الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أفغانستان ملاذ آمن للإخوان.. أذرع طالبان مفتوحة للجماعة وترحب وبأموالهم.. الإرهابية تمتلك مؤسسات اقتصادية كبيرة والحركة بحاجة إليهم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أفغانستان  ملاذ آمن للإخوان.. أذرع طالبان  مفتوحة للجماعة وترحب وبأموالهم.. الإرهابية تمتلك  مؤسسات  اقتصادية كبيرة  والحركة بحاجة  إليهم

بعد أن سيطرت حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول (الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١، ) ارتفع سقف توقعات عدد ليس بالقليل من خبراء الحركات الإسلامية والعاملين في مجال الإسلام السياسى، بأن أفغانستان تحت حكم طالبان سوف تكون ملاذا آمنا لعناصر وقيادات جماعة الإخوان الهاربين من مصر فى الفترة القادمة خصوصا بعد التضييق النسبى على هذه العناصر فى تركيا وقطر،

هذا الطرح يستند لتقديم جماعة الإخوان دعما ماديا وإغاثيا وإنسانيا لطالبان والجهاديين في أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت، فضلا عن وجود فرع للإخوان هناك، وقد عرضت القيادات الإخوانية هذه الفكرة فى وقت سابق على إبراهيم منير القائم بعمل المرشد عبر مؤتمر عقد فى يوليو الماضى ٢٠٢١، فى العاصمة البريطانية لندن، ولم يعارضها، لكنه طلب مزيدا من التشاور مع قيادات التنظيم الدولى، ومسئولى حركة طالبان، والنظام التركى، خاصة في ظل الخلاف الحالى بين طالبان ونظام أنقرة بسبب وصف طالبان للتواجد التركى فى أراضى أفغانستان بالاحتلال. وللإجابة على هذا السؤال لا بد من العودة لتاريخ العلاقة بين جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى وحركة طالبان تلك العلاقة التى مرت بمرحلتين مختلفتين من التلاقى والتنافر.

التلاقى

الإخوان" و"طالبان"وجهًا لوجه في كابول | حفريات
كابول

لم تكن كابول بعيدة تمامًا عن مصيدة الإخوان، إذ تم استقطاب هارون المجددى مندوب الهيئة العربية عن أفغانستان، واستقباله فى مقر المركز العام للجماعة فى القاهرة عام ١٩٤٨، كما لعب "قسم الاتصال" بالعالم الإسلامى والبلاد العربية الذى أسسه حسن البنا عام ١٩٤٤، دورًا مهمًا فى استمالة الشباب الأفغان الوافدين للدراسة فى جامعة الأزهر، أمثال برهان الدين ربانى وعبد رب الرسول سياف، ومحمد خان نيازى، وقلب الدين حكمتيار، وغيرهم، والذين تمكنوا من نشر المنهجية الفكرية للإخوان بين طلاب الجامعات، وأسسوا حركة "الشباب المسلم"، و"جمعية خدام الفرقان"، و"الجمعية الإسلامية"، لدرجة دفعت حكومة داود خان إلى متابعتهم وملاحقتهم أمنيًا.

 

مع اشتعال الحرب الأفغانية السوفياتية التى استمرت من ديسمبر ١٩٧٩ حتى فبراير ١٩٨٩، كانت جماعة الإخوان الداعم الأساسى والمموّل الرئيسى لجبهات المقاتلين الأفغان، تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أشرفت جماعة الإخوان مباشرةً على المشهد الأفغانى، وكلّفت كمال السّنانيرى (زوج شقيقة سيد قطب)، إدارة ملف الحرب الأفغانية، ومن بعده الدّكتور أحمد الملط، بمساعدة الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، والدكتور كمال الهلباوى، والدكتور مناع القطان، خلال فترة المرشد الرابع للجماعة، محمد حامد أبو النصر، وفقًا لمذكرات عبد المنعم أبو الفتوح المنشورة بعنوان "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر"، فضلًا عن تأسيسهم جبهة موحَّدة للقتال ضد الروس تحت مسمى "الاتحاد الإسلامى لمجاهدى أفغانستان"، برئاسة عبد رب الرسول سياف عام ١٩٨٣.

 الحرب الأفغانية السوفياتية

من جهة أخرى، كان للإخوانى الفلسطينى عبدالله عزام دور بالغ في تأسيس مكتب "خدمات المجاهدين العرب" فى بيشاور عام ١٩٨٤، بالتعاون مع "معسكر مأسدة الأنصار"، و"بيت الأنصار" ١٩٨٤، اللذين أسسهما أسامة بن لادن، وكانت تلك المكوّنات المسلحة النواة الأولى لتنظيم القاعدة في ما بعد.

 

عمل مكتب الخدمات على جمع التبرعات من العديد من البلدان الغربية، والولايات المتحدة، من خلال فروعه المنتشرة فى أكثر من ٣٣ مدينة أمريكية، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية من أجل دعم المقاتلين الأفغان، فضلًا عن تأسيس منظمة الإغاثة العالمية Global Relief Foundation، عام ١٩٩٢، ومقرها بريدج فيو، في ولاية إلينوى، وهى ثاني أكبر مؤسسة خيرية إسلامية فى الولايات المتحدة، وارتبطت بعلاقات مباشرة مع مكتب "خدمات المجاهدين"، وأسهمت هذه الفروع فى تجنيد الشباب وتمويلهم وتدريبهم وإلحاقهم بمعسكرات القتال الأفغانى. 

