الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وداعًا وسائل الإعلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

  تمكن مستخدمو الإنترنت خلال الفترة الأخيرة من تكوين إعلام خاص بهم. لا يمكن أن نطلق على هذا الإعلام بدقة "الإعلام الجديد" كما أطلق العلماء على الإعلام المعتمد على الإنترنت. إذ أن مكوناته تختلف  من مستخددم لآخر، بل إن البعض اختار استخدام الإعلام الذي تم بثه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. حتى إن البعض لا يفعل غير إعادة التعرض لإعلام سبق بثه، حتى بنشراته الإخبارية. وأحيانًا ينعكس الوضع بشكل أو بآخر، مثلما رأينا ذلك الشاب الإسباني الذي أنشأ صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يتحدث فيها عن حياته المختلفة. إذ يدعي أنه يتحدث إلينا من المستقبل. وأنه الناجي الوحيد من سكان كوكب الأرض. وسيلته في الوصول إلينا هي صفحته تلك. ثم شرع في بث مواد إعلامية باستخدام برامج حديثة. تابعها الجميع بصفتها المستقلة.
   نسمع جميغًا كل يوم عن هجرة المشاهدين من التليفزيون إلى الإنترنت من أجل مشاهدة وحدة إعلامية بعينها دون أن يقطع بث الإعلانات تدفقها. بل يلجأ البعض للإنترنت من أجل مشاهدة كل الحلقات من برنامج ما في يوم واحد. بل إن الأمر وصل لحد إنتاج مواد إعلامية للإنترنت وحده، أو للبث على منصاته قبل الإنطلاق للتليفزيون، وتتخوف شركات الإنتاج التليفزيوني في الولايات المتحدة الأمريكية من هجرة حوالي 70 مليار دولار من التليفزيون إلى الإنترنت. وينطبق ذات لموضوع على الوحدات الإعلامية الصحفية، إذ يمكنك الإطلاع على سلسلة مقالات متتالية عن موضوع واحد في ذات الوقت، دون أن تنتظر صدور المقال مع عدد الغد أو عدد الأسبوع القادم.
 يقدم الإنترنت الوحدة الإعلامية بخيارات متعددة. هذه الخيارات يمكنها أن تجعلها متناسبة معك بكل أو معظم الصور التي تطمح إليها في التعامل مع تلك الوحدة. مثل أساليب حفظ المادة وعرضها وإرسالها وإخفائها وإظهارها وتجزئتها وغير ذلك. دفع ذلك الأفراد إلى تشكيل الوحدة الإعلامية وبطريقتهم بعيدًا عن وسيلة الإعلام التي أُنتجت في إطارها. فهل يعني التعرض لحلقة مسملسل تليفزيوني أُنتجت وعرضت على منصة إلكترونية أنك تشاهد التليفزيون؟. إن الوسيلة الإعلامية لا تعني الوحدة التي تعرض عليها، بل إن التعرض للوسيلة الإعلامية له مميزات مختلفة تنتقل للمتلقي من تعرضه لها كوسيلة لها طبيعة مختلفة تؤثر فيه وتتأثر به.
  طالما الوضع كذلك، فهل نحن بصدد توديع وسيلة الإعلام أيًا كانت، واستقبال عصر الوحدة الإعلامية أيًا كانت طريقة التعرض لها؟. هل الوحدة الإعلامية تساوي الوسيلة التي تعودنا على التعرض لها فيها؟. أم أن الوحدة تتغلب على حدود الوسيلة وتنطلق بتكلفة إنتاج أقل وأسلوب وصول أسرع وأسهل؟. هل نحن على وشك رؤية بيوت لا مكان لمنافذ عرض وسائل الإعلام فيها، إلا جهاز الكمبيوتر الشخصي الذي قد لا يستقبل إلا وحدات من الوسائل لا الوسائل بكامل هيئتها؟. إن وسائل الإعلام تتعرض لتهديد كبير، لكنها لا تراه كذلك لأنها تتكيف معه بأن تشتري أدوات إنتاجه. إذن فهناك تغيير كبير قادم لكن الجميع يستفيد منه حتى قبل أن يسيطر.