الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

نيقولا زيادة.. مُفكر صنع التاريخ

نقولا زيادة
نقولا زيادة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقول نيقولا زيادة، إن التاريخ حركة دائمة، فقد كان يرى الحركة لا تتقيد باتجاه واحد، قد تكون إلى الأمام، اليمين أو اليسار، الأعلى أو الأسفل، لكنه لم يقل إلى الخلف، هكذا كان صاحب رؤية تاريخية، ورسالة فكرية وتربوية، وكان مفكرًا ومؤرخًا جمع بين جدية التحليل وغزارة الإنتاج، وكأنه ولد ليكون مؤرخًا، أو يسهم في صناعة التاريخ، الذي كان يدافع عنه، ويردد دائمًا: تعلم الناس من التاريخ أن لا يتعلموا.     

شهد نيقولا زيادة القرن العشرين كاملًا، وتفاعلَ مع أحداثه التاريخية، وكان بمثابة سجل حي، بما يحتفظ به من الذكريات الخصبة. فقد وُلد في الثاني من شهر ديسمبر عام 1907 في العاصمة السورية دمشق، من أبوين فلسطينيين من مدينة الناصرة. كان والده يعمل موظفًا في القسم الهندسي، في مؤسسة الخط الحديدي الحجازي. وبعد رحيله، وكان نيقولا لا يزال في الثامنة من عمره، عاش طفولة صعبة بمعية أمه، التي عادت به إلى مدينة الناصرة عندما بلغ العاشرة، مع إخوته الثلاثة حيث يقطن خاله الوحيد، الذي تعهده بالرعاية. لكن ما لبث أن قتل الخال في انفجار قنبلة ألقتها طائرة بريطانية. في سن السادسة عشرة التحق للدراسة بدار المعلمين بالقدس، وبعد تخرجه منها عمل مدرسًا للتاريخ والجغرافيا في عكا. تعرف وقتها على بعض بعثات التنقيب الأثري، وعمل مع السير "فلندرز بتري" في حفرياته الأثرية. 

بدأ "زيادة" حياته العملية مؤرخًا منذ عام 1930 حيث نشر مقالاً في مجلة "المقتطف" عن معركة مجدو، وفي عام 1935 اختير لبعثة لدراسة التاريخ القديم في جامعة لندن حيث حصل على البكالوريوس في عام 1939 وعاد بعدها الى القدس، لتدريس التاريخ القديم وتاريخ العرب، في الكلية العربية في القدس؛ وقد صدر أول كتاب له في عام 1943 بعنوان "رواد الشرق العربي في العصور الوسطى"، وفي عام 1947 سافر إلى جامعة لندن من جديد للإعداد لشهادة الدكتوراه التي حصل عليها عام 1950.

بعد احتلال فلسطين نزح زيادة إلى لبنان، حيث التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت للتدريس فيها عام 1958، وظل فيها حتى عام 1973، عندما تقاعد وهو في سن الخامسة والخمسين، وانتقل إلى جامعة القديس يوسف في بيروت حتى عام 1992 كما درّس في الجامعة الأردنية لمدة عامين، بعدها عاد الى بيروت عاملاً في الجامعة اللبنانية، محاضرًا ومشرفًا ومشاركًا في عدة مؤتمرات دولية.

شملت مؤلفات "زيادة" أربعين كتابًا باللغة العربية وستة كتب باللغة الإنجليزية، وتسعة كتب مترجمة من الإنجليزية إلى العربية، وكتابا مترجما من الألمانية إلى العربية اسمه "تاريخ العرب"؛ إضافة إلى العديد من المقالات؛ كما كتب وقدّم 1700 حديث إذاعي بالعربية، و500 بالإنجليزية. وجُمعت مؤلفاته العربية في مجموعة كاملة عام 2002 صدرت في 23 مجلدًا؛ ومن أهم مؤلفاته "رواد الشرق العربي في العصور الوسطى، العالم القديم، صور من التاريخ العربي، شخصيات عربية تاريخية، عالم العصور الوسطى في أوروبا، الجغرافيا والرحلات عند العرب، شاميات.. دراسة في الحضارة والتاريخ، لبنانيات.. تاريخ وصور، أيامي.. سيرة ذاتية، في سبيل البحث عن الله، المسيحية والعرب، الفكر اليوناني في الثقافة العربية، تاريخ البشرية".