الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الناجون من الإخوان".. إصدار جديد لسيد الحراني عن "كتاب اليوم"

الناجون من الإخوان
الناجون من الإخوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صدر كتاب جديد للكاتب الصحفي والباحث السياسي السيد الحراني، عن "كتاب اليوم" أحد الإصدارات المتميزة بمؤسسة أخبار اليوم الصحفية، يحمل عنوان (الناجون من الإخوان.. سيرة المنشقين) في 200 صفحة من الحجم المتوسط.

يستهله الكاتب الصحفي علاء عبدالهادي رئيس تحريري كتاب اليوم وأخبار الأدب، بتَوْطِئة في غاية الأهمية، إذ يؤكد على أهمية قيامنا جميعا بأدوارنا القومية لمساندة المشروع الوطني للدولة المصرية من أجل مواجهة تطرف وإرهاب الجماعة الإجرامية بالفكر وكشف مخططاتهم الإجرامية.

وقال السيد الحراني إن كتابه "الناجون من الإخوان" يمكن من خلاله فهم توجيه الأنظار إلى جماعة الإخوان الإرهابية في الوقت الحاضر بالذات، نتيجة ما جرى منها وعليها خلال الفترة الماضية خاصة بعد فشلهم في حكم الدولة المصرية الذي وصلوا إليه لأول مرة منذ نشأة الجماعة عام 1928، نتيجة أحداث 25 يناير 2011 التي أطاحت بحكم محمد حسني مبارك، فلذلك لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان، في الوقت نفسه، أن ما تشهده الجماعة على هذا الصعيد، وبدأ الحديث عنه تحت عنوان "ظاهرة الانشقاق" إنَّما يمثِّل حالةً معروفةً في تطوّر سائر التنظيمات والجماعات والأحزاب لا سيما إذا كانت من قبيل الحركات الجامعة بمعنى أنها شعبية، وسياسية، وقُطرية، وعالمية في وقت واحد.

وأضاف الحراني، في تصريحات خاصة من أراد أن ينظر نظرةً موضوعيةً في حقيقة حجم "الانشقاق، أو الخلاف" على مستوى تنظيم الإخوان الإجرامي في الوقت الحاضر، عليه دون اعتبار ذلك تبريرًا أو تفسيرًا أن ينظر نظرة المقارنة على سبيل المثال: فيما شهدته الحركة الشيوعية في المنطقة العربية والتي كانت تنشطر على نفسها في البلد الواحد خلال فترة تاريخية وجيزة إلى أكثر من تنظيم صغير وكبير، أو أن ينظر إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، وانشقاقاته في بلد واحد كسوريا كما يوثقها مثلا أمينه العام في سوريا سابقا د. منيف الرزاز في "التجربة المرة" أو ما هو معروف على المستوى العربي ما بين جناحي سوريا والعراق، ويسري شبيه ذلك على ما آل إليه مصير حركة القوميين العرب، أو مصير حركات المقاومة الفلسطينية التي نشأت في الستينيات والسبعينيات الميلادية رغم ظروفها الخاصة.

كما يستوضح الكتاب إلى أنه يمكن لمن أراد أن يتابع مثل هذه الانشقاقات وكيفية تعامل أصحاب الشأن "الحزبي" معها في بلدان أخرى، أن ينظر إلى الخارطة الحزبية الأوروبية، وسيجد أن معظم الأحزاب الأوروبية المعروفة في الساحة السياسية اليوم، إنَّما هي نتاج مسلسل من الانشقاقات الانشطارية المتتالية، ممَّا لا يستثنى الاتجاهات المسيحية المحافظة، ولا الاشتراكية اليسارية، ولا من يوصفون بالأحرار أو يوصفون بالخضر.

وعلى ضوء ما سبق يمكن أن نضيف هنا أن كتاب (الناجون من الإخوان.. سيرة المنشقين)، الذي يجمع بين صفحاته سير جزء من المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين، لا تريد أن تنطلق من منطلقات فريق يهوّل من شأن ما يجري على صعيد حركة الإخوان، ويقيس أحداثها بمقاييس "الانشقاقات" التي يعرفونها عن جهات أخرى، دون مراعاة الخصوصيات التي تميِّز هذه الحركة الإسلامية.
كما أنها لا تنطلق أيضًا من منطلقات من قد يهوِّنون من شأن ما يجرى، لارتباطهم التنظيمي بالحركة نفسها، فهذا يفقد أي تقويم هادف الهدف منه، سواء كان نظريًا علميًا أو كان مرتبطًا ارتباطًا عمليًا بالحركة والقرارات الصادرة في إطارها ومن حولها.

