السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«العالم يحترق»  بفعل التغيرات المناخية.. حرائق الغابات تقتل المئات وتدمر آلاف المنازل باليونان وإيطاليا والجزائر وتونس وروسيا وأمريكا.. والخسائر الاقتصادية تُقدر بمليارات الدولارات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

%80 إلى ٩٠٪ من الانبعاثات الكربونية فى العالم تأتى من أمريكا وكوريا والصين وروسيا

 

تغيرات مناخية شديدة لم يشهدها العالم من قبل، نتج عنها اندلاع الحرائق ومصرع مئات المواطنين وتدمير آلاف المنازل في عدد من الدول بالقارات الأمريكية والأوروبية والأفريقية والآسيوية، حيث امتدت الحرائق من سيبيريا شرقا إلى بوليفيا وولاية كاليفورنيا الأمريكية، مرورًا بالجزائر وتونس في شمال أفريقيا، واليونان في أوروبا، الأمر الكارثي الذي يهدد استقرار الأرض في حال عدم وجود حلول جذرية لهذه التغيرات.

اضطراب المناخ السنوات المقبلة

مركز المستقبل - كيف تتعامل الولايات المتحدة مع اضطرابات المناخ القادمة؟

أكدت لجنة المناخ بالأمم المتحدة، في تقرير رسمي، أن غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي مرتفعة بما يكفي لضمان اضطراب المناخ لعشرات إن لم يكن لمئات السنين، حيث تشهد دول حوض البحر المتوسط، من تركيا إلى تونس، مرورًا باليونان وصقلية الإيطالية، أعلى درجات حرارة منذ عشرات السنين؛ محذرة من أن العالم بات قريبا بشكل خطير من سخونة مفرطة.

حريق جزيرة إيفيا باليونان

رجال الإطفاء يعملون على مدار الساعة لمكافحة الحرائق في اليونان - CNN Arabic

اندلع حريق في جزيرة إيفيا، ثاني أكبر جزيرة في اليونان، والذي دمر فيها مساحات شاسعة من الغابات والتهم العديد من المنازل بجنوب الجزيرة، كما دمر الحريق الأكبر الذي اندلع في ٣ أغسطس الجاري معظم شمال الجزيرة وهو أحد أسوأ حرائق الغابات المعروفة في البلاد.

وتم إحصاء اندلاع ٥٨٦ حريقا في اليونان خلال ثمانية أيام، أججتها أسوأ موجة حر منذ ثلاثة عقود في البلد المتوسطي، وفقًا لما أعلنه النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات، حيث أرسلت نحو ٢٤ دولة من أوروبا والشرق الأوسط مساعدات من رجال الإطفاء والطائرات والمركبات.

وفي ٢٩ يوليو الماضي، دمرت الحرائق في اليونان نحو ١٠٠ ألف هكتار، وتسببت في نزوح آلاف السكان.

حرائق غابات بجنوب إيطاليا

حرائق الغابات تهدد الزراعة والمحميات الطبيعية في إيطاليا | مصراوى

ونالت الحرائق من الغابات في جنوب إيطاليا خلال الأسابيع الماضية، وتحديدًا في منطقة "كالابريا" في أقصى الجنوب، وفي جزيرتي "صقلية- سردينيا"، حيث ارتفعت درجات الحرارة لما يقرب من ٤٩ درجة مئوية في جنوب شرق صقلية، والتي تعد أعلى درجة حرارة تسجلها أوروبا، ظلت "مادوني" المنطقة الجبلية قرب "باليرمو" عاصمة صقلية، محاصرة لعدة أيام بسبب النيران التي أذكتها الرياح والحرارة مما أدى إلى تدمير محاصيل ومنازل ومبان صناعية، حيث تم تسجيل أكثر من ٣٠٠ حريق غابات في غضون ١٢ ساعة خلال الشهر الجاري، وفقًا للسلطات الإيطالية.

حرائق غابات بشمال الجزائر

حرائق غابات في الجزائر تودي بحياة شخصين | الشرق الأوسط

اجتاحت حرائق الغابات شمال الجزائر، وتحديدًا في منطقة «تيزي وزو» الأكثر تضررا في منطقة القبائل، حيث أودت الحرائق بحياة نحو ٧١ قتيلًا في حرائق غابات شرق العاصمة، وفقًا لما أعلنته السلطات الجزائرية. أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، بوقوع أكثر من ١٠٠ حريق في ١٧ ولاية جزائرية، كما أعلن الرئيس الجزائري «عبد المجيد تبون» أن حجم الحرائق التي اشتعلت في البلاد لم تشهده الجزائر منذ عشرات السنين، وفقًا لتقرير الحماية المدنية في الجزائر، قام عناصر الإطفاء ومتطوعون بمكافحة ٣٥ حريقا في ١١ محافظة أخرى، من بينها "جيجل- بجاية- بومرداس".

حريق في غابات تونس

أعلنت مصلحة حماية الغابات في تونس أن الحرائق العفوية لم تتجاوز نسبتها ٤٪ في الفترة الواقعة بين أواخر شهر يوليو الماضي ومطلع أغسطس الجاري؛ لافتةً إلى اندلاع ٢١٤ حريقا طالت أكثر من ٣٠٠ هكتار في الفترة بين ٢٣ يوليو و٩ أغسطس.

وسجلت تونس أعلى درجة حرارة بواقع ٤٩ درجة مئوية؛ وقال معهد الأرصاد الجوية في تونس: إن تصاعد الحرارة في شمال تونس تسبب في تسجيل درجات حرارة قياسية في البلاد، تسببت في انقطاع التيار الكهربائي، حيث إن أعلى درجة حرارة مسجلة في تونس كانت ٤٦.٨ درجة مئوية في عام ١٩٨٢، وتواصل السلطات التونسية إخماد الحرائق التي تشهدها البلاد وخاصة في المناطق على الحدود مع الجزائر.

٢٥٢ حريقًا في روسيا

روسيا تحارب حرائق الغابات... النار لا تهدأ - Sputnik Arabic

أفادت الوكالة الاتحادية لحماية الغابات، بأنه تم تسجيل ٢٥٢ حريقًا على مساحة إجماليها ٤.٤ مليون هكتار، وهناك أكثر من ٨ آلاف شخص يساعدون في جهود إخماد النيران، بينما تقدم ١٤ طائرة إطفاء الدعم من الجو، ولا يزال الوضع أسوأ في جمهورية "ياقوتيا" أكبر أقاليم روسيا في سيبيريا الشرقية، حيث تشهد الجمهورية وحدها حرائق على مساحة ٢. ٤ مليون هكتار. ووفقًا لسلطات "ياقوتيا"، تم نشر ٤٩٠٠ جندي على الأرض، ويعمل هؤلاء على منع النيران من الانتشار إلى تسع قرى على الأقل، حيث أكد العلماء الروس أن الحرائق الحالية هي بالفعل نتيجة ارتفاع درجات الحرارة عالميًا.

كشفت وكالة "ناسا"، في بيان لها، أن دخان حرائق «ياقوتيا» اجتاز أكثر من ٣٠٠٠ كيلومتر ليبلغ القطب الشمالي، مضيفة أن دخانا كثيفا ناجما عن حرائق الغابات غطى في ٦ أغسطس القسم الأكبر من روسيا، وهو ما صورته الأقمار الاصطناعية.

الولايات المتحدة الأمريكية

حرائق غابات أمريكا تقتل 15 شخصًا - عالم واحد - خارج الحدود - البيان

اندلع ثاني أكبر حريق غابات في تاريخ ولاية كاليفورنيا الأمريكية، خلال شهر أغسطس الجاري، طال ما يقرب من ٥٠٠ ألف فدان، وأسفر عن إصابة عدد من رجال الإطفاء. وقالت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا، إن حريق "ديكسي" شمال شرقي "سان فرانسيسكو" اتسع إلى ٤٨٩،٢٨٧ فدان من نحو ٢٧٤،٠٠٠ فدان.

وشارك في جهود إخماد حريق "ديكسي" أكثر من ٥٠٠٠ رجل إطفاء، وهذا هو ثاني أكبر حريق غابات في الولاية بعد حريق هائل اندلع في أغسطس عام ٢٠٢٠ وطال على ما يزيد على مليون فدان.

أسباب الحرائق بالغابات

تغير مناخي وعواصف.. خبير يشرح أسباب "الطقس المتطرف" | أخبار سكاي نيوز عربية

ويقول الدكتور على قطب، نائب رئيس هيئة الأرصاد الجوية الأسبق، إن العالم شهد في صيف ٢٠٢١، وحتى الآن تطرفًا في الظواهر الجوية، تمثلت في ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، استمر قرابة الشهرين، متواصلة في درجات الحرارة أعلى من معدلاتها المناخية، بقيم ملحوظة لم تحدث منذ فترات طويلة.

وأدى هذا الارتفاع والموجات شديدة الحرارة التي شهدتها جنوب أوروبا وأمريكا والمنطقة العربية والشرق الأوسط، إلى حدوث حرائق في الغابات مثل الجزائر واليونان وجنوب تركيا وجنوب إيطاليا وكاليفورنيا وكندا، مما أسفر عن موتى.

