الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عاملني بدينك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 يعرف جميعنا عبارة "الدين المعاملة" على أنها حديثًا نبويًا شريفًا، إلا أنها ليست كذلك. وذكر الألباني في مقدمة المجلد الخامس من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، حيث أكد على أن هذه العبارة ليست حديثًا نبويًا، لكن معناها صحيح، وحثت عليها أفعال الرسول الكريم وفحوى أقواله. فالالتزام بالعبادات في الدين الإسلامي يحسن من سلوك العبد وأخلاقه، ومن ذلك قول الله تعالى "وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر". ولكن من منا يعمل على تطبيق هذا القول في حياته؟. القليلون فقط. يتبع الكثيرون مبدأ أرساه الكاتب الكبير عنوانًا لإحدى قصصه القصيرة "أنا لا أكذب ولكني أتجمل". يبدأون في حياكة القصص الجميلة، والواقع البراق حول حياتهم، وحين يأتي الواقع لا تجد من ذلك غير الكلمات. كلمات ليست كالكلمات.
  ليس من الحكمة إذن أن تهتموا بالمظاهر على حساب الأفعال. الجميع يجيدون التجمل لكن القليلون فقط هم من تصدق أفعالهم أقوالهم. وكان ذلك من علامات الفروسية لدى العرب. عامل الناس بما تريد أن يكون يرون دينك فيه. الدين ليس مجرد مظهر يعكس التقوى، ولا صوت يزف اإيمان، ولا عيون تظهر ما لا تبطن. لا تحكموا على الآخرين بمظاهرهم. لأن هذه المظاهر تنتهي بكم إلى الوقوع في خداع كبير. تمامًا كمرآة جحا. فأنت لست كما ترى ذاتك في تلك المرآة.
   عليك أن تسأل نفسك؟ إذا كانت معاملاتك تعكس دينك، فهل أنت راضٍ عن تلك الصورة التي تنقلها لهذا الدين؟. هل هذا ما تريد أن يرى الناس فيه تعاليم دين ارتضيته لنفسك روحًا ودسنور حياة؟ هل حقًا هذا ما تريد أن تنشره حوله؟. هل هذا فعلَا ما تطمح لأن تحققه في حياتك من اتباع دينك؟. لا أظن أن أحدًا يريد أن يعامل الناس بطريقة تعكس غير دينه الذي يعتنقه. كل الأديان تدعو لكل جميل من القول والفعل. كل الأديان من الله والله جميل يحب الجمال. عامل بجمال إن أردت أن تكون جميلًا عبدًا لإله يحب الجمال.
   ذهب الإمام محمد عبده لمؤتمر باريس عام ١٨٨م. حين عاد لمصر، قال مقولته الشهيرة عن انطباعه عن سكان الغرب: "ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا" كان الإمام يشير للمعاملة والسلوكيات التي وجدها هناك، والتي رأى فيه تعاليم دينه، والحقيقة أن تطبيق تعاليم الأديان السماوية يحمل البشر إلى مرتبة راقية من الإنسانية، بحكم طاعة الإله، وأي مرتبة يمكنك أن ترقي لها أعلى من طاعة الإله الأعظم؟!
  صادفت الكثيرين في حياتي ممن توسمت في مظهرهم الخير، ولم أجده في أفعالهم، لذا أتعامل مع الآخرين الآن بمبدأ "لا أعرفكم حتى تتصرفون". وهو أمر يجب أن نجيده جميعًا. إذ أن الفعل هو المحك الذي يكشف الآخرين من حولك على حقيقتهم، وإن الطيور على أشكالها تقع حين تمارس فعل الوقوع.