إنّما المرجو من خلال الاستماع إلى القصص المختلفة للمنشقين عن جحيم الإخوان هو التوصل إلى تحديد معالم أرضية منهجية لمتابعة التطورات والمواقف الجارية وما يمكن أن يبنى عليها في المستقبل المنظور، انطلاقا من نظرة المتأمّل في هذه الأحداث، يبرّرها ما يتوافر من صلات وثيقة على صعيد التصوّرات والفكر والأهداف وعلى الصعيد الميداني، وكذلك ما يتوافر من تقدير كبير قائم على المتابعة المتواصلة لمنجزات الحركة، لا سيما ما يرتبط من ذلك بالقدرة على التعامل مع الأخطاء أيضًا. ومع الظروف الصعبة، وهي ظروف يمكن القول أنه لا يكاد يوجد لها مثيل إلا قليلا، بالمقارنة مع ظروف سائر الحركات والتنظيمات التي عرفتها المنطقة العربية والإسلامية عموما.

لذلك نجد أن معظم العناوين المتداولة لوصف ما يجري في حركة الإخوان المسلمين، يجري تداوله دون تحديد واضح متعارف عليه للمضامين المقصودة به، بدءًا بكلمة (انشقاق) التي تعني انفصال مجموعة كبيرة مؤثرة من الأفراد تمثّل تيّارا متميّزا عن التيار العام السائد في منهج حركة الإخوان المسلمين، بحيث نجد في النهاية حركتين كبيرتين متميزتين إحداهما عن الأخرى كما وقع في السودان على سبيل المثال فهذا أمر مستبعد وبغض النظر عمّا ستسفر عنه، بأنّها بوادر انشقاق، لاسيّما أن من يثيرها ويتحدّث عنها لا يطرح فكرة انفصال تنظيمي إلا في حدود "عبارات طائشة" إذا صحّ التعبير، ولا يوجد في حدود ما طُرح حتى الآن أكثر من دعوات إلى تطوير إداري وتنظيمي داخلي، لا يمثل "بدائل تنظيمية" عن الهيكلية الحالية للحركة، وفق ما يقول به "التيار التجديدي" كما يصفه جمال سلطان أو "الجيل الثاني"، في الجماعة على حدّ تعبير ضياء رشوان.

ولفت الحراني، إلى أن مضمون الكتاب يؤكد أنه من العسير بالمقابل الأخذ بمقولة التهوين من شأن ما يجري عبر وصفه بأنه لا يتعدّى حدود مناقشة داخلية معتادة ـ خاصة بعد المواجهة الدولية التي قادتها الدولة المصرية ضد جماعة الإخوان ورموزها ـ وأن "تهويل شأنها" صادر من خارج الحركة فقط، أو القول أن الدعوات للتجديد والإصلاح صادرة عن "مجموعة من الشبيبة" فقط.
وعلى سبيل المثال فرع حركة الإخوان في السودان الذي كان من أول الفروع التي تنشأ خارج مصر، خاصة أن حركة الإخوان حينذاك أظهرت للجميع أنها تتفق مع بقية أطياف الحركة الوطنية في مصر حول شعار وحدة وادي النيل، وبالفعل نجد أن محاولات مبكرة تمت لإنشاء مثل هذا الفرع عبر إرسال وفود إلى السودان بدءًا من عام 1945. 

وكانت هناك قنوات أخرى لكسب الأنصار السودانيين للحركة، أما من الطلاب والمهاجرين السودانيين في مصر، أو عبر نشاط بعض أعضاء الحركة المصريين المقيمين في السودان، وكانت حركة الإخوان أيضًا على صلة بالأحزاب السودانية خاصة القوى الاتحادية، حيث كانت الحركة تحتفي بالوفود السودانية الزائرة كما كان كثير من زوار القاهرة من السودانيين يحرصون على زيارة المركز العام وحضور محاضرة الثلاثاء التي كان يلقيها مؤسس الحركة حسن البنا.
ولعل هذا مثل تحولا في موقف الإخوان من الحركة التي كان يقودها حسن الترابي، والتي أثبتت نفسها في الميدان السياسي، حيث إنها حققت موقعا متقدما في انتخابات عام 1986 في السودان وأصبحت الحزب الثالث في البرلمان، وشاركت في الائتلاف الحكومى منذ صيف عام 1988.
وحين أبعدت من الحكم في مطلع عام 1989 بضغوط من حركة التمرد والجيش السوداني والقوى الدولية والإقليمية، قامت الحركة بتدبير انقلاب في يونيو 1989 استولت بعده على السلطة، حيث أصبحت بذلك أول حركة إسلامية حديثة تتولى السلطة في العالم.
ورغم أن موقف قيادة الإخوان التقليدية ظل على ارتيابه في مناهج الترابي وتوجهاته الفكرية، فإن عناصر الشباب في الحركة الأم وفروعها ضغطت لتغيير هذا الموقف حيث رأت في النجاح السياسي الذي حققته الحركة السودانية دليلا على أن موقفها أسلم من الموقف التقليدي الحذر الذي جعل الحركات الأخرى تعاني من الركود وتعجز عن ترجمة سندها الشعبي إلى نتائج عملية.
وأيضًا كانت هناك حركات أخرى مثل حركة الاتجاه الإسلامي في تونس التي بقيت على انتمائها للتنظيم الدولي، وحركة الشباب المسلم في ماليزيا استلهمت التجربة السودانية منذ مطلع الثمانينيات.

