الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

سد النهضة.. سامح شكري: لا تفاوض إلى ما لا نهاية مع طرف مراوغ

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد سامح شكري وزير الخارجية، اليوم الثلاثاء، أن أزمة سد النهضة تكمن في أن الطرف الإثيوبي لا يريد سوى فرض رؤيته قسرًا على الآخرين، مشددا على أنه لا تفاوض إلى ما لا نهاية مع طرف مراوغ.
جاء ذلك خلال الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، خلال زيارته الحالية لقطر، حيث ألقى كلمة أمام اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية لبحث قضية سد النهضة.
وإلى نص الكلمة:

الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثان وزير خارجية دولة قطر
السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية
أصحاب المعالي والسعادة والوزراء،
تحية طيبة وبعد،
أتوجه في البداية بالشكر على سرعة الاستجابة لعقد هذا الاجتماع الطارئ الذي دعت له مصر لوضع أشقائها العرب في صورة ما يجري حاليًا اتصالًا بمفاوضات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، خاصة مع تعثر هذه المفاوضات وتعنت الأثيوبيين إزاء أي مبادرات ومقترحات لحل هذه القضية.
أصحاب المعالي،
كما تعلمون، فقد انخرطت مصر والسودان طوال سنوات عشر في مفاوضات مضنية مع الجانب الإثيوبي، ولا زلنا نراوح مكاننا دون إحراز أي تقدم ملموس، ورغم ما أبدته مصر من نية حسنة لإنجاز اتفاق قانوني ملزم وعادل يضمن لأثيوبيا حقها في التنمية دون افتئات على حقوق دولتي المصب، وبما لا يسبب لأي منهما ضررًا جسيمًا.
وعلى بداهة ما تطالب به مصر، إلا أن التفاوض حول ذلك الاتفاق استغرق منا جولات تفاوضية لا حصر لها، أبدت فيها مصر مرونة فائقة، تعكس التزامًا وحرصًا على الموازنة بين جميع الاعتبارات، وعلى النحو الذي يتيح لجميع الأطراف أن تخــرج من هذه المفاوضـــات وقد حققت جزءًا مما تريـــــد، دون إضـرار بالطــرف الآخر، إلا أن المشكلة تكمن في أن الطرف الإثيوبي لا يريد سوى فرض رؤيته قسرًا على الآخرين، متغافلًا في ذلك عن عمد، عن تعارض ما ينادي به مع كل المواثيق والاتفاقيات التي تحكم الأنهار الدولية، وساعيًا إلى فرض واقع جديد تتحكم فيه دول المنبع بدول المصب، وهو ما لا يمكن أن تقبل به مصر، فنهر النيل ملكية مشتركة، لدول المنبع كما لدول المصب، ولا يجوز لأحد مهما كان أن يغير من تلك القواعد المستقرة.
السادة الحضور،
لقد أثبتت مصر حسن نواياها في كل المرات التي وُضعت فيها نوايانا موضع الاختبار، فانخرطنا في جميع مسارات التفاوض، بداية من المسار الثلاثي ومرورًا بالوساطة الأمريكية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق اختراق جدي قبل أن ينسحب المفاوض الإثيوبي في اللحظة الأخيرة، ووصولًا إلى مسار الوساطة الأفريقية الذي لا زالت مصر تتفاعل معه بكل الجدية إيمانًا منها بغلبة لغة الحوار على ما عداها، إلا أنه ومع مرور ما يقرب من العام على بدء الوساطة الأفريقية، إلا أنها لم تسفر بعد، وللأسف الشديد، عن النتائج المرجوة، ولا يتحمل اللوم في ذلك من قاموا عليها، فمصر تقدر الجهود التي بذلتها جنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية، ولكننا لا نرى طرفًا يتحمل اللوم على إفشال كل تلك الجهود وإطالة أمد التفاوض لا لشئ إلا لكسب الوقت، سوى الجانب الإثيