الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رؤية مصر وتفكير إثيوبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما يحدث من إثيوبيا مع مصر فى ملف سد النهضة هو حالة قريبة من مفهوم "العنت" وربما الوصول إلى توصيف العصيان، لكسر أو قطع ما تبقى من حبال الود وجسور التواصل بين القاهرة وأديس أبابا، وتصر كل يوم بل كل لحظة على فتح باب أزمة، ربما تؤدى إلى تفجيرات فى المواقف لا يمكن مواجهة عقباها.

وعلى عكس هذا الموقف تتعايش إثيوبيا وكينيا على نهر "أومو" في إطار من التعاون، ومن خلال إنشاء العديد من السدود والمشروعات الكهربائية، دون أية مشكلات، ونجد نفس الشىء في أفريقيا على نهر النيجر، حيث تتعايش عليه خمس دول فى إطار من التعايش السلمى، والتفاهم بشأن كل ما يتعلق به من مفاهيم التنمية.

وهنا يأتي السؤال الجوهرى لماذا تصر أديس أبابا على موقفها المتعنت مع مصر والسودان، ولا تريد أى صيغة تفاهم محددة للتعايش على نهر النيل، ليحقق الفائدة للجميع كما كان الوضع طيلة آلاف السنين، ليأتي اليوم نظام آبي أحمد، ويتجه بقضية المياه نحو الاستحواذ والطمع، لدرجة أن يتم القول أن مياه النيل هى حق إثيوبى وفقط.

المؤكد أن مصر شعبا ودولة وقيادة لن تفرط فى حق البلاد بمياه نهر النيل، ولن يستطيع احد أن يغير من مقولة "مصر هبة النيل"،مهما فعلوا، وكل من يقف وراء إثيوبيا لتعطيش مصر وشعبها، وعبارة "أمن مصر القومى خط أحمر لا يمكن اجتيازه شاء من شاء وأبى من أبى" التى قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى، هى كلمة حق يرددها كل مصرى مهموم بهذا البلد، وعلينا أن ندقق فى عبارة أخرى للرئيس وهى "إن ممارسة الحكمة والجنوح إلى السلم لا يعنى السماح بالمساس بأمن الوطن"،ويعنى هذا أن خيار المواجهة الأعلى لحماية حق شعب مصر ليس ببعيد.

وأعتقد أن كلمة السيسى للمصريين "بلاش هرى.. اطمئنواومتصدقوش كل اللى بيتقال"،هى كلمة دقيقة جدا فى مفهومها، وتأكيد لمعلومات كثيرة تؤكد وقوف مصر على خط الدفاع عن مياه النيل، وكل كلمة تترجم هذا المعنى، واقرأوا جميعا ما وراء تلك الكلمات للرئيس "إن مصر لديها خيارات عديدة للحفاظ على أمنها القومى وستستخدمها وفقا لما يتناسب مع الموقف وتوقيته، نحن نريد أن نجعل نهر النيل نهرا للخير للجميع دون المساس بمياه مصر وحصة مصر".

المؤكد أن هناك قلقا بين الناس، وهذا حقنا جميعا، وهو ما تعترف به القيادة وأكده السيسى، بمقولته "أعرف أن هناك قلقًا عاما بين جموع المصريين، وهو قلق مشروع لتعلق الأمر بالمياه وحياة الناس"،وأن مصر أصبحت تمتلك من الأدوات السياسية والقوة العسكرية والاقتصادية ما يعزز من إنفاذ إرادتنا وحماية مقدراتنا"،و"قبل ما تحصل حاجة لمصر يبقى لازم أنا والجيش نروح الأول عشان يحصل لها حاجة"،و"إحنا كمصريين لا يليق بنا أن نقلق".

والمؤكدأن مصر وهى تدخل عصر "الجمهوريةالجديدة"،فنحن بالفعل نمتلك القدرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة، التي بها تدافع الدولة عن حقوق هذا الشعب فى الداخل والخارج، ليعيش دون مجرد هاجس من القلق على مقدراته، وهو ما يجب أن يعرفه كل طامع.

وألم يأت الوقت بعد لتعمل أديس أبابا بصوت العقل، وتسمع ما يقوله العالم، وآخره، تصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبى،"وزير الخارجية"، "بيتر ستانو" بضرورة أن يكون تشغيل السد الإثيوبى بناء على اتفاق متبادل بين كافة الأطراف المعنية، وأن الخطوات الأحادية لا تؤدى سوى لنتائج سلبية لا تسهم فى استقرار وأمن المنطقة".

وفى الوقت الذى يعمل فيه الاتحاد الأوروبى وفقا لتصريحات وزير خارجية الاتحاد الأوروبى، على التنسيق مع شركائه الدوليين مثل الولايات المتحدة وغيرها لإيجاد حل واتفاق يرضى جميع الأطراف، ودعم الاتحاد وتشجيعه للجميع على الاستمرار فى المحادثات، ودعم جهود الاتحاد الأفريقى، نج أديس أبابا تظل تصم أذنيها عن الحق. 

ولا شك أن الاستفادة من خبرة الاتحاد الأوروبى فى إدارة الموارد المائية، سيد الفراغ الذي يعترف به "الاتحادالأفريقى" بشأن النقص فى الخبرات الفنية، ورؤية مصر والسودان، لوجود رعاية رباعية من "مجلس الأمن والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، والاتحاد الأفريقى" هو تفكير ورؤية تحكها توظيف كل الخبرات في حل المشكلات والنزاعات الإقليمية لإيجاد الحلول التى ترضى جميع الأطراف.

ومن المهم أن تتفهم أديس أبابا ما يقلق دول المصب، وما تقوله وزارة الرى السودانية إن عدم تبادل المعلومات معها بشأن سد النهضة سيسبب مشكلات كبيرة فى تشغيل خزانات السدود في السودان، وأن الملء الأول لسد النهضة أدى لتعطل جميع محطات الشرب فى ولاية الخرطوم، فما بالك بالملء الثانى والمراحل الأخرى.

وما زلنا فى انتظار صوت العقل قبل لحظة الانطلاق لمرحلة أخرى أخطر.