كان الراحل الكبير د بطرس بطرس غالي يقول إن باريس هي عاصمة العالم العربي لأن العرب يلتقون فيها مشرقا ومغربا ويعرضون فيها اجمل ماعندهم من فنون ينسي بها العالم بعض الوقت حروبهم وبترولهم.
لفتت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وزوجته لمعرض "من ام كلثوم لداليدا، نجمات عربيات" بمعهد العالم العربي والطوابير الطويلة للباريسيين أمامه الأنظار الي انفراد هذا المعرض جماليا واخراجيا وإعلاميا. في الواقع، كان المضمون وكانت الرسائل اخطر واهم وكان لابد من لقاء رئيس المعهد وزير الثقافة الفرنسي الأسبق والأشهر في تاريخ فرنسا المعاصر جاك لانج.
كانت المسؤولة الإعلامية المتميزة مايا طاهري قد اعدت كل شيء بدقة عقارب الساعة: كان لها الشرح الاخراجي لشكل المعرض وجمالياته والخلط الرائع بين الصوت والصورة والفيلم والوثيقة وكان لجاك لانج عرض الرسائل السياسية وراء هذا العمل الكبير.
المعرض اقسام تفصلها ستائر من القطيفة الحمراء والزرقاء كانك ولجت الي مسرح كبير لتشاهد عرضا لعصر ذهبي سادت فيه نسوة عظميات قلوب وعقول أمة العرب خلال مائة عام من مؤسسات السينما عزيزة امير وماري كويني وبهيجة حافظ الي بديعة مصابني التي كانت بمثابة أكاديمية أفرد المعرض لنجماتها مساحات بديعة من سامية جمال الي تحية كاريوكا لينتقل بك المعرض الي النجمات أو معبودات الجماهير السبع ام كلثوم وليلي مراد ووردة وفيروز واسمهان وصباح وداليدا.
كان جاك لانج سعيدا بنجاح المعرض. قال بصوت مبتهج "صدحت ام كلثوم في مسرح الاوليمبيا في باريس ولكن الفرنسيين لايعرفون تماما أن هذه السيدة العظيمة جوهرة في تاج كبير تزينه لألئ كثيرة". وكشف لانج أنه في صدر شبابه في الستينات اكتشف ام كلثوم في حفل لها بالقاهرة دعاه له بعض الأصدقاء المصريين وأنه اكتشف تأثيرها علي الشعوب العربية خلال زياراته للمغرب العربي.
واضاف لانج أن التطور الاجتماعي والسياسي والفكري للعالم العربي كان يصاحبه دائما اصوات نسائية كانت دافعة للهمم ومحفزة للحداثة رغم وطأة التقاليد وجثوم المخزون التقليدي علي عقول الناس.
وقال إنه هو الذي طلب إضافة داليدا معتبرا دورها الفني امتداد لمسيرة طويلة لنجمات عربيات بالإضافة إلي أنها تمثل بامتياز الجسر الطويل الواصل بين ضفتي بحرنا المتوسط.
اذا كانت اصوات ام كلثوم وفيروز ووردة واسمهان تتردد في أروقة وأقسام المعرض باللغة العربية يأتيك فجأة صوت داليدا باللغة الإيطالية في الفيلم المصري الشهير "سيجارة وكأس".
أضاف لانج أن الرسالة الأساسية هي إبراز مساهمة نسوة عظام في صنع عالم عربي حديث وربما قد نجحن هن فيما أخفقت فيه السياسة وربما تكون في النهاية الدرامية لبعضهن ثمنا لذلك.
اخيرا لابد للإشارة أن اسم المعرض بالفرنسية هو Divas arabes وهو مايمكن ترجمته ب " معبودات جماهير عربيات". اخترت "نجمات عربيات" حتي أنجو من مأزق أنه لم تكن هناك سوي معبودة جماهير عربية واحدة اترك للقارئ الكريم معرفة اسمها.
