الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عميد آداب بورسعيد السابق: السيسي قائد ملهم أحيا أمجاد أقدم دولة بالتاريخ.. 30 يونيو أنقذت مصر من السقوط في فخ العودة لـ"العصور المظلمة"

جانب من الحوار
جانب من الحوار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدكتور محمد عثمان عبد الجليل لـ"البوابة نيوز"
الإخوان زرعت بذرة التطرف الديني والجمود الفقهي حولها لشجرة ضخمة
حكم الجماعة لمصر كان سيصنع "إيران سنية" في قلب العالم العربي
"حياة كريمة" اسم يعبر عن نبل المبادرة وطموح القائد وحبه لشعبه
مسلسل الاختيار أفضل عمل درامي توثيقي في تاريخ مصر

الدكتور محمد عثمان عبد الجليل، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة بورسعيد، ورئيس قسم التاريخ والحضارات بكلية الدراسات الآسيوية العليا في جامعة الزقازيق، أحد القامات الرفيعة في مجاله، لتمتعه بنظرة مستنيرة ثاقبة للحاضر والمستقبل، استمدتها من دراسته المتعمقة لتاريخ الدولة المصرية.
"البوابة نيوز" التقت الدكتور محمد عثمان، في حوار موسع، تناول القضايا التي تهم الشأن المصري، ووصف خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه قائد ملهم جاء لإحياء أمجاد أقدم دولة في التاريخ المعروف.
وتحدث أستاذ التاريخ والحضارات عن ثورة الثلاثين من يونيو مع اقتراب ذكراها، مؤكدا أنها أنقذت مصر من العودة إلى "العصور المظلمة"، معتبرا أن جماعة الإخوان هي أول من زرع بذرة التطرف الديني، التي رواها الجمود الفقهي، وحولها إلى شجرة ضخمة، وإلى الحوار
مع اقتراب ذكرى ثورة 30 يونيو كيف تقيم الأحداث وقتها؟ وما قراءتك للأوضاع في مصر لو استمر حكم الإخوان؟
ثورة 30 يونيو أنقذت مصر من السقوط في فخ شديد الخطورة، يمكن أن أطلق عليه فخ العودة إلى العصور المظلمة، ومن لا يصدق هذا التوقع، عليه أن ينظر إلى أفغانستان، التي تعد نموذجا، يوضح الحالة التي تؤول إليها الدول، عندما يفرض عليها حكم ديني فاشي سيطرته، ولا يسمح لغيره بالاشتراك في الحياة السياسية.
وبشيء من التفصيل فإن هيمنة طالبان والقاعدة على أفغانستان أعاد هذه الدولة مئات السنين إلى الوراء، بل أخرجها من الركب الحضاري الإنساني، وأصبحت كجزيرة معزولة لا تعرف عن الحياة العصرية شيئا، وهذا شيء يرفضه الإسلام، لأن الإنسان المسلم يجب أن يكون ملما بكل مفردات الحضارة والتقدم.


وهل كان الشعب المصري على حق في الإطاحة بحكم الإخوان؟
بالطبع وإذا أردنا أن نتأكد من ذلك فعلينا أن نسأل أنفسنا ما النموذج الذي كانت ستتحول إليه مصر، لو صبر الشعب على حكم الإخوان أكثر من عام، وهذا سؤال تجيب عنه نظرة بسيطة إلى إيران، التي تعد الوجه الشيعي للإخوان، حيث يحكمها مرشد أعلى من جميع سلطات الدولة، ويفرض عليها القوانين التي تتفق مع أهوائه، وتكرس لسلطته، بل ولا يمكن أن تسفر الانتخابات عن اختيار رئيس غير موالٍ له، وهو يحمي كل ذلك بأجهزة أمنية تابعة لهم وحده، لذا أرى أن حكم الإخوان لمصر كان سيصنع "إيران سنية" في قلب العالم العربي.
وهل هذا كل ما نخشاه من الإخوان؟
على الرغم من خطورة تحويل مصر إلى نسخة سنية من إيران الشيعية، لما في ذلك من تأثير خطير على مستقبلها، ومستقبل المنطقة العربية بأسرها، فإن هذا ليس كل ما يمكن أن يتسبب فيه حكم الجماعة، فالإخوان هم أول من زرع بذور الإرهاب في العالم، ثم أسهم الجمود الفقهي الذي عاشته المجتمعات الإسلامية، في تحويل هذه البذرة إلى شجرة طرحت ما واجهناه ونواجهه من فكر معادٍ للحياة وللعيش في سلام.


