السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

كواليس دور الإخوان في تدمير العلاقات الجزائرية المغربية.. خبير: تاريخ الجماعة في الرباط حافل بالمؤامرات.. أستاذ علوم سياسية: عناصرها تجيد التخفي

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اعتادت جماعة الإخوان على تخريب المجتمعات التي تعيش فيها، وكذلك العلاقات بين الدول، تطبيقا لمبدأ "فرق تسد" الاستعماري البغيض.
ويتفق المحللون على أن قرار الجزائر الأخير، بقطع العلاقات مع المغرب، تأسيسا على اتخاذ الرباط إجراءات تضر بأن الدولة الجزائرية، يبدو من الأمور التي يقف وراءها التنظيم الدولي للإخوان، الذي يتمتع بمكانة كبيرة داخل المملكة المغربية.
ويرجع المحللون أسباب العبث بالعلاقات المغربية مع الجزائر، للحد الذي أغضب الأخيرة، ودفعها إلى اتخاذ هذا القرار العنيف دبلوماسيا، إلى رغبة الإخوان في عزل المغرب عن محيطها الإقليمي، بحثا عن إيجاد مناخ يسمح للجماعة بالبقاء في منطقة الشرق الأوسط عبر البوابة المطلة على المحيط الأطلسي، بعد أن انهار وجودها أو كاد في جميع دول المنطقة تقريبا. 
تاريخ حافل
ويصف عمرو فاروق، الخبير في شئون الجماعات المتطرفة وجماعة الإخوان، قرار الجزائر بقطع العلاقات مع المغرب، بأنه محزن لكنه ليس مستغربا، مشيرا إلى أن تاريخ الإخوان في المغرب حافل بالمؤامرات السياسية.
وقال فاروق: "النشاط الإخواني في المغرب ليس جديدا، بل إن هناك وثائق تؤكد وجود هذا النشاط، وانتشاره وتوغله، بل وتكشف أهدافه أيضا".
وأضاف: "جماعة الإخوان حاولت في فترة من الفترات تدبير انقلاب على الملك السابق، الحسن الثاني، بعد سلسلة من فتاوى تكفير النظام السياسي في المملكة".
ولفت فاروق إلى أن الجماعة سعت، خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، إلى تكوين جناح مسلح، مدعوم بمشروع مخابراتي لاختراق المؤسسات المهمة في الدولة المغربية.
وتابع: "ولا يمكن نسيان الوثائق التي أعلن عنها خلال السنوات الماضية، التي تتضمن بالتفصيل خطة الجماعة لاختراق مؤسسات الدولة في المغرب، والسيطرة عليها، عن طريق تطبيق فكرة الأخونة، التي فشلت في مصر".
وأوضح عمرو فاروق، أن الخطة الإخوانية، استهدفت تحقيق غايتين الأولى: اختراق مفاصل الدولة والسيطرة عليها، والثانية: عزل المملكة عن محيطها بضرب علاقتها مع دول الجوار، بحيث لا تجد لنفسها متنفسا عندما يبدأ الإخوان في التحرك لنشر الفوضى، والسيطرة على المجتمع. 
وشدد فاروق، على أن جماعة الإخوان لا تمل البحث تنفيذ المؤامرات التي تمكنها من تحقيق غايتها العظمى، وهي التمكين، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الغرب في المغرب، ينقذ الجماعة من الفناء على الأقل داخل منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تأبى قيادات التنظيم الدولي حدوثه، لأن الوطن العربي هو مهد الجماعة، وهو الهدف الأسمى لدولتها المزعومة. 
ومضى عمرو فاروق في كشف كواليس خطة الجماعة لعزل المملكة المغربية، قائلا: "خطط التنظيم الدولي التي جرى كشفها، توضح أن أول أهداف العزل هي تهيئة المجتمع المغربي للتغيير، عن طريق التأثير في اعتقاداته الفكرية والسياسية، بحيث يتم تكوين ما يشبه المجتمع الموازي داخليا، وبمرور الوقت تثير الاختلافات بين المجتمعين فتنة، قادرة على إثارة الفوضى، فيما يشبه ما أرادت الجماعة تطبيقه بين المسلمين والمسيحيين داخل مصر، الأمر الذي يمهد بالتالي لنشأة أجيال متطرفة تستطيع الجماعة استقطابها فكريا وعقائديا. 
وكشف عمرو فاروق، عن وجود رسائل متبادلة بين قيادات التنظيم الدولي للجماعة، يتم خلالها وصف المجتمع المغربي بـ"جحافل الجاهلية والتكفير"، وتدعو إلى التواصل بشكل يسمح بتغيير هذا المجتمع عبر الأدوات التي لا تثير صداما صريحا بين الجماعة وبين الدولة، مع التمهيد لإنشاء قوة مسلحة كجزء أصيل من الكيانات الإخوانية، التي تستهدف السيطرة على المجتمع، ومناهضة الدولة.
ولفت فاروق، إلى أن وثائق التنظيم الدولي للإخوان، بشأن المغرب تكون صورة واضحة لرؤية الجماعة للمملكة المغربية، حيث تعتبرها حاضنة جيدة لنشر الفكر الإخواني، عبر اختراق المجتمع ودفعه نحو إنشاء عداوة وهمية مع أصحاب المذهب الصوفي، لإيجاد صراع يمكن من خلاله هدم الوعي الشعبي ونشر الفتنة المجتمعية.
الوثائق الإخوانية حددت بشكل قاطع أهداف المرحلة، وطريقة الوصول إلى التمكين، ومنها: إيجاد كيان دعوي يكون قادرا على التوغل من أجل نشر الفكر الإخواني، وجذب الأتباع. 
تخفي وتمويه 
ومبديا تأييده للرأي السابق، أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن قدرة جماعة الإخوان على التخفي والتمويه، والعمل السري، تجعل تحركها في اتجاه التمكين بالمملكة المغربية، أمرا شديد الخطورة على أمن المنطقة.
وقال بدر الدين: "جماعة الإخوان تستخدم المراوغة الفكرية والسياسية، حتى تحقق الانتشار المجتمعي، وفي الوقت ذاته دون مواجهة مع السلطة في الدولة، بحيث تصل في النهاية إلى تحقيق قاعدة شعبية، تكون قادرة على إجبار الدولة على السير في اتجاه واحد دون غيره، بشكل يبدو نابعا من إرادة شعبية". 
وحذر بدر الدين، من أن جماعة الإخوان، تستخدم في المغرب أسلوبا شديد الدهاء، عبر 
العمل تحت مسميات مدنية تحضرية تستهوي الشعب المغربي، ذي الثقافة الغربية، وذلك تجنبا للصدام مع المجتمع، أو حتى مع السلطة الحاكمة".
وأشار بدر الدين، إلى أن السلطة في المغرب يجب أن تنظر بريبة إلى مساعي الجماعة من أجل السيطرة على الحركات الاجتماعية الموجودة في البلاد، وضمها تحت راية كيان واحد تقوده الجماعة، مضيفا: "هذا الهدف سعت إليه الجماعة في كل البلاد التي حاولت تنفيذ خطة التمكين فيها، لأنها تريد من وراء ذلك صناعة كتلة شعبية ضخمة، تكون قادرة على تحريكها وقتما تريد.
ولفت بدر الندين إلى أن الجماعة تعتمد منهجا متشابها منذ نشأتها، يقوم على الإيحاء بجهل وكفر الشعوب، والترويج لهذا بشدة، ثم معاداة العلماء الذين يخرجون للرد عليها، والترويج أيضا إلى أنهم "علماء السلطة"، الذين لا يجب الأخذ عنهم. 
وأوضح أن الجماعة تملك حاليا القدرة على جمع المعلومات من عمق مؤسسات الدولة المغربية، بعد أن زرعت عناصرها في القطاعات الشعبية مثل: التعليم والصحة بالإضافة إلى النقابات، ومنظمات المجتمع المدني، وهو ما يجعل انعزال المغرب عن محيطها الإقليمي، أمر شديد الخطورة.
البيان الجزائري
تجدر الإشارة إلى أن البيان الجزائري الصادر بشأن قطع العلاقات مع المملكة المغربية، حمل لهجة حادة، وإشارة واضحة إلى الدور الإخواني فيما يجري، حيث قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إن قطع العلاقات بين البلدين، يعود إلى "أفعال عدائية متواصلة" من المغرب ضد الجزائر.
وقال بيان قطع العلاقات ما نصه: "ثبت تاريخيا، وبكل موضوعية، أن المملكة المغربية لم تتوقف يوما عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ضد الجزائر".
وأضاف: "انطلاقا من مبادئها المعروفة، ترفض الجزائر التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية، مهما كانت الظروف، وقد أظهرت مواقف الجزائر الموثقة تاريخيا، هذا الموقف المبدئي بوضوح، خصوصا خلال أزمات سياسية وأمنية خطيرة هددت استقرار وأمن المملكة المغربية، إلا أن المملكة تخلت عن الالتزامات الأساسية التي تشكل الأرضية المرجعية التي تقوم عليهما عملية تطبيع العلاقات بين البلدين، ودعمت سلسلة من الاعتداءات الخطيرة والممنهجة ضد الجزائر".