ولفت إلى أنه كان السبب في هذا الأمر وفقًا لتقييم اللجنة الدولية الحكومية المعنية بالتغير المناخي والتابعة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه حدث ارتفاع ١.١ من ١٠ درجة مئوية عن المعدلات الطبيعية حتى عام ٢٠١٩، وهذا التقرير التابع للجنة تم تقييم بيانات الأرصاد الجوية على مستوى العالم حتى ٢٠٢١، وتم رصد هذه البيانات وإصدار التقييم السادس لهذه اللجنة في ١٠ أغسطس الجاري.

ويواصل قطب، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن هذا التقرير أشار إلى أنه نظرًا لاستمرار تأثر الكرة الأرضية بغازات الاحتباس الحراري المتزايدة، ومن خلال القياسات المرصودة لهذه الغازات مثل غازات الكربون وغيرها، نتيجة للاستخدام البشري لمثل هذه الغازات الدافئة.

وسيستمر الارتفاع في درجات الحرارة حتى عام ٢٠٣٠، والمتوقع لها أن يصل ارتفاع درجة الحررارة ١.٥ درجة مئوية، بل قد يزيد على ذلك وسيؤدي هذا الارتفاع إلى المزيد من تطرف الظواهر الجوية مثل زيادة فترات الموجات الحرارية، وارتفاع درجات الحرارة المصاحب لها على أغلب دول العالم.

بالإضافة إلى ذوبان الجليد في بعض المناطق القطبية الشمالية وارتفاع منسوب المياه في البحار، لدرجة أنه قد يغرق بعض الجزر الموجودة في المناطق الشمالية من أوروبا، والجزر المنخفضة عن مستوى سطح البحر، فضلًا عن حدوث فيضانات وسيول نتيجة للأمطار الغزيرة التي تحدث في بعض المناطق، خاصةً في أوروبا وأمريكا، وحدوث قوة من الأعاصير التي تضرب المحيطات والمدن المطلة عليها، كما أنه قد يحدث تصحر في بعض المناطق وندرة لسقوط الأمطار، تحديدًا في المناطق المدارية مع ارتفاع درجات الحرارة.

توصيات لمجابهة التغيرات المناخية

ويضيف، أن اللجنة الدولية الحكومية المعنية بالتغير المناخي تناشد حكومات العالم بسرعة اتخاذ قرارات تنفيذية من خلال المؤتمرات الدولية بانخفاض الانبعاثات الكربونية بدرجة كبيرة، وعلى الدول الصناعية الكبرى التي تضرب بقرارات مؤتمر باريس للتغيرات المناخية في عام ٢٠١٥، والذي أوصى في تقاريره بسرعة تخفيض هذه الانبعاثات، ودعم الدول المتضررة من التغيرات المناخية في آسيا وأفريقيا بـ١٠٠ مليار دولار. وذلك لمجابهة التغيرات المناخية وإدخال التكنولوجيا الحديثة لهذه الدول، ولكن لم يتم تنفيذ أي من هذه القرارات على أرض الواقع حتى الآن، ولذلك لا بد أن تقوم أمريكا وكوريا والصين وروسيا بتخفيض انبعاثاتها الكربونية والمتسببة بنسبة تزيد من ٨٠: ٩٠ ٪ من الانبعاثات العالمية.

حرائق مدبرة

حرائق اليونان: رئيس الوزراء يعتذر عن حدوث "إخفاقات" مع استمرار حرائق هائلة في جزيرة إيفيا - BBC News عربي

وبينما يرى الدكتور أحمد عبد العال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، أن الحرائق في كثير من دول العالم سواء في أمريكا الجنوبية أو أستراليا أو اليونان أو تركيا أو الجزائر، والتي قد تصل إلى المغرب أيضًا، فإن هذه الحرائق مدبرة من فعل الإنسان.

وأعلنت حكومات هذه الدول أن هناك يدًا خفية تسببت في هذه الحرائق، لأن درجات الحرارة في هذه الأماكن لا تصل إلى الحد الذي يسبب الحرائق في الغابات بهذا الكم؛ مشيرةً إلى أن تأثير هذه الحرائق على التغير المناخي ينتج عنها كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري، مثل أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكربون وغيره.

وتزيد جميع هذه الغازات من سرعة وتيرة التغير المناخي، وتؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وإذا استمر الارتفاع ووصل إلى أكثر من ١.٥ درجة مئوية التي اتفق عليها جميع الدول في لجنة التغير المناخي التي انعقدت في باريس عام ٢٠١٥، سيؤدي إلى عواقب وخيمة جدًا على العالم.

