الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"سينما البحر المتوسط" كتاب لوليد سيف يغوص في مفهوم إبداع الإقليم

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صدر مؤخرا للأكاديمي والناقد الفني وليد سيف كتاب "من روائع مهرجان الاسكندرية وسينما البحر المتوسط المعاصرة" وهو كتاب نقدي، وشبه تاريخي وتوثيقي صادر عن الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما. 

يلقي المؤلف في الكتاب الضوء على سينما الإقليم، والكشف عن مواهبها والمساهمة فى تشكيل خريطتها وتوضيح مؤشرات صعودها وهبوطها من بلد لآخر، وهو أيضا كان ولا يزال متنفسا حقيقيا لعشاق السينما الذين يسعون إلى تنويع ثقافتهم السينمائية بعيدا عن السينما الأمريكية التي تغرق الأسواق وتتواجد بكثافة فى كافة المهرجانات ودور العرض.

كما يتطرق العمل الى ملمح آخر ألا وهو البحث عن رابط ثقافي مشترك بين شعوب البحر المتوسط.

 هذا الأمر يعد طموحا ساميا لدى الكاتب حيث يقول بنفسه:" كما أن طموحى فى استدراك بعض جوانب النقص فى هذا الكتاب أو فى اعتباره نواه لمشروع كبير للبحث فى سمات مشتركة لسينما هذه الدول المطلة على ذات البحر والتى تضم عددا من الشعوب المتنوعة لكنها بالتأكيد تجمعها صفات مشتركة تؤثر بشكل أو بآخر فى أساليبها السينمائية". 

وبحس إنساني عميق يأخذك سيف مع فاعليات الأفلام التي عرضت خلال العشرين عاما الماضية من خلال سينما البحر المتوسط فيبدأ ببارى عروس الدورة 36 ويقدم رؤية نقدية رقراقة عن هذا الفيلم" باري" فيحدثك عن أم تبحث عن ابنها ومن إلتياع هذه الأم وما تحمله من شجن ينقلك الكاتب من قصة لقصة أب جاف فيتحدث عن فيلم "فينسيت قبل الظهيرة: وهو يراه نموذجا للفيلم القصير المعبر والمكثف، فيسرد لهذه اللحظات قائلا:"فى هذه المساحة الضيقة من الشقة المزدحمة وغير المرتبة والابن يوشك على الرحيل إلى بلاد بعيدة تتشكل الصورة بتكوينات دالة وبالحرص على توزيع أحجام الممثلين وتبادلها فى كل كادر للتعبير عن  مدى سيطرة كل منهما على الموقف، وحيث تلعب قطع الإكسسوار أيضا دورا بالغ الدلالة". ولا ينسى سيف أن يقدم رؤيته لإدارة المهرجان حيث واصل مهرجان الإسكندرية خلال هذه الدوره دوره الفعال والرائد فى الكشف عن مواهب سينمائية جديدة من فنانى الأقاليم، وقد حرص في غير نفاق على إبراز مجهودات الآخرين، ولا يكتف بتقديم العمل من خلال الرؤية النقدية وإبراز حركة الكاميرا وأهمية اللقطة بل يمنحك الحكمة عندما يستهل لعرض فيلم حيث يقول عن الفيلم المغربي "احياء ادم":"تنبع جاذبية العمل الفنى أحيانا من خلال الكشف عن عالم لا نعرفه، لكنها تأتى غالبا من عالم نعرفه ونراه فى حياتنا اليومية بصورة متكررة، لكن بالغوص فنيا فى أعماقه وكشف أسراره الدفينة، وقد اختارت مريم التوزانى أن تلتقط من الحياة صورة نألفها لامرأة نراها تجلس منهكة على الطريق" وهو يصفه بالفيلم الهام في تاريخ السينما المغربية خلال السنوات الفائتة، ويلاحظ على العمل هنا هم الكاتب فيه فطوال تجربته الإبداعية يبحث عن الإنسان للغوص في أعماقه، كما أنه لا يتعامل مع العمل الفني ومبدعه تعامل قاس بل أن النقد عنده محاولة مستمرة لإظهار جماليات العمل وسعي مبدعه لتقديم رؤيته الفنية وإظهار مجهوداته.

 وبوعي ورهافة إحساس يجذبك سيف داخل صالة العرض الخاصة به. فلا ينسى الفن التشكيلي وحكاية دوران عدسة الكاميرا، والحركة، والصوت وغير ذلك، كما أن هناك ملمحا هاما يقودك له وهو ملمح إحصائي عن السينما المغربية فاستنادا لما توصل له من دراسة تكون السينما المغربية قد حصدت 25 جائزة دولية من خلال مشاركتها فى المسابقات الرسمية ل 89 مهرجان دولى خلال العام الماضى 2017، وحسب التقارير السنوية للمركز السينمائى المغربى فإن الجوائز تقاسمها 16فيلما منها 9أفلام روائية طويلة (17جائزة) وستة أشرطة روائية قصيرة (6جوائز) وشريط وثائقى طويل واحد(جائزتان)، وهذا أمر غاية في الأهمية حيث يمنحنا خريطة فنية لسينما المتوسط والسينما العربية أيضا، وأشياء كثيرة أخرى توصل إليها وليد سيف في مؤلفه تحتاج لمن يقرأ لكي يُخرج لنا المزيد من الإبداع النقدي في هذا العمل.