السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مائة بيت من الشعر العربي القديم.. عروة بن حزام "64"

مصطفى بيومي
مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها، نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
64 - عروة بن حزام
"وما عجبي موتُ المحبين في الهوى
ولكنْ بقاءُ العاشقين عجيبُ "
مرهق مهلك هو الحب، لكنه الهلاك الممتع الذي يتحول فيه العذاب إلى لذة خالصة عذبة، تمنح الحياة مذاقا أفضل من ذلك الذي يتوهم المراقبون المعقمون أنه يضيع ويتبخر. الموت هنا علامة بعث وتحقق، والمثير للدهشة يتمثل في هؤلاء الذين يفلتون من العاصفة فلا يطيح بهم الطوفان. نجاتهم تشكك في إخلاصهم، فكيف لعاشق حقيقي أن ينخرط في قطيع العاديين الآمنين من البشر، ويبقى حيا وفق النمط الجاف الذي لا حياة فيه؟.
الواقفون خارج ساحة الحب، في حاضرهم وماضيهم، لا يستوعبون بيتا كهذا، وقد يجدون فيه تكلفا وصناعة وقدرا من الادعاء والمبالغة. مثل هذا التفسير الشائع يتوافق مع معطياتهم التي لا متسع فيها للتجارب والخبرات التي تعينهم في فهم ما لا يستوعبون، ذلك أنهم يحتكمون إلى قواعد ومعايير ميكانيكية، لا وجود لها في قواميس المحبين.
القضية الأهم التي يطرحها البيت، بطريقة غير مباشرة: هل يكتمل معنى الحب الخارق المتوهج بمعزل عن المعاناة والتعب؟. عندما تصل قصة الحب بطرفيها إلى شاطىء الاستقرار، يخبو البريق وتهيمن الإيقاعات الراكدة. الموت من فرط اللهاث والقلق وغياب اليقين هو الحياة، والاندماج في منظومة العادي المألوف المكرر هو الموت؛ وتلك هي اللذة الغامضة والجنون الجميل.