التنافر

سقوط حركة

"طالبان" عام ٢٠٠١، كان بمثابة بداية ملهمة لقيادات الإخوان في إعادة تموضعهم التنظيمى فى العمق الأفغانى، والتغلغل فى مفاصل المؤسسات الثقافية والفكرية الاجتماعية والسيادية، إبان حكم الرئيس حامد كرزاى، كبديل لـ"طالبان" التى دخلت فى منافسة شرسة مع جماعة الإخوان نهاية التسعينات من القرن الماضى، رغم المظلة الفكرية الجامعة بين أدبياتهما في مفاهيم أسلمة المجتمعات والسيطرة على الحكم، إذ وقعت المؤسسات السيادية الأفغانية، تحت هيمنة جماعة الإخوان، فى مقدمتها جهاز المخابرات المركزية، الذى ظل تحت سيطرتهم لفترة طويلة، ويتولى رئاسته حاليًا أسد الله خالد، أحد رجال عبد رب الرسول سياف، فضلًا عن احتفاظهم بمنصب رئيس أركان الجيش الأفغانى، وسيطرتهم على جهاز الأمن الداخلى والمؤسسات القضائية، وامتلاكهم مجموعة من شركات الحراسات الخاصة والخدمات الأمنية.

طالبان

في يونيوعام ٢٠٠٢، أعلنت ٣٠ قيادة أصولية تأسيس كيان سياسى يمثل جماعة الإخوان فى أفغانستان، تحت مسمى "الجمعية الأفغانية للإصلاح والتنمية الاجتماعية"، والتى ضمت عدد كبير من المدارس التعليمية الخاصة، وأكثر من ٤ معاهد لتعليم الفتيات، و٨ مدارس لتدريس العلوم الشرعية، و٧ معاهد متخصصة فى تأهيل المعلمين، منها على سبيل المثال معهد "الإصلاح لإعداد وتأهيل المعلمات"، أنشئت عام ٢٠٠٨؛ معنية بدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، و"إصلاح النموذجية"، أُسست عام ٢٠٠٦ فى مدينة جلال آباد، و"دار العلوم الإسلامية" أُنشئت عام ٢٠٠٨، ومدرسة "الفلاح" للبنات، أُنشئت عام ٢٠٠٩ بمدينة جلال آباد، وتخصصت فى إعداد الكوادر القيادية فى المجالات الفكرية والعلمية والمهنية.

لما للإعلام من تأثير قوى وفاعل، اتجهت جماعة الإخوان إلى تأسيس كيانات إعلامية تدافع عن توجهاتها وأفكارها، منها قناة "الإصلاح"، كأول قناة فضائية أفغانية، وإذاعة "صوت الإصلاح"، تأسست عام ٢٠٠٨، إلى جانب إصدار المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية، مثل "إصلاح مللى" وتصدر أسبوعيًا بالفارسية والبشتو، ومجلة "معرفة" وتصدر شهريًا باللغة الفارسية، ومجلة "جوان" وتصدر بالبشتو، ومجلة "رسالة الإصلاح"، (نصف شهرية)، ويطبع منها أكثر من ١٠٠ ألف نسخة، ولها تأثير بالغ فى الشارع الأفغانى.

تمتلك جماعة الإخوان داخل أفغانستان مؤسسات اقتصادية كبيرة، فضلًا عن الدعم المالى المقدم من قيادات التنظيم الدولى، إذ إن معظم المشاريع التى تنفذها الجماعة، سواء الدعوية أم

التعليمية، تطرح بصورة مجانية أو رمزية، خاصة المعنية بعمليات الاستقطاب والتجنيد الفكرى والتنظيمى، بهدف خلق دوائر تعاطفية مع أطروحات الجماعة ومستقبلها فى الداخل الأفغانى.

يأتي فى مقدمة العناصر الأصولية المحسوبة على جماعة الإخوان، والفاعلة في إدارة المكوّن التنظيمى، الدكتور عبد الصبور فخرى، أستاذ اللغة العربية فى جامعة كابول، ومحمد صهیب رءوف، وأمين معتصم، ونصیر أحمد نویدى، ومحمد نعیم جلیلى، وصفت الله قانت.

 

ما تقدم يجعل الإجابة على سؤال العنوان

 "هل تكون أفغانستان ملاذا آمنا للإخوان بعد سيطرة طالبان؟"،يمكن النظر اليه من ناحيتين مختلفتين: فجماعة الإخوان الإرهابية لم تكن فى الفترات الأخيرة حليفة لطالبان بل عملت على احتلال مكانها فى الواقع الأفغانى وحققت مكاسب عديدة بتعاونها مع الحكومات المختلفة القريبة من العدو الرئيسي للحركة – الأمريكان – وتتمتع جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى بعلاقات قوية مع أعداء الحركة بشكل عام، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى الاختلافات الأيديولوجية بين جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي وحركة طالبان سواء على المستوى النظرى أو على مستوى الممارسة، خصوصا فى مسائل الحريات ووضع المرأة والموقف من الآخر الدينى أو السياسى، ورغم ذلك فان ما يرجح التقارب بين الحركتين احتياج طالبان للأموال لإعادة الإعمار والتمكين وفي هذه الحالة ربما تلعب قطر دورا مهما مع طالبان للسماح باستقبال العناصر الإخوانية، وكذلك على التنظيم الدولى أن يقوم بضخ أموال كافية ولو في هيئة استثمارات لتسهيل وجود عناصره هناك.