استخدام الطاقة النظيفة

ويستكمل "عبد العال"، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن بعض المناطق في حالة ارتفاع درجات الحرارة قد تصل إلى حد الجليد أو التصحر في مناطق أخرى؛ موضحًا أن الرئيس السيسي تحدث عن مجابهة التغير المناخي في لجنة التغير المناخي عام ٢٠١٥، وهو اللجوء إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، المتمثلة في الشمس والرياح والمياه، وهذه طاقة نظيفة متاحة للجميع بالمجان. وعلى الرغم من تكلفة الطاقة الشمسية إلا أن العالم أجمع لم يلجأ إليها، فإذا استخدمتها دول العالم سينخفض سعرها، نتيجة زيادة استخدامها وإنتاج الألواح الشمسية عالميًا، ولكن لا تعي الدول المتقدمة هذا الأمر.

وعلى الرغم من تأثرها بالتغير المناخي، إلا أن اهتماماتها تنصب على التطور التكنولوجي الذي تتسابق فيه مع بعضها البعض، وبالتالي لا يهتمون بالتغير المناخي، ففي ألمانيا حدثت السيول التي أسفرت عن وقوع قتلى وخسائر مادية مرتفعة، وفي الصين السيول والفيضانات التي دمرت البنية الأساسية لديهم.

وفي أوروبا الشتاء الماضي ضربتهم عاصفة ثلجية لم تحدث من قبل كما وصفوها، وصل بها ارتفاع الجليد من الأرض متر ونصف، ولذلك لا بد من استخدام الطاقة المتجددة للحد من التغيرات المناخية.

الخسائر الاقتصادية

خبير اقتصاد: الثروة المعدنية تحقق التنمية الاقتصادية الشاملة - دار الهلال
الدكتور عادل عامر

ويؤكد الخبير الاقتصادي، الدكتور عادل عامر، أن اندلاع الحرائق في الغابات في عدد من دول العالم جاء نتيجة الاحتباس الحراري الذي تنبأ به مؤتمر باريس عام ٢٠١٩، وكانت مصر والجزائر والدول التي وقعت بها هذه الحرائق، ضمن الحاضرين لهذا المؤتمر، والذي أوصى بضرورة اتخاذ الإجراءات البيئية المناخية، التي تؤدي لحماية هذه الرقعة الاقتصادية الخضراء من الأشجار، والتي تمثل ربع صناعة الخشب في العالم أجمع في هذه الدول.

وأوضح "عامر"، أنه طبقًا للظروف الاقتصادية التي تمر بها هذه الدول لم يسعفها الوقت لاتخاذ مثل هذه الإجراءات الاحترازية وتنفيذ توصيات مؤتمر باريس والحفاظ على المناخ والأخذ بتوصيات العلماء تجاه هذه المناطق الخاصة بالأشجار والمعرضة للاحتراق بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الأعوام المقبلة.

إعادة تأهيل

ويوضح "عامر"، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن الخسائر التي أصابت اقتصاديات العالم نتيجة اندلاع هذه الحرائق تعد بمليارات الدولارات، وستؤثر في القريب على أسعار الأخشاب، لأنها تمثل ٢٥٪ من مصادر إنتاج الأخشاب التي تصدر للعالم أجمع.

ولفت، إلى أن هذه الحرائق أدت إلى الهجرة الداخلية للسكان من هذه المناطق إلى مناطق أخرى، وهذه الهجرة تؤثر على اقتصاد الدول، لأنها غير متوقعة لاستقبال هؤلاء المهاجرين داخليًا، وتسكينهم مرة أخرى بعد أن فقدوا منازلهم ومصادر رزقهم، بما ينقص من الإنتاج الكلي للدول، لأنهم في حالة إعادة تأهيل مرة أخرى للعمل والتسكين.

مرض بيئي علاجه طويل الأجل

خبير اقتصادي يوضح سبب تفاؤل أسواق النفط العالمية بعد تعويم السفينة الجانحة في مصر | عالم البيزنس
 أحمد معطي

كما يقول الخبير الاقتصادي، أحمد معطي، إن اندلاع الحرائق في الغابات على مستوى دول العالم هي الأزمة العالمية القادمة والمتوقعة، بسبب تغير طبيعة المناخ والتلوث البيئي؛ مؤكدًا أن هذه الأزمة ستكون الأصعب مقارنةً بأزمة فيروس "كورونا" المتسجد كمرض صحي، إلا أن الحرائق تسبب شللا للاقتصاد بالكامل، وتؤدي إلى وفيات كثيرة وخسائر مادية هائلة، فهي مرض بيئي.