من الجلي أن المملكة المغربية قوضت بصفة آلية ودائمة القاعدة التوافقية التي ارتكز عليها البلدان لرسم ملامح علاقة أخوية مبنية على حسن النية والثقة المتبادلة وحسن الجوار والتعاون. وبهذا فإن قادة المملكة المغربية يتحملون مسؤولية تعاقب الأزمات، الواحدة تلو الأخرى، التي ما فتئت خطورتها تتزايد، مدخلة بذلك العلاقات الجزائرية-المغربية في نفق مسدود. إن هذا التصرف المغربي يجر لا محالة شعوب المنطقة إلى الخلاف والمواجهة بدل التآخي والتكامل والاندماج والوحدة، كما يرهن، بصفة خطيرة، حاضرها ومستقبلها.
ويتفق المحللون على وجود إشارات واضحة في البيان الجزائري، للأيادي الإخوانية التي تريد أن تعبث بأمن منطقة المغرب العربي، داعين إلى الانتباه إلى هذه الأزمة، والمسارعة لحلها، عبر القنوات الدبلوماسية، حتى لا تتحقق للجماعة المارقة، وتنظيمها الدولي الأهداف التي يرمون إليها، عبر عزل مجتمع جديد، والانفراد بتغيير ثقافته وتقاليده.