الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

سليمان شفيق يكتب .. السنة الهجرية تعانق أعياد السيدة العذراء

سليمان شفيق
سليمان شفيق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعانق احتفالات رأس السنة الهجرية أعياد صيام السيدة العذراء، أغسطس الجاري في مشهد يجسد اللحمة الوطنية المصرية، بين جميع المواطنين.
في بداية القرن الماضى دعا المفكر والفيلسوف أحمد لطفى السيد - أحد رواد حركة التنوير- إلى الاحتفال بيوم المولد النبوى الشريف، ودعا الشاعر إسماعيل صبرى للاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية، لكن بطرس باشا غالي رئيس الوزراء حينها أصدر قرارًا باعتبار يوم المولد النبوى الشريف عيدا رسميًا في الدولة، وتبعه بقرار آخر باعتبار رأس السنة الهجرية عيدًا رسميًا عام ١٩٠٩.
وفى الاحتفال الرسمى كان خطيب الاحتفال هو «مرقس باشا حنا» الذى كان عضوًا بالهيئة العليا للحزب الوطنى وهو القطب الوفدي الذى شغل منصبًا وزاريًا في أول وزارة شكلها سعد باشا زغلول قائد ثورة ١٩١٩ وفى ظل دستور ١٩٢٣، وعضوًا بأول مجلس لتأسيس الجامعة المصرية.. أشاد في كلمته بالقيمة الإسلامية السامية المتمثلة في التعايش الحضارى.. كما بين المصريين.
ورغم مناخ الفتنة الذى حاولت تركيا إذكاءه من جانب بإرسال بعثة ترفض شعار «مصر للمصريين» لأنها ولاية عثمانية.. ورفض المعتمد البريطانى اختيار بطرس غالى رئيسًا للنظار، ردّ الخديوي عباس حلمى الثانى على المعتمد البريطانى قائلا: أليس بطرس باشا مصريا.. وأنتم الذين أجلستم من ليس مصريا رئيسا لمجلس النظار ثلاث مرات «نوبار»؟
وفي تلك الأيام يتعانق صيام رأس السنة الهجرية مع صيام العذراء البتول، وأكدت دار الإفتاء، أنه: «يجوز التطوع بصيام أول يوم من أيام شهر الله المحرم الذي هو أول شهر من شهور السنة الهجرية، ويستحب الإكثار في هذا الشهر من الصوم؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»، وهو الحديث الذي رواه مسلم.
نحن أكثر الأمم احتفالا بالأعياد «33» على مدى العام، أهمها الأعياد الدينية مثل: «رأس السنة الهجرية، عاشوراء، المولد النبوى الشريف، عيد الفطر، عيد الأضحى، عيد الميلاد المجيد، عيد الغطاس عيد دخول المسيح مصر، ذكرى انتقال العذراء، عيد العنصرة وعيد الصعود»، ويتعانق فيها دائما صيام المصريين ووحدة الروح في الله والوطن.. والاحتفال برأس السنة الهجرية تذبح الذبائح وتؤكل الفطائر أو الكسكسي وتتلي آيات ذكر الله الحكيم وتقام الأذكار والتواشيح ويتم توزيع تلك الفطائر والكسكسي على الجيران مسلمين ومسيحيين (وفقا لما ذكرته الدكتورة عواطف عبد الرحمن، في مقال بعنوان "بانوراما الاحتفال برأس السنة"، والذي نشرته في كتابها "المسكوت عنه في مصر المحروسة)
ويتزامن في ذلك توزيع المسيحيين فطائر العذراء على جيرانهم المسلمين.
الوحدة التي تجمع المصريين هى حب لله ورسله، وتقوى للرحمن وخشية من عقابه؟ كما أن الأمر يرتبط بشدة المظالم التى مر بها هذا الشعب على مختلف العصور، فلم يعد أمامهم سوى الزهد والتوكل على الله في طرح هذه المظالم، أم أن قيم الحرمان النسبى والتحديات الكبيرة الاجتماعية دفعت مقدرات الشعب على الانقطاع عن الطعام؟ كل تلك المناحى جعلت المصريين يرتبطون بالصوم روحيا ودينيا، وارتباط ذلك جليا بالهوية المصرية منذ عصور الفراعنة وحتى الآن، المصريون المسلمون رغم أنهم من أهل السنة، لكنهم يصومون عاشوراء ويحبون آل البيت، ويتقربون من الأعتاب، كما أن الصيام في المسيحية ليس سرا من أسرار الكنيسة القبطية السبعة، لكنه يرقى إلى مرتبة السر. كما أن التاريخ يذكر أن انتصارات المصريين كانت تحدث دائما في أثناء الصيام مثل صيام راس السنة الهجرية أو صيام رمضان مثل، معركة عين جالوت والانتصار على التتار، ومعركة حطين والانتصار على الصليبيين واستعادة بيت المقدس وصولا إلى نصر العاشر من رمضان وهزيمة العدو الصهيونى.
ويتذكر المصريون المسلمون هجرة الرسول كما يتذكر المصريون المسيحيون هجرة العائلة المقدسة إلى مصر في نفس الوقت، إنها مصر التي تتوحد في حب الله ورسله والوطن.