الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصناديق الخاصة حديث ممتد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الحديث عن الصناديق والحسابات الخاصة ليس وليد اليوم، فمنذ سنوات كشف النائب عصام الفقى، أمين سر لجنة الخطة والموازنة، أن هناك أكثر من حل لأزمة نقص مخصصات قطاعات الصحة والتعليم بمشروع الموازنة الجديدة، موضحًا أنه طرح على اللجنة عدة بدائل من بينها ضم مخصصات الصناديق الخاصة الموجودة بمؤسسات الدولة إلى الموازنة. 

وأوضح الفقى في تصريحات لـ»برلمانى» أيامها أن هذه الصناديق تنفق على الأقل ٦٠٠ مليار جنيه سنويًا دون رقيب و«محدش عارف عنهم حاجة» - على حد وصف النائب، مشيرًا إلى أن إدخال ١٠ صناديق فقط منها للموازنة العامة، سيوفر المبالغ المطلوبة لرفع مخصصات الصحة والتعليم وتوفير النسب التي حددها الدستور.

كلام سيادة النائب قديم ومكرر ومطالبه سبق التقدم بها عشرات المرات دون أن تدخل حيز التنفيذ، وكأن هناك قوى خارقة تحمى تلك الصناديق.

وفقًا لسجلات رسمية هناك نحو ٩.٤ مليار دولار خبئت في نحو ٦٧٠٠ حساب بنكي غير خاضعة للتدقيق في البنك المركزي المصرى، وبشكل غير قانوني في عدد من البنوك التجارية المملوكة للدولة، تم صرفها في آخر السنة المالية ٢٠١٢/٢٠١٣، هذه السنة التي سبقت انتفاضة ٣٠ يونيو والتي صاحبها تدفق مساعدات الخليج إلى البلاد.

والصناديق الخاصة هي أوعية موازية في الوزارات أو الهيئات العامة والجامعات، وتنشأ بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات، وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التي تقدمها تلك الجهات هذه الحصيلة لا تدخل إلى خزينة الدولة، ولا علاقة للموازنة العامة بها، وبالتالي لا يناقشها مجلس الشعب، ولكنها شكليًا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

وقد نشأت فكرة الصناديق الخاصة بعد نكسة ١٩٦٧ كمحاولة من الحكومة لتخفيف العبء نتيجة عدم القدرة على سد بعض الاحتياجات في الموازنة العامة للدولة. إذ كانت أول سابقة في هذا المجال هي إصدار القانون رقم (٣٨) لعام ١٩٦٧ الذي أقر إنشاء صندوق للنظافة في المحليات تم تمويله من خلال فرض رسوم نظافة محلية.

أما في عهد مبارك، فقد تشعبت تلك الصناديق وانتشرت في كل الوزارات والمحافظات والشركات القابضة ففي هذه المرحلة صدرت سلسلة من القوانين تعطي الحق للعديد من الجهات في إنشاء صناديق خاصة، مثل قانون التعليم رقم (١٣٩) لسنة ١٩٨١، وقانون الجامعات رقم (٤٩) لسنة١٩٩٢.

وبعد فوزه بوقت قليل طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي من المنظمين التحقيق في هذا الأمر في أقرب وقت، في الوقت الذي كانت تعاني فيه الدولة من عجز هائل في الميزانية، لكن القوى الخفية التي تحمى الصناديق صدرت «الطرشة».

 في أحد تصريحاته بعد خروجه من الوزارة قال وزير المالية الأسبق الدكتور سمير رضوان تعليقا على أموال الصناديق الخاصة: أنت تمتلك أموالًا قذرة، يستطيع الناس الصرف منها وتوزيعها على أنفسهم!!.

في ٢٨ يناير، ٢٠١٦ أصدر قاضي التحقيق المستشار محمد عبدالرحمن، قرارًا بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد ٩٠ مسئولًا بمؤسسات الدولة المختلفة على رأسها وزارة الداخلية ووزارة المالية ووزارة النقل، والجهاز المركزي للمحاسبات، في اتهامهم في القضية المعروفة إعلاميًا باتهام اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، بالاستيلاء على مليار جنيه من ميزانية وزارة الداخلية ورفعهم من قوائم المنع من السفر.

وأوضح القرار، أن المتهمين اعترفوا بحصولهم على تلك المبالغ المالية تحت مسمى حافز احتياطي لمواجهة الأخطار الأمنية، وأنه كان يصدر بقرار من الوزير وأنهم لم يتعمدوا الاستيلاء على الأموال، وقام المتهمون برد كل الأموال التي أخذوها دون وجه حق.

في تقرير نشرته قناة العربية على موقعها أيام الرئيس مرسي قال خبراء:  إن أموال الصناديق الخاصة تغني مصر عن القروض حيث تتجاوز ميزانيتها تريليون جنيه. 

وحذرت نفس اللجنة المذكورة أعلاه،لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة الدكتور كمال الجنزورى، من خطورة حرق أموال الصناديق الخاصة التي قدرها البعض بنحو تريليون جنيه مصرى، عن طريق صرف هذه الأموال على المكافآت والذي منه.

وقال خبراء لـ»العربية نت» إن هذه الأموال قادرة على إنقاذ مصر، وتوفير التمويل اللازم بعيدا عن القروض الخارجية.

وتظهر قضية أموال الصناديق الخاصة منذ عدة سنوات، فيما يتجدد الحديث عنها مع زيادة عجز الموازنة العامة لمصر، والذي يرتفع بشكل مستمر في ظل زيادة فاتورة الدعم  وقال أستاذ الاقتصاد الدكتور حمدي عبدالعظيم، لـ»العربية نت» إن حجم الأموال الموجودة في «الصناديق الخاصة» في مصر يقدّر بـما يتجاوز تريليون جنيه، الكلام من أربع سنوات، مطالبًا وزارة المالية بتجميع كل إيرادات الدولة، خاصة حصيلة أموال الصناديق الخاصة التي تتبع الوزارات والهيئات والمحافظات والشركات الاستثمارية التابعة لقطاع الأعمال العام، لأن إيرادات هذه الصناديق ضخمة، وكل هذه الأموال لا تدخل في الموازنة العامة للدولة، ولذلك لا تستطيع وزارة المالية استخدامها.

الكارثة أن الحكومة لا تمتلك إحصاءات رسمية عن أموال أو حسابات هذه الصناديق، وبالتالي تصبح أموالها عرضة للسرقة أو على الأقل ضياعها في استثمارات لا تخضع لدراسات جدوى سليمة، لأن القائمين على إدارتها ليست لهم علاقة بالأنشطة أو بكيفية إدارة المحافظ الاستثمارية.

وكان مركز النزاهة والشفافية الحقوقي، قد أقام دعوى قضائية تطالب بضم أموال الصناديق الخاصة لموازنة الدولة، للمساهمة في سد عجز الموازنة العامة للدولة وسداد ديون مصر.

 وما زالت القضية متداولة.