي. ‏فإذا كان الكتاب المقدس هو كلمة الله المعطاة للبشر بواسطة كتاب بشريين، ‏فإن تفسير الكتاب المقدس، ومن ثم التراث الآبائي، يتطلب استخدام كل الوسائل، التي تزودنا بها العلوم الإنسانية الحديثة، كالتاريخ ‏وعلم ‏الآثار والعلوم الاجتماعية والألسنية والسيمائية وعلم التحليل النفسي والأنثروبولوجيا الثقافية.
فالمنهجية النقدية التاريخية والمقارنة مع نصوص الشرق القديم والنقد الأدبي والعلوم الإنسانية عمومًا، كل هذه مناهج تتيح للمؤمنين تلمس فحوي الكلمة الإلهية بشكل أفضل عبر وضعها في إطارها الثقافي والابتعاد عن القراءات الأصولية التي تمعن في الحرفية والتزمت وتفضي إلى رفض كل تعامل علمي ونقدي مع النص المكتوب.
وتتصاحب ضرورة فهم النصوص المرجعية في قوة معناها الأصلي مع الدعوة إلى البحث عن الطرائق الفضلي لتأوين معطيات الكتاب المقدس والتراث وتفسيرها في عالم اليوم، وذلك عبر التمييز بين وديعة الإيمان في ذاتها من جهة، وكيفية تفاعلها مع معطيات مجتمعاتنا وسياقاتها من جهة أخري.
إن هذا التأوين كفيل بأن يجعل عملية تلقف التراث في ظروف العالم المتبدلة عملية خصبة وخلاقة وفي منأي عن التكرار، بحيث يتجاوب اللاهوت مع حاجات المؤمنين وتطلعاتهم. ويتطلب هذا، من جملة ما يتطلبه، الاعتصام بمقاربة مسكونية تسعي إلى تطهير الذاكرة والاعتراف بقيمة لاهوت الآخر، والإلمام بما أنجزته الحوارات اللاهوتية المسكونية على الصعد كافة.
لا سيما التمييز بين ما هو أساسي في العقيدة وصيغ التعبير التي استخدمت عبر العصور، يضاف إلى ذلك ضرورة مراعاة مبدأ تراتبية الحقائق الإيمانية وإيلاء اهتمام خاص بالتعبيرات عن الحقيقة الإيمانية في تقاليد كنائسنا على اختلافها.
ومن مقتضيات تجديد الخطاب اللاهوتي في إطار اللاهوت السياقي هو العبور من ثقافة السجال والإقصاء بين الكنائس من جهة، والأديان الأخري، وخصوصا الإسلام واليهودية، من جهة أخري، إلى ثقافة الحوار والتقارب. ‏إن شرط هذا العبور هو الانفتاح غير المشروط على الآخر، والأصغاء إليه، وتقبل حقيقةً إيمانه، كما يعرضها هو، وفي منأي عن الاختزالات والإسقاطات.
كما ‏ينبغي للعملية الحوارية أن تطال الجوانب اللاهوتية ‏عبر تطوير مقاربات تفسيرية ‏جديدة تعتصم بروح النقد والموضوعية التاريخية والانفتاح على مناهج العلوم الإنسانية الحديثة، فضلا عن التصدي للمسائل الدقيقة المتصلة بالأخلاق والسياسة مثل كيفية صون الكرامة الإنسانية والحرية الفردية، بما فيها حرية الضمير والرأي والتعبير.
‏إن واحدا من أهم الوسائل المتصلة بتجديد الخطاب اللاهوتي ‏هو تنمية ثقافة النقد وخلق فرص للإبداع والخلق لجيل الشابات والشبان، ‏وذلك بما ينسجم مع المواهب العظيمة التي من الروح القدس بها عليهم، ‏والتي كثيرا ما تبقى غير مفعلة في الحياة الكنسية. ‏نحن اليوم مطالبون بمساءلة فلسفتنا ‏التربوية ومراجعتها نقديا، ‏وبتربية أجيال لا تنصاع لما يقال لها كما لو أنه كلام مطلق، ولا تتماهي مع الماضي، بل تفيد منه من أجل تشكيل الحاضر، أجيال تتجرأ على المواجهة والتفكير النقدي المثمر عوضا من سجن الآخرين في شبكة من الأحكام المسبقة.

 

آراء حول الوثيقة 


من جهته؛ قال المفكر القبطي الدكتور القس إكرام لمعي، رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية، وأستاذ مقارنة الأديان بكليات اللاهوت، إنني أبدي سعادتي بهذه الكوكبة، الذين قاموا بالعمل على إعداد وإصدار هذه الوثيقة التي أخذت عامين، حسب ما جاء بالوثيقة، وأنا لدي بعض الملاحظات حول وثيقة "نختار الحياة"، في العنوان اختارت المجموعة عنوان "نختار الحياة".
وأضاف "لمعي": وكأن الحياة اختيار ومقابلة الموت، أي "ينموت يا نعيش"، فكانوا يحاولون في التفكير حول عنوان آخر، وليكن مثلا الخروج من الذات المسيحية والعقائدية، أو نختار الجهاد لأجل الإنسان (المسيح المعاصر أو الكنيسة المعاصرة )، اختيار الحياة جامع غير مانع لأن اختيار الحياة هو لكل البشر بالطبيعة بأنه لا أحد يختار الموت.
وتابع، أن الوثيقة فتحت باب للحوار وهذه مهمة عظيمة، كما أنهم قدموا بعض الخيارات السياسية التي يتعين على الكنيسة بأن تتبناها في المجتمع بمنطقة الشرق الأوسط.
مضيفًا: "تكلمت الوثيقة عن واقع المسيحيين بالشرق، والتنوع في منظومة القيم وفي نفس الوقت وضعتنا أمام بعض التحديات منها الأكثرية والأقلية وتحدي الحداثة والقوميات".
وأشاد "لمعي"، بالدور التي بذلته المجموعة في رصد سياق تاريخي صحيح في العقدين العقد الماضي ووقتنا الحاضر عنهم هو عندما يتحدثون عن تحديات الحاضر ورهانات المستقبل "عالم جديد لم يتبلور بعد"، كما تحدثوا بكل شجاعة عن الخطاب المسيحي والعزلة التي يعيش فيها، ومواجهة تحديات "تفكيك عقدة الأقلية والحماية الداخلية والخارجية".
واستطرد قائلا: إن الوثيقة، ومن أعدوها أرادوا أن يتعمقوا في البحث والمساهمة الحضارية للمسيحيين، كما أنها عملت على محاولات تقديم عقد اجتماعي جديد، وقامت بتقديم أحدٍ الحلول "الاتحاد الحضاري"، هو أعادة إنتاج العروبة بوصفها حدا ثقافيًا حضاريًا جامعًا، وهذه ليست العروبة، لكن ولا الحل أيضا في الدين أو الثقافة، بل الحل هو الإنسانية والنزعة الإنسانية، فلا بد من إعادة إنتاج النزعة الإنسانية ثقافيًا وحضاريا في الفضاء الثقافي والحضاري.
وأكد "لمعي"، أن الفضاء الإنساني أوسع من الديني أو الحضاري أو اى شيء آخر، أي نلتقي عند الإنسان كإنسان ونهتم بحرية الإنسان وحقوقه وقضية الإنسان سواء إذا كان رجلا أو امرأة؛ متابعًا بأن تجديد الخطاب اللاهوتي أي أن يكون تجديد الخطاب الإنساني لكي يحتوي بداخله الجميع وكل الثقافات والتراث والثقافة والإبداع وفيه توجه نحو الآخر. واختتم بقوله: "سعيد من كلامهم والخيارات والسياسات التي تناولتها الوثيقة.


بينما قال القس رفعت فكري، الأمين العام المشارك لمجلس كنائس الشرق الأوسط، ورئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية بمصر، إن الوثيقة بها الكثير من الآراء، التي نتفق مع بعضها، ونختلف مع بعضها الآخر، فالوثيقة تحدثت عن وضع المسيحيين في الشرق الأوسط في المجمل العام، ولكن في حقيقة الأمر أن وضع المسيحيين في كل دولة، يختلف عن وضعهم في دول أخري، وبالتالي لا بد أن تدرس كل دولة هذه الوثيقة على حدة، وتقيم وضع المسيحيين في داخلها.
وأضاف "فكري"، أن الوثيقة تحدثت عن أمور عامة، مثل المواطنة وحقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين، وهي كلها أمور مهمة، ينبغي أن نسعي إلى تحقيقها، والوثيقة تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتعديل.
تابع أن اختيار اسم الوثيقة "نختار الحياة"، هو اسم إيجابي، يؤكد دعم الحضور المسيحي في الشرق الأوسط، والتحرك بإيجابية وتفاؤل في مواجهة التعصب وخطابات الكراهية والتمييز، ففي الوقت الذي اختار فيه البعض الموت شعارًا له، فمن الجميل أن يختار واضعو الوثيقة شعار لها نحب الحياة أو بالأدق نختار الحياة.

6413F6B2-0F2B-4805-BDF2-C316E71A2E52
6413F6B2-0F2B-4805-BDF2-C316E71A2E52

الدكتور القس إكرام لمعي
الدكتور القس إكرام لمعي
0C48718E-D8D1-4E1D-97D7-F2F30CF4173C
0C48718E-D8D1-4E1D-97D7-F2F30CF4173C