الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

طالبان تعود.. انتبهوا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في رده على سؤال عما إذا كانت لقطات الطائرات الهليكوبتر وهي تجلي أمريكيين تعيد للذاكرة الرحيل الأمريكي عن فيتنام في عام 1975، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لقناة (إيه.بي.سي) “دعونا نتأمل الأمر..هذا ليس مثل سايجون بكل وضوح".
السؤال مهم جدا، ولكن الإجابة هروب، وربما تكشف عن مؤامرة تمت تحت سمع وبصر العالم لتسليم دولة لجماعة مسلحة،أقل ما يقال عنها أنها تنظيم إرهابي، وفقا لتصنيف دول العالم، والعديد من المنظمات.
حتما هناك سر ما يحكم ما جرى في أفغانستان، التي سقطت في غضون أقل من أسبوعين، بفعل فاعل وبترتيب سري، ربما الطرف فيه صراع دول، وحرب مصالح بينها أطراف دولية، ومحاولة من دول لتحاصر بعضها في منطقة من العالم على حساب شعب أنهكته الحروب والدمار، والإفقار مع سبق الإصرار والترصد.
المؤشرات تؤكد أن هناك ترتيب ما تم وبإتفاق، وبمباركة من بعض دول العالم، لدرجة أنه تم في مرحلة ما الإعلان عن توافق على تقاسم السلطة، ومزيد من الإنهاك لدولة تحكمها التضاريس، ولا يحمها البشر، وهو ما أفشل جيوش الولايات المتحدة الأمرييكية ومن قبلها روسيا في تحقيق انتضار في معارك تم انفاق عشرات بل مئات المليارات من الدولارات فيها.
الغريب في ملف أفغانستان، هو هذا الإنهيار المفاجئ لبلد في نحو 9 أيام، على يد حركة قوامها في أحسن تقديرات الأرقام 75 ألف فرد تسلحيهم لا يتجاوز في أفضلها الـ"تشيكيلنكوف"، في مواجهة جيش رسمي أنفقت عليه واشنطن في أقل التقديرات 978 مليار دولار.
وجرى تقهقهر غير مسبوق في تاريخ المعارك الحربية، بل أن الرئيس الأفغاني أشرف غني فر هاربا تاركا وكنه وشعبه، متحججا بأنه خشي على دماء الأفغان، والمواجهات العسكرية، بينما هناك أنباء تقول أنه الرئيس هرب حاملا حقائب مليئة بالأموال، لدرجة أن بعضها تركها على مدرج المطار، وفقا لما نشرته وكالات أنباء.
وما يؤشر إلى خطورة ما جرى أن دول العالم بحثت عن حماية مصالحها، وكل دولة سعت إلى اجلاء جالياتها من الأراضي الأفغاني، وخصوصا من كابول، التي كانت اشبه بمننطقة سكنية مغاقة لسنوات طويلة، وتعيش تحت الحراسة على مدار الساعة، بل أن الرئيس الأفغاني نفسه لم يغادر قصره طيلة سنوات حكمه السبعة، إلا من أجل الضرورة والسفر في مهام سرية، وتحت حراسة مشددة.
أفغانستان تنتظر مصيرا مجهولا بكل الصور، وهناك تخوفات من عودة محتملة لطالبان لممارساتها القاسية السابقة المتصلة بفرضها أحكام الشريعة، خلال فترة حكمها بين عامي 1996 و2001، والتي شوهت كل الحياة المدنية، وحطمت الآثار ومعالم الحضارات، تحت مسميات "الوثنية"، بل لم تسمح طالبان للنساء بالعمل، وطبقت عقوبات مثل الرجم والجلد والشنق.
مهما كانت تصريحات زعماء طالبان، والتي جاءت على لسان المتحدث الرسمي بإسم مكتبها السياسي، محمد نعيم بأن الحركة لا ترغب في العيش في عزلة  وستعمل على إقامة علاقات سلمية مع المجتمع الدولي، وأنه شكل النظام الجديد في أفغانستان سيتضح قريبا في تأكيد على التغييرات التي تعتزم الحركة القيام بها"، رغم هذه الرسائل إلا أن الجميع بما فيهم الأفغان أنفسهم يخشون من أن تعود طالبان لممارساتها القاسية والمتطرفة.
المؤكد أن طالبان تنتظر الخروج الشامل للقوات الأجنبية، لتعود لسياساتها التي قامت على اساسها وفي أبجدياتها، وهي إقامة "إمارة إسلامية" بمفهومها العام والخاص، والإنتقام من كل من تعاون مع القوات الأجنبية بكل جنسياتها، والعيش في عزلة، والعودة للوسع في زراعة "القنب" لإنتاج الأفيون.
ويكفي أن ندقق في كلمات قالها "محمد نعيم" والذي قال حرفيًا "هذا يوم عظيم للشعب الأفغاني وللمجاهدين، وأنهم شهدوا ثمار جهودهم وتضحياتهم على مدار 20 عاما، ولقد وصلنا إلى ما كنا نسعى إليه وهو حرية بلادنا واستقلال شعبنا ولن نسمح لأحد باستخدام أراضينا لاستهداف أي جهة ولا نرغب في الإضرار بالآخرين، وأن الحركة لا تعتقد أن القوات الأجنبية ستكرر تجربتها الفاشلة في أفغانستان مرة أخرى".
ويعني أن المواجهة قادمة، بعد ترى "طالبان" أنها انتصرت في معركتها مع أكبر جيوش العالم تقدما، لتجبر واشنطن على تكرار انسحابها، بشكل هو أقرب إلى ما جري في الحرب الأمريكية في فيتنام.
القضية جد خطيره، والعالم يواجه مرحلة جديدة من التطرف، وربما تكون أفغانستان هي الملجأ لجماعات وتنظيمات إرهابية على رأسها فلول "داعش"، والقاعدة، وغيرها، وربما مطاريد الإخوان.
وهنا أتذكر جانب آخر من الصورة، وهو موقف العديد من الأفغان أنفسهم من هذه الحركة، وأتذكر كلمات "زفير" هذا الجنايني الذي تعاملت معه عن قرب خلال عملي بالإمارات، والذي كان يرى في "طالبان" أنها يد الله في الأرض، لتحقيق العدالة، والقصاص، وأن من يحاربهم هم أعداء الله.
نماذح "زفير" كثيرة جدا، وقد يكونوا هم وأجيالهم وقود جديد لزيادة قوام الحركة، وهم من تم تجاهلهم في عمليات الإنفاق الأمريكي والعالمي "978 مليار دولار" والتي تركزت على التسليح، وتجاهلت التنمية.
الحذر مما هو قادم سيظل قائما.. انتبهوا جميعًا.