ويضيف "معطي"، أن الكوارث البيئية يصعب التحكم بها أو علاجها بشكل سريع الأجل، فإن معالجتها سيكون أمر طويل الأجل، وتحاول دول العالم قدر المستطاع التغيير من أسلوبها البيئي في الاعتماد على البترول والنفط للتقليل من حجم التلوث البيئي، ومواجهة التغيير المناخي، حيث إنهم يعتمدون خلال الفترة الراهنة على الطاقة الكهربائية، وأصبح توجها عالميا مستقبلًا، وكذلك الطاقة الشمسية للتقليل من حجم الأضرار البيئية الناجمة عن الاعتماد على المصادر الثقيلة.

قطاعات الزراعة والسياحة والصناعة

خبراء اقتصاد: الدولة تدير ملف الدين باحترافية بدليل نجاحها فى خفض الدين الخارجي.. ويؤكدون: المعدلات الحالية آمنة ولا قلق من قدرة مصر على السداد..والحكومة نجحت فى زيادة إيراداتها من القطاعات المدرة للعملة
الدكتور مصطفى أبو زيد

ويرى الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن هناك تداعيات سلبية كبيرة على حرائق الغابات على المستوى الاقتصادي، حيث تضرر العديد من القطاعات منها قطاع السياحة والصناعة والزراعة، فإن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها أستراليا عام ٢٠٢٠ نحو ٤.٤ مليار دولار، وفى تركيا التي أثرت على قطاع السياحة الذي يمثل ٥٪ من الاقتصاد التركي، وتقدر الخسائر المبدئية لحرائق تركيا بقيمة ٣٥ مليار دولار.

ويقول "أبو زيد"، في تصريح خاص لـ"البوابة"، إن العديد من الدول التي تأثرت سلبًا بسبب حرائق الغابات، حيث يؤدى ذلك إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، وتدهور في تراجع مساحة الأراضى الزراعية، وبالتالي التأثير على الحاصلات الزراعية، ومساهمة القطاع الزراعى في حجم الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر السلع الزراعية في السوق، بالإضافة إلى تراجع إنتاج الأخشاب، وبالتالي التأثير على صناعة الأثاث فضلًا عن التأثير على الثروة الحيوانية، نتيجة نفوق الكثير من الحيوانات.

ويتابع: وهناك أيضًا مخاطر كبيرة على شركات التأمين، نتيجة ارتفاع تكلفة مخاطر التأمين، حيث بلغت خسائر شركات التأمين على مستوى العالم حتى النصف الأول من العام الجاري ٧٧ مليار دولار، إلى جانب التداعيات البيئية من تلوث والتأثير على صحة المواطنيين.

الخسائر البشرية

رشاد عبده: مصر حافظت على قوة الاقتصاد خلال الموجة الأولى لكورونا|فيديو - بوابة الأهرام
الدكتور رشاد عبده

من ناحيته؛ يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الدول الغربية لم تحدد حجم الخسائر المادية التي تعرضت لها نتيجة حرائق الغابات، خلال الفترة الراهنة، لأنهم ركزوا بشكل كبير على الخسائر البشرية التي تعرضوا لها، من فقدان مئات المواطنين.

وأوضح "عبده"، أن هناك هكتارات عديدة جدًا داخل الغابات تعرضت للاحتراق، الأمر الذي سبب خسائر عديدة جدًا، والأخطر أن هذه الظاهرة متكررة سنويًا، إلا أن وصول هذه الحرائق في المنطقة العربية أمر مستحدث هذا العام، نتيجة التغير المناخي الذي يشهده العالم حاليًا.

ويضيف عبده، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن الحرائق اندلعت في لبنان والأردن والعراق والمغرب والجزائر وتونس وهو أمر يحدث لأول مرة، عكس ما يحدث في الدول الغربية سنويًا، والتي ترجع أسبابها إلى التغير المناخي الذي يشهده العالم، إلا أن الدول العربية قد ترجعه إلى أنه بفعل فاعل لتصفية الحسابات.

ويؤكد أن حجم الخسائر كبير جدًا، لأن بعض الحرائق كانت قريبة من المنازل مثل ما حدث في الجزائر، وبعضها الآخر في مناطق بعيدة عن النطاق السكاني، فكلما كانت الحرائق قريبة من المنازل كانت الخسائر البشرية أعلى وكذلك الخسائر المادية.