الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصريون عرفتهم في باريس «5»: فاروق حسنى.. وزير ثقافة الحضارات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وزير ثقافة لمدة ٢٢ عاما أعطته الوقت لمد شموس التنوير فى أرجاء مصر كلها.

عندما تلتقيه فى الإسكندرية مسقط رأسه -ورأسي- يحدثك عن جماليات روما، وعندما تلاقيه فى روما حيث رأس الأكاديمية المصرية هناك يحدثك عن الإسكندرية وتاريخها الطويل مع حضارات شمال المتوسط. إلا أن اللقاء به فى باريس حيث عمل مديرا للمركز الثقافى المصرى بالحى اللاتينى (حوله من مقهى للشيشة والفول إلى فترينة للفنون وقاعة للآداب) يعنى أنك أمام رجل يحمل مشروعا متكاملا لربط بلاده ثقافيا بشمال المتوسط بشكل عام وفرنسا وإيطاليا بشكل خاص. يعرف الرجل شوارع باريس ويعشق الانغماس فى عمارتها وحكاوى التاريخ فى أركانها وعبق عطور النساء الضائع فى أريج القهوة على مقاهيها. 

عشت معه معركة اليونسكو القاسية (اتهم الرجل بمعاداة السامية فى الوقت الذى كانت فيه الدولة المصرية فى وزارة تقوم بترميم تاريخى لمعبد موسى بن ميمون) وعادالرجل - وقد كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز برئاسة المنظمة الدولية - ليحمل لمصر مشروع المتحف المصرى الكبير ومشروع متحف الحضارات. وكأن وزير الثقافة فى مصر قد أصبح وزير ثقافة الحضارات. كنت أحلم باقتناء ديوان «كبار الحوادث فى وادى النيل» الذى كتبه أمير الشعراء على غرار «أسطورة العصور» لفيكتور هوجو. حمله الوزير معه هدية فى مجلدين خلال إحدى زياراته لباريس، وعندما قامت باريس ولم تقعد عند افتتاح معرضه بالكاروزيل بمتحن اللوفر عام ١٩٩٨ أتى فطاحل الفن فى أوروبا وأساطين الثقافة فى دول المتوسط (سيصعب ذكر أسماء لضيق مساحة هذا العمود الصغير)، وكأن الجميع قد التف حول الرمز الأخير من رموز هذا الكوكب العجيب الذى اسمه البحر الأبيض المتوسط، وكأن فاروق حسنى كان وزيرا لثقافة حضاراتهم. 

كان أندريه مالرو يقول «الثقافة هى تعبير مجازى métaphore للسياسة»، كنت بالأمس مع صديقى د عبدالرحيم على فى زيارة لمعهد العالم العربى بباريس واستقبلنا الصديق جاك لانج رئيس المعهد بحفاوة. وعند الوداع قال إن أفضل من تعامل معهم عندما كان وزيرا للثقافة فى عهد ميتران هو فاروق حسنى وأنه وجه بارز لالتقاء الثقافات. لم يبق إلا اختراع منصب «وزير الحضارات». أطال الله فى عمر فاروق حسني.