الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أهلاوي ولا زملكاوي حضرتك؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كرة القدم لها سحر خاص، وأظن أن الغالبية العظمى من سكان الكرة الأرضية يتابعون كرة القدم بشكل أو بآخر، لم تعد متابعة أخبار اللعبة واللعيبة مقصورة على الدوري المحلي، بل أصبحنا نتابع الدوريات العالمية في كل قارات العالم، خاصة في أوروبا وبالأخص الدوري الإنجليزي والأسباني والإيطالي والألماني والفرنسي. لم يعد كافيا أن تكون أهلاويا أو زملكاويا، بل أصبح هناك مشجعون لكل الفرق العالمية خاصة، ليفربول الإنجليزي حيث يلعب النجم المصري محمد صلاح، وبرشلونة الإسباني حيث يلعب النجم الأرجنتيني ميسي، ويوفنتوس الإيطالي حيث يلعب  النجم البرتغالى كريستيانو رونالدو.
وبالنسبة لي، فقد مارست لعبة كرة القدم في صباي، ولعبت في قريتي، وشاركت في دورات رمضانية طافت معظم قرى مراكز دكرنس وشربين ومنية النصر وبني عبيد. كنت ألعب في خط الوسط وكان لاعبي المفضل حسن شحاته. كنت أمارس اللعبة بصفة شبه يومية،  وكان والدي رحمه الله يخشى على مستقبلي في التعليم بسبب كرة القدم، ولذا كان حريصا على أن ألعب أثناء الإجازة الصيفية أو في أيام الخميس والجمعة. ومع بداية الثانوية العامة، بدأ التضييق علي في الخروج لممارسة لعبتي المفضلة، ومع بداية التحاقي بكلية طب المنصورة انتهت تقريبا علاقتي بكرة القدم، وأن كنت مازلت أستمتع بمشاهدة اللعبة ومتابعة أخبارها.
أتذكر أنني كنت أشاهد مباريات كرة القدم المحلية منذ بداية ادراكي للأمور منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. في حقبة الستينيات كنت أشاهد مباريات كرة القدم في القهوة حيث لم يكن هناك كهرباء في المنازل، ولم يكن هناك تليفزيونات في البيوت. كنا نشاهد المباريات في تليفزيونات القهاوي وكنا نحصل على بطارية من إحدى العربات أو الجرارات الزراعية مقابل قرش صاغ، أو طلب مشروب مقابل قرشين. كنت أستمتع بتواجدي وسط أطفال القرية وكنا جميعا نشجع النادي الأهلي ونحفظ أسماء لاعبيه عن ظهر قلب.
في السبعينات، ومع مجىء الكهرباء إلى البيوت، اشتري والدي رحمه الله تليفزيون نصر، كان وزنه ثقيل جدا (يحمله رجلان)، وكان مثبتًا على قاعدة قوية في الصالة الكبيرة التي كان يتجمع فيها الأهل والأصدقاء لمشاهدة مباريات كرة القدم والأفلام الأبيض وأسود والمسلسلات. كان والدي رحمه الله يشجع الزمالك بتعصب وكنت أنا أشجع الأهلي، وذات مرة كان الأهلي يلاعب الزمالك وكسب، فاحتفلت بالفوز مع باقي الأهلاوية في الأسرة. بعد المباراة وجدت والدي غاضبا، وقال: أنت إزاي تشجع الأهلي وأنا بشجع الزمالك؟ لازم تبقي زملكاوي زي أبوك!. قلت أنا بشجع الأهلي زي باقي زملائي علشان بيكسب وأنا بحب لاعيبة الأهلي. قال: الزمالك هو نادي الصفوة وكان اسمه نادي المختلط وكان الملك فؤاد ومن بعده الملك فاروق رؤساء شرف للزمالك ولذلك فهو النادي الملكي، أما الأهلي فهو نادي العوام  وكان اسمه نادي الشعب وكل مشجعيه من العمال والحرفية، عاوز تبقى زيهم؟ قلت لا، مقدرش ازعلك أنا زملكاوي من اليوم!.
في الثمانينيات، ظهر الأحفاد في الأسرة، وبدا الانقسام واضحا بين مشجعي الزمالك (والدي وأنا و٥ من الإخوة والأحفاد)، ومشجعي الاهلي (باقي الاخوة  وقرابة ١٠ من الأحفاد). كنا نشاهد سويا مباريات الدوري الا مباراة الأهلي والزمالك، كنا نشاهدها في صالتين منفصلتين، وبعد المباراة كان أنصار الفريق الفائز يحتفلون على طريقتهم الخاصة، مع مراعاة شعور الوالد وتجنب ذكر الزمالك بسوء. الحقيقة أن الفريقين كانا متقاربين إلى درجة كبيرة وكنا في الغالب نغلب مرة، ونتغلب مرة، ونتعادل مرتين.
الشىء الوحيد الذي كنا نتجمع عليه هو مباريات فريقنا القومي، كنا جميعا نشجع فريق مصر القومي بمنتهى الحماسة، وكنا ننسى انتماء اللاعبين لأي من الأهلي والزمالك ونشجع كل لاعبي المنتخب بنفس القوة. أتذكر أننا كنا نلاعب الفريق التونسي، وكان فريقا قويا ونادرًا ماكنا نفوز عليه، ثم حدث تبديل ونزل محمود الخطيب، وبعد دقائق قليلة نجح في إحراز هدف جميل بذكاء ومهارة منقطعة النظير. وقف والدي يرقص ويقول "الخطيب دا واد لعيب"، كنا نحن الزملكاوية نشجع لاعبي المنتخب من الأهلي ( الخطيب ومصطفى عبده ومصطفى يونس وأحمد عبد الباقي ومختار مختار وغيرهم، أكثر من لاعبي الزمالك ( حسن شحاته وفاروق جعفر وعلي خليل ومحمود الخواجه وإبراهيم يوسف وغيرهم). كانت الفرحه بفوز فريقنا القومي لاتعادلها فرحة، كنا نخرج إلى الشوارع والميادين للاحتفال بفوز فريقنا القومي، وكان حلمنا أن نشارك في كأس العالم، وقد كان. شاركنا في كأس العالم في إيطاليا سنة ١٩٩٠، بفريق جديد من لاعبي التسعينيات أهمهم حسام حسن ومجدي عبد الغني ولعبنا ثلاث مباريات، تعادلنا مع هولندا بهدف مجدي عبد الغني الشهير، وتعادلنا مع أيرلندا بدون أهداف ثم خرجنا بعد الهزيمة أمام إنجلترا بهدف دون رد.
بعد جيل التسعينيات، وسفري إلى إنجلترا لفترة طويلة، وبعد وفاة والدي رحمه الله تعالي، وسفر معظم الأحفاد خارج مصر، لم يبقى معي الكثير لنشجع الزمالك، وأصبحت أتجنب الحرج والضيق من هزائم الزمالك المتتالية، ولذا أصبحت أقول أنا مصري أشجع كل ماهو مصري، وبس.