الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هزيمة مدوية لإخوان المغرب في الانتخابات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مُني حزب العدالة والتنمية النسخة المغربية من حركة الإخوان المسلمين بهزيمة مدوية في الانتخابات البرلمانية المغربية بعد 10 أعوام قضاها في رئاسة الحكومة. وهي نتيجة لم تفاجئ الحزب فقط بل فاجأت حتى خصومه السياسيين والمختلفين معه؛ وقد حل في المركز الثامن بـ 12 مقعدا فقط بعد أن حصد في انتخابات عام 2016 عدد 125 مقعدا أهلته لرئاسة الحكومة لدورة ثانية. 

ولا يمكن قراءة الفشل الذريع لحزب العدالة والتنمية في المغرب بمعزل عن سياق تجارب الإسلام السياسي في البلدان العربية وما آلت إليه هذه النسخ الماثلة أمامنا الواحدة تلو الأخرى في مصر والسودان وتونس وأخيرا المغرب.

وفشل هذه التجارب في الحكم أعاد للصدارة النقاش حول الفرق الشاسع بين أداء الأحزاب الإخوانية حين تنتقل من موقع المعارضة إلى إدارة الحكم في هذه البلدان. 

وقد تبلورت لدى شعوب هذه الدول قناعة بعد تجارب عملية محبطة للناس مفادها أن أداء هذه الأحزاب الإسلاموية في إدارة أمور البلاد أكثر سوءًا مقارنة بأداء الحكومات التي كانت محل نقدها ومعارضتها ما يجعل الناس تترحم على الماضي وربما تحلم بعودته رغم سلبياته. 

كما تعلمت هذه الشعوب دروسا دفعت فيها ثمنا غاليا بسبب تدهور المعيشة وزيادة الفساد وسوء الإدارة وتراجع خطط التنمية وفرض القيادات الإخوانية ومناصريهم غير الأكفاء في المناصب والمواقع الإدارية للدولة بدلا من الكفاءات الوطنية، ناهيك عن محاولات السيطرة على مفاصل الدولة كوسيلة للمكوث في السلطة بقطع النظر عن الفشل في تحقيق النتائج المستهدفة.

واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن رفع الشعارات الجذابة القائمة على دغدغة العواطف من خلال محتواها الديني ليس دليلا البتة على توفر الإرادة لوضعها موضع التنفيذ، كما أن رفع الشعارات وصياغتها شيء وتوفر الكفاءة والخبرة وحسن الإدارة عند الممارسة شيء آخر وشتان بين الأقوال والأفعال.

وبعد حملة انتخابية اتسمت بالهدوء بسبب جائحة كورونا، تصاعدت في الأيام الأخيرة التي سبقت بدء الاقتراع في الثامن من سبتمبر حدة المواجهة بين "الإخوان" و"الأحرار" لاستقطاب الناخبين والحصول على أصوات 18 مليون مغربي مسجلين في القوائم الانتخابية من أصل 36 مليونًا من سكان المملكة. وخرج فيها "الأحرار" فائزا في الصدارة بـ 97 مقعدا من أصل 395 بعدما تجاوزت المشاركة 50%، بينما تراجع "الإخوان" إلى ذيل الترتيب. 

وعين الملك محمد السادس رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش رئيسا للوزراء وفقا للدستور، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة لخمس سنوات قادمة. ويضم حزب الأحرار رجال أعمال وتجارا وتكنوقراطا ويقوده رجل الأعمال عزيز أخنوش الذي تولى منصب وزير الزراعة منذ 2007، كما لعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها قبل خمس سنوات فارضًا شروطًا رفضها رئيس الحكومة المكلف آنذاك عبد الإله بنكيران لأشهر. لكن انتهت الأزمة بإعفاء بنكيران من طرف الملك وتعيين الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني مكانه. وقد قبل العثماني بشروط أخنوش، ما يعكس قوته وثقله السياسي المتنامى.

ومع طي ملف حكم الإخوان في أعقاب عشرية كاملة، تتجه الحكومة الجديدة حاليا لمواجهة تحديات بالجملة لخلق فرص عمل للشباب بعد ارتفاع معدلات البطالة وتجاوزها نسبة 12%، و31% بين الشباب أقل من 24 عاما. وتتضاعف الصعوبات في ضوء تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي مع زيادة معدلات الفقر وتفاقم الفوارق الاجتماعية الحادة، إضافة إلى التشوهات الاقتصادية حيث يشكل الاقتصاد غير الرسمي 20 % من الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي. وقد ازدادت حدة هذه المشكلات بسبب التأثير المزدوج لجائحة كورونا والجفاف. 

ولعل الحكومة الجديدة مطالبة الآن وبشكل عاجل إلى تنفيذ إصلاحات هيكلية ملموسة لعلاج تشوهات عقد من حكم الإخوان شهد تراجعا في معدلات النمو مقارنة بعقد سابق، وذلك من خلال تبني "نموذج تنموي جديد" دعا إليه الملك محمد السادس "من أجل مغرب لا مكان فيه للتفاوتات الصارخة بين فئات الشعب". كما يطمح أيضًا إلى تشجيع الصادرات، والاستثمارات الخاصة التي لا تتجاوز حاليا 35%، وتحقيق نسبة نمو تفوق 6% سنويا، ودمج الاقتصاد غير الرسمي والإصلاح الضريبي مع مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035.

olfa@aucegypt.edu