وما دور الجمود الفقهي في انتشار الإرهاب؟ وهل تقصد غياب الاجتهاد؟
بالطبع الجمود الفقهي يعني، توقف العلماء عن الاجتهاد، وهذه آفة كبرى، فالمتتبع لتاريخ الدولة الإسلامية، يجد أنها لم تبدأ في التراجع، إلا عندما توقف علماؤها عند أقوال السلف، وأضفوا عليها قدسية ومهابة، أٍسقط الاجتهاد من حساباتهم، على الرغم من أن العلماء الأوائل أنفسهم يؤكد ما ذكره التاريخ لنا عنهم، أنهم يحضون على الاجتهاد، بدليل أن الشافعي بدل فقهه عندما حضر من الشام إلى مصر، وأبا حنيفة كان يقول كل منا يؤخذ منه ويرد عليه، إلا صاحب هذا المقام، ويشير إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نريد مزيدا من التوضيح في هذه النقطة؟
أرى أن توقف العلماء عن مواكبة العصر، بالاجتهاد في مسائل الفقه، سواء بتعديل ما تركه لنا العلماء الأوائل من تراث بشري إنساني، أو الإضافة عليه بأفكار جديدة تواكب العصر الحالي، وأتصور أن هذا الجمود كان السبب في انتشار الأفكار المتطرفة، التي بدأت بانتهاج آراء فقهية لعلماء قدامى لم تعد مناسبة للعصر الحالي، لذا فإن توقف علماؤنا المعاصرون عن الاجتهاد، أفسح المجال لأصحاب الفكر المتطرف، ليفرضوا سيطرتهم على الساحة وعلى عقول الشباب، ويستقطبونهم بشكل صنع الصورة القاتمة التي نعيشها الآن؟
قبل أن نغادر هذه المنطقة المهمة المرتبطة في الأساس بثورة 30 يونيو ودورها في إنقاذ المجتمع من ظلامية الإخوان.. باعتبارك من كبار أساتذة التاريخ كيف سيتم التأريخ لدور الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه الفترة؟
أعتقد أن المؤرخين لهذه الحقبة من عمر مصر، سيذكرون أن الله وهبها قائدا ملهما، جاء لإحياء أمجاد أقدم دولة في التاريخ المعروف، غير عابئ بما يمكن أن يواجهه من مخاطر، وهذا دليل على إيمانه الشديد بعظمة هذا الشعب، وبأنه يستحق أفضل مما كان سيحصل عليه في وجود هذه الجماعة الفاشية، وأرى أيضا أن من أكبر الأدلة على طموح الرئيس السيسي، تلك المبادرات الرائعة التي أطلقها منذ توليه الحكم، التي تدل من أسمائها على حبه لشعبه واعتزازه به، ولتكن مبادرة "حياة كريمة" نموذجا يدل على صدق ما أقول، فالاسم والغاية والجهد المبذول من الجميع، أكبر دليل على تطلع القائد إلى توفير حياة أفضل للمواطنين، لذا فإنني بكل ثقة وعدالة أعتبر السيسي قائدا استثنائيا تولى إنقاذ الدولة المصرية، من مصير كان كفيلا بتدمير مستقبلها لمئات السنين، وربما إلى نهاية الدنيا.


لو عدنا قليلا إلى الوراء ما تقييمك لفترة حكم الرئيس الأسبق مبارك؟
حسني مبارك كان رجلا جامدا، يؤمن أن الاستقرار في حد ذاته نعمة يجب الحفاظ عليها، ولا يجيد الدخول في مغامرات، لذا جمّد مصر معه ثلاثين عاما، كانت كفيلة بتفاقم جميع المشكلات التي عانى منها المجتمع، خاصة أن خطط الدولة لم تنجح في إيقاف الزيادة السكانية، فأصبح الجمود الذي سماه مبارك استقرارا، نقمة تفجرت نتائجها في 25 يناير 2011، عبر موجة غضب شعبي عارمة، كادت أن تقوض أركان الدولة وتقضي عليها تماما.
هل ترى الرئيس الأسبق أنور السادات كان مخطئا في السماح للإخوان بالعودة للعمل السياسي؟
بالطبع كان ذلك خطأ فادح اعترف هو نفسه به في إحدى خطبه الشهيرة أمام مجلس الشعب في عهده، حين قال: "أنا كنت غلطان لما بصيت ليهم على أنهم فصيل سياسي عادي"، لكن السادات كان يعتقد بعد انتصار أكتوبر، أنه أصبح كبير العائلة المصرية، وأنه لن يجرؤ أي فصيل سياسي على مناوأته أو الخروج على أوامره، ونسي أن الإخوان خونة بطبعهم، وأن ولاءهم الوحيد للمرشد، وليس حتى للدين.


هل تعتقد أنهم كانوا ضالعين في التخطيط لاغتيال السادات؟
بالطبع كانوا ضالعين حتى آذانهم في التخطيط والتنفيذ، ولا شك في أن الجماعة كانت على علم بما يجري، وأسهمت بخبراتها، في دعم ابنتها الكبرى، الجماعة الإسلامية، وصولا إلى تنفيذ هذه الجريمة بالشكل الذي شاهده العالم بأسره.
نعود إلى الحاضر أو بالأحرى إلى الماضي القريب جدا ما الذي سيذكره التاريخ عن ثورة 25 يناير؟
سيذكر أنها انتفاضة مدبرة، استغلت فيها بعض القوى الداخلية والخارجية، فورة الغضب ضد نظام حكم جمد البلاد لثلاثين عاما، وحاولت كل من هذه القوى تحقيق أطماع خاصة بها، وسيذكر أيضا أنه لولا يقظة وقوة رجال اختاروا مبكرا مصلحة الوطن، على مصالحهم، بل وعلى حياتهم ذاتها، لكان ما جرى في 25 يناير تطور إلى حرب أهلية طاحنة تقضي على دولة عمرها أكثر من 5 آلاف سنة.
على ذكر الرجال الذين اختاروا مصلحة الوطن ما تقييمك لمسلسل الاختيار بجزئيه؟
مسلسل الاختيار أنا أراه أفضل عمل درامي توثيقي في تاريخ مصر منذ معرفتها بالدراما التليفزيونية، وذلك لا يعود فقط إلى أسلوب الكتابة والتصوير والإخراج وخلافه من الأمور الفنية، وإنما لأنه اعتمد على سرد الأحداث بطريقة مطابقة للواقع، حتى أنه حرص على اختيار شخصيات، تشبه الأبطال الحقيقيين، في تسلسل بديع، كما استطاع أيضا أن يدمج الوقائع على قسوتها وطبيعتها الحربية، في الجانب الإنساني للأبطال، بشكل أطلع الشعب على ما تمتع به من قدموا أرواحهم فداء للوطن، من إنسانية وحياة بسيطة تشبه حياتنا جميعا، فهم بشر مثلنا تماما، لا يتمتعون بأية قوة خارقة، لذا فإن من أهم فوائد هذا العمل، بخلاف توثيقه للأحداث التي جرت خلال تلك الفترة العصيبة، أنه يعلم الجميع أن التضحية لا تحتاج لأشخاص استثنائيين في أي شيء، وإنما هي لحظة يفضل فيها هذا الإنسان العادي جدا غيره على نفسه، ويفضل فيها وطنه على شخصه، بمعنى أننا جميعا نمتلك القدرة على التضحية بأنفسنا لوطننا ولمجتمعنا.
هل تؤيد ما يردده البعض من أن التاريخ الذي نعرفه الآن ويدرس في المدارس والجامعات غير دقيق وبه تشويه أو تزييف؟
المتخصصون في التاريخ يفرقون بين تسجيل الواقعة التاريخية كما حدثت، وبين تناولها بالتحليل، فالشق الأول هو التأريخ، ويعني أن أذكر أنه في يوم كذا من عام كذا وقعت أحداث بعينها، وأطرافها هم فلان وفلان وفلان، وذلك وفق مصادر معترف بها علميا، كشهود عيان مثلا، أو أطراف للواقعة التي أسجلها، أن الشق الآخر وهو تناول الواقعة بالتحليل، وهذه آراء لا يمكن وصفها بالخطأ إلا إذا خرجت بنتائج لا تناسب المعطيات المتاحة؟


أين المشكلة إذن؟
المشكلة أن بعض مسجلي الوقائع التاريخية، يتعمدون إخفاء تفاصيل منها، أو إضافة أشياء لم تحدث، لخدمة توجه أو مبدأ أو حتى شخص بعينه يدينون له بالحب والولاء، ومن هنا يقع المحللون في فخ تناول معلومات مغلوطة، لذا يجب على من يريد أن يصبح مؤرخا، أن يخلع عواطفه، وانتماءاته السياسية بعيدا، قبل أن يمسك قلمه ويدون أية معلومات ترتبط بوقائع بعينها حدثت في زمن ما؟
أخيرا.. متى يمكن أن نرى مؤلفا يؤرخ للفترة الحالية من عمر مصر؟
لا أفضل أن يحدث هذا سريعا، لأن تأريخ الفترة الحالية، في الوقت الراهن، سيخلو من النتائج المترتبة على الأحداث، لذلك فمن الأفضل لانتظار لحين تجاوز المرحلة الحالية، ومرور فترة زمنية كافية لظهور النتائج ثم الحكم عليها بموضوعية وحياد، ووضع ذلك كله في مؤلف منضبط علميا.