ولا يخفى الوضع العسير لحركة الإخوان المسلمين وما تتعرّض له في مصر. وكذلك لا يخفى مفعول الظروف السلبية والخطيرة التي تمرّ بها المنطقة على ضوء الهجمة العدوانية الأمريكية والصهيونية والتي تركّز على "الإسلام" وكلّ ما هو "إسلامي" حقيقة وبالتالي غير قابل للانضواء في منظومة تبعيات أمريكية أو صهيونية.

كما لا يخفى ما انتشر من روح "الانهزامية"، وتبرير عدم المواجهة. بعدم الاستعداد من قبل للمواجهة، وهذا مع سياسات "التيئيس واستعراض العجز والتشبث بالسلطة". لا يخفى تأثير ذلك كلّه على جيل الشبيبة بصورة خاصة وما يمكن أن يولّده من ردود فعل مضادّة ممَّا لا يقتصر على شبيبة حركة الإخوان المسلمين فقط.

هذه العوامل يمكن أن تعطي تفسيرا أضافيا لموقف التردّد الظاهر على قيادة الحركة تجاه مطالب التجديد والإصلاح، والإعتراف بممارسة العنف والإرهاب والتراجع عنه، والتي تخشى القيادات على ما يبدو من احتمال أن تتحوّل إلى مصادر أضافية لخطر داخلي وخارجي.

وبالمقابل فإن "استمرار التردّد" قد يعطي مفعولًا عكسيًا يلتقي مع مفعول الأدوار التي تقوم بها أوساط من خارج الإخوان المسلمين ممّن يعمل على "تأجيج" الخلاف وتصعيده، فيسهم هذا وذاك في ظهور "انفصال تنظيمي" في صفوف الحركة، بل بات بعض دعاته يشير من باب التبرير إلى إيجابية ما أسفر عنه انشقاق حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان عن تيّار أربكان، وهو تشبيه خاطئ لا ينطبق جملةً وتفصيلًا على حركة الإخوان المسلمين.

ولكنّ احتمال وقوع انشقاق يجب أن يوضع أيضًا في "حجمه الحقيقى" بعيدا عن أساليب التهويل من شأنه كما لو كان بداية انهيار كامل كما حدث لبعض التيارات والأحزاب الأخرى في البلاد العربية وذلك حتى لا ننخدع في تقييم ما يجري ويترتب على ذلك الإخفاق في تطبيق المواجهة الناجحة للجماعة واعوانها.

إنّ ظاهرة الانشقاقات الحزبية ظاهرة واسعة الانتشار عربيا ودوليا ولعلّ المسارعة إلى وصف ما تشهده حركة الإخوان المسلمين حاليًا بأنه انشقاق، تعتمد على الأرجح على مقارنة الأحداث بما شهدته تنظيمات حزبية وشبه حزبية أخرى في المنطقة العربية، وأحيانا فيما يؤخذ من مراحل تاريخية سابقة لحركة الإخوان المسلمين نفسها. وفى هذا قدر كبير من التساهل في اختيار عناصر المقارنة. فالانشقاق بمعنى الكلمة ينبغي في الأصل أن يشمل جانبين:
أوّلهما: الأجهزة والأشكال الإدارية والزعامات القيادية.
وثانيهما: الأفكار والتصورات الأساسية والتوجهات والمعتقدات الحزبية، ونجد أمثلة على ذلك لدى الحركات غير الإسلامية بصورة وفيرة. بينما اقتصرت "الانشقاقات" في نطاق الحركات الإسلامية بما في ذلك حركة الإخوان المسلمين على "وسائل" الوصول إلى أهداف تُعتبر من الثوابت الإسلامية عموما، وأن تباينت صيغة التعبير عنها، ومحورها تحكيم الشريعة في واقع الحياة والحكم.

ومعظم ما يؤخذ من تاريخ الحركة كأمثلة لدعم القول بنظرية "الانشقاق" ينطلق من الحركة في "واقعها الدولي" عبر أمثلة السودان أو الجزائر أو سوريا وسواها، وهذا منظور يُعتبر موضع "حديث وخلاف" على الأقل.

لذلك أنطلق من أن الوجود "الدولي" للحركة مع تطابق الأسماء أو دون تطابقها، يرتكز على "المنطلق الإسلامي الواحد" وليس على "المنطلق التنظيمي المباشر"، والذي عُرف في حدود ضيّقة، كما كان عبر "المجلس التنسيقى للإخوان المسلمين في الأقطار العربية" و"التنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، ولم يقترن أي من التجربتين بسقوط استقلالية أي تنظيم قطري بخصوصياته التنظيمية والسياسية والتطبيقية العملية، وفق متطلبات واقع القطر الذي يتحرّك فيه.

أمّا المقارنة بما يوصف بالانشقاقات في تاريخ الحركة في مصر بالذات، فأبرز ما يُستشهد به على هذا الصعيد القول أن "الجماعات الإسلامية" التي نشأت في السبعينيات الميلادية، إنَّما نشأت "تحت عباءة الإخوان" كما يقال. وقد يصحّ في هذا المجال أن بعض "الشبيبة" الذين أسهموا آنذاك في تأسيس تلك الجماعات سبق أن كانوا في تنظيم الإخوان، أما القول إنهم كانوا يمثلون "تيارا" انفصل عن تيار الإخوان، ففى هذا القول مغالطة كبيرة تتجاهل الظروف التي سادت في مصر بالنسبة إلى العمل الإسلامي عموما، وإلى حركة الإخوان المسلمين على وجه التخصيص، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ثم في فترة "اللعبة الحزبية ضدّ الشيوعيين" أوائل عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وجلّ ما يمكن قوله أن تلك الجماعات نشأت تحت "عباءة" تلك الظروف، وليس تحت عباءة تطوّرات طبيعية في تاريخ حركة إسلامية شعبية وحزبية عاملة في إطار ظروف طبيعية.

وأكد السيد الحراني أن المتابعة الهادئة لما يجري وأبعاده، وقراءة ما بين "السطور" ومحاولة استشراف ما وراء الكواليس. الأرجح هو أن الحركة بالصيغة التي تهيمن عليها من خلال قياداتها الحالية، أو من خلال الرعيل الذي خرج من السجون في أوائل عهد السادات ووصل بالحركة مجدّدا ورغم ظروف عسيرة للغاية إلى حكم مصر لمدة لم تتجاوز العام الواحد، وانتهى بها مرة أخرى إلى الهجرة والمطاردة خارج مصر وخلف قضبان السجون داخل مصر بعد ثورة شعبية ضدهم في 30 يونيو 2013. هذه الحركة ستبقى هي القائمة، وستبقى هي المعروفة باسم "الإخوان المسلمين"، وأن حدث وانشقّ عنها فريق من أبنائها بالفعل، وتأسست بهم "حركة أخرى" ستحتاج ولا شكّ إلى فترة زمنية طويلة وربما تواجه "عواصف خارجية" شديدة، قبل أن تقف على أقدامها بقوة، ويصبح لها من الرصيد الحركي الإسلامي ما اجتمع لحركة الإخوان المسلمين عبر ما ناهز ثمانية عقود من الزمن.

جدير بالذكر أن السيد الحراني، تخرّج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، كاتب صحفي وباحث سياسي وروائي مصري، عضو لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة، وعضو سابق بلجنة رصد مخالفات وسائل الإعلام بالهيئة الوطنية للإعلام.
عمل بالعديد من الصحف المصرية من بينها «الفجر، البوابة، مصراوي، المصري اليوم، الوطن، الأهرام، أخبار اليوم».
قام بكتابة مذكرات «الدكتور مصطفى محمود»، و«الدكتور سعد الدين إبراهيم»، و«الدكتور رفعت السعيد»، ورجل الأعمال «أحمد الريان» بعد خروجه من السجن، والمفكر «جمال البنا»، و«الفنانة ماجدة الصباحي»، و«الفنانة فاتن حمامة»، و«الفنان نور الشريف».
قدم برنامجًا تليفزيونيًّا باسم «مسافر بين الشك واليقين».
له العديد من المؤلفات، من بينها: رواية «مارد»، «الجماعات الإسلامية من تانى»، «الفيلسوف المشاغب»، «الوثائق المجهولة للإخوان المسلمين»، «ملعون أبو الواقع»، «فلسفة الموت»، و«الإخوان القطبيون».