الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أفرع جديدة لكليات الطب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك طلب متزايد علي الطبيب المصري في الداخل والخارج. واستجابةً لهذا الطلب المتزايد، كانت وزارة التعليم العالي ترسل لكليات الطب الحكومية أعدادًا متزايدة من الطلاب، بلغت في بعض الاعوام اكثر من ١٠٠٠ طالب في كليات طب القاهرة وعين شمس والاسكندريه واسيوط والمنصوره وطنطا والزقازيق. حتي بعض كليات الطب الناشئة مثل طب السويس، كان مكتب التنسيق يرسل لها ٥٠٠ طالب، وهو العدد الذي لاتستطيع الكلية استيعابه. المشكلة الاخري التي تواجه كليات الطب كانت ومازالت تتمثل في  الإقبال الشديد من المرضى علي المستشفيات الجامعية، بأعداد كبيرة، بلغت اكثر من ١٠ آلاف مريض يوميا يقبلون علي العيادات الخارجية لمستشفيات جامعة المنصورة. هذا العدد الصخم، كان ومازال يستهلك  معظم مجهود أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة، ويستنزف كل الموارد المالية، وامكانيات تلك المستشفيات، ويحد من مقدرتها علي تقديم العلاج اللازم للحالات الصعبة (من المستوي الثالث) بجودة عالية. ولمحاولة حل مشكلة الاعداد الكبيرة، سواء في كليات الطب او في مستشفياتها الجامعية، انشأت الوزارة كليات طب حكومية جديدة، اخرها كلية طب الاقصر، وكذلك افتتحت عدد ٤ جامعات اهلية جديدة، أخرها جامعة المنصورة الجديدة، بكل منها كلية طب. كما سمحت الوزارة بافتتاح عدد محدود من كليات الطب الخاصة، حسب شروط ومتطلبات صارمة، تضمن الحفاظ علي جودة التعليم والتدريب لخريجي تلك الجامعات.
اليوم نعرض حلًا أخر، ربما يكون اقل تكلفة من انشاء جامعات جديدة، وهو انشاء أفرع جديدة لكليات الطب العريقة، مثل انشاء كلية طب في فاقوس تابع لطب الزقازيق، وانشاء فرع لطب المنصوره في مدينة دكرنس. التجربة ليست جديدة، حيث اقدمت بعض الجامعات الدولية العريقة، بانشاء أفرع لها في المدن المحيطة بالعاصمة، لتحقيق الانتشار الجغرافي وتقليل التكدس وحل  معضلة الاعداد المتزايدة من الاطباء التي تطلبها الحكومات، والحفاظ علي جودة التعليم الطبي وخدمة المرضى داخل المستشفيات الجامعية. 
في الولايات المتحدة الامريكية علي سبيل المثال، انشأت كل جامعة من الجامعات الكبيرة، مثل جامعة كالفورنيا عدة افرع ( Campus) لها داخل عدد من المدن مثل لوس آنجلوس وبيركلي. وفي جامعة باريس في فرنسا، تم انشاء عدة افرع للجامعة الام (وصلت الي ٧ أفرع) وتوزيعها علي نظاق جغرافي واسع. وفي جامعة مانشستر الانجليزية، أكبر الجامعات البريطانية من حيث تعداد الطلاب (حوالي ٤٠ الف طالب) وأكبرها من حيث عدد الطلاب الذين يلتحقون بكلية الطب (حوالي ٤٥٠ طالب)، تم التعاقد من بعض الجامعات مثل جامعة سانت أندروز في اسكتلندا علي قبول حوالي ١٥٠ طالب، لدراسة السنتين الاولى والثانية (المرحلة الاولى)، ثم الانتقال الي مانشستر لاستكمال الثلاث سنوات الاكلينكية. وكذلك تم انشاء عدة أفرع للمستشفيات الجامعية داخل نطاق مدينة مانشستر الكبري مثل مستشفيات Wythenshow، ومستشفيات Preston بالاضافة الي المستشفيات المركزية (MRI) في قلب مدينة مانشستر.
ولتحقيق التميز في كل فرع من الأفرع الجديدة، جعلت له الجامعة تخصص بعينه ليكون مركزًا للتميز، فمثلا جراحات القلب والصدر تجري في Wythenshow، وجراحات المخ والاعصاب المتقدمة تجري في Salford، وهكذا. وفي جامعة المنصوره ايضا، انشأ مركز امراض الكلي والمسالك البولية مركزا تابعا له في مدينة منية سمنود، ينتقل اليه الاطباء يوميا من المركز الاساسي في المنصوره ويعودون في المساء.
فكرة إنشاء افرع جديدة في المدن المحيطة بالعاصمة فكرة جيدة ربما تحقق عدة منافع، اهمها منع التكدس علي عواصم المحافظات، والانتقال الي المواطن بجوار سكنه لمنع انتقال المرضي وذويهم الي التكدس داخل وخارج المستشفيات الجامعية. الفكرة تستحق الدراسة، خاصة ان اعداد هيئة التدريس والهيئة المعاونة في الجامعات العريقة تسمح بالانتشار في نظاق جعرافي أوسع دون الضرر بالمستشفيات الام.
ويبقي السؤال الاهم وهو أين المستشفيات التي يمكن ان يتم فيها تدريب الطلاب والأطباء؟ والاجابة ببساطة هي ان يتم رفع كفاءة مستشفيات وزارة الصحة في المراكز (المستشفيات العامة والمركزية) بحيث تطابق المعايير التي حددتها امانة المستشفيات الجامعية. أعتقد ان ذلك ليس صعبًا، خاصةً مع تجاوب وزارة الصحة وتعاقدها مع اساتذة الجامعات لرفع كفاءة مستشفيات وزارة الصحة. وأخيرًا بالتنسيق بين وزارتي التعليم العالي ووزارة الصحة يمكن التوافق علي التعاون لتحقيق فائدة مشتركة تضمن تعليم جيد لطلاب كلية الطب، وتدريب افضل للاطباء في وزارة الصحة، وخدمة افضل للمريض المصري بالقرب من محل اقامته.