الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف نلحق بركب الحجيج؟

برجاء ارفاق صورة
برجاء ارفاق صورة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يشتد شوقي وحنيني لبيت اللَّه الحرام كل عامٍ مع اقتراب موسم الحج، وأكون أشدّ حرصًا على مشاهدة التغيير السنوي لكسوة الكعبة المشرفة فجر يوم عرفة، وأردد في شوق وحنين: «لبَّيك اللَّهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك»؛ فمن فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى، من لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه من حبل الوريد، ومن رحمة الله بعباده وتيسره عليهم، أن جعل لهم هذه الطاعات ذات الثواب العظيم والمنافع الكثيرة، في حال فقدها أو فواتها بأن جعل لهم بدائل عنها ولها مثل أجرها، وهذا من حيث الأجر والثواب لا من حيث الإجزاء، فهذه الأعمال لا تسقط حج الفريضة إذا بلغ حد الاستطاعة، ومن هذه البدائل التي يعدل أجرها وثوابها الحج والعمرة ما يلي:
١- النية الصادقة والعزم على الحج والعمرة متى تيسر ذلك:
فكم بلغ القاعدون المعذورون من الثواب مثل ما بلغه العاملون وربَّما سبقوا، وليس ذلك إلا لصدق النيّة وصحة القصد؛ فعن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما، قال: كنا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في غزاةٍ، فقال: «إِنَّ بِالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا، إلَّا كانوا معكم، حبسهم المرض»، وفي رواية: «إِلَّا شركوكم في الأجر» [رواه مسلم]، وفي هذا الحديث يبيَّن لنا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أن الإنسان إذا نوى العبادة ولكنه لم يستطع القيام بها لعذرٍ أو حال بينه وبين أدائها حائل؛ فإنه يكتب له أجر ما نوى بنيته الصادقة؛ فقد يحج ولا يقبل منه لسوء نيته، وقد لا يحج ويكتب له أجر حجة تامة لصدق نيته.
٢- برُّ الوالدين والإحسان إليهما:
عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه، قال: أتى رجلٌ رسول اللَّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إني أشتهي الجِهاد، ولا أقدر عليه، قال: «هل بقي من والديك أحدٌ ؟» قال: أمي، قال: «فأبلِ اللَّه في برِّها، فإذا فعلت ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمرٌ ومجاهدٌ، فإذا دعتك أمك فاتقِ الله وبِرَّها» [أخرجه البيهقي في شُعب الإيمان].
٣- جلسة الضُّحى بعد صلاة الفجر في جماعة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من صلى الفجر في جماعةٍ، ثم قعد يذكر اللّه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ، تامةٍ، تامةٍ» [أخرجه الترمذي]، وفي هذا الحديث يبيَّن لنا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، أن ثواب جلسة الذِّكر والقرآن بعد صلاة الفجر في جماعة، إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين، يعدل ثوابها كثواب الحج والعمرة.
٤- التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء الفقراء إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا، والنعيم المقيم يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموالٍ يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، وَيتصدقون، قال: «ألَّا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلَّا من عمل مثله، تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين» [رواه البخاري]؛ ففي الحديث عندما رأي النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، تأسف أصحابه الفقراء وحزنهم على ما فاتهم من إنفاق إخوانهم الأغنياء أموالهم في سبيل الله تقربًا إليه وابتغاء لمرضاته؛ فطيب قلوبهم ودلهم على عمل يسير يدركون به من سبقهم، ولا يلحقهم معه أحد بعدهم إِلَّا من عمل مثل عملهم وهو الذكر عقب الصلوات المفروضات.
فإذا كان الحج قد فاتك فإن أفعال الخير لا تفوتك فلتلحق بركب الحجيج، وأبواب الخير كثيرة ومتعددة؛ فالصلاة باب، والمحافظة على النوافل باب، وصلاة الضحي باب، والإصلاح بين الناس باب، والصدقة باب، والذكر باب، وقراءة القرآن باب، والدعاء باب، وإفطار الصائمين باب، وقضاء حوائج المحتاجين باب، وقيام الليل باب، وإطعام الطعام باب، والإحسان إلى الناس باب، فيجب علينا الانتفاع بشتى هذه الأبواب.. أسأل اللّه أن يرزقنا وإياكم حج بيته الحرام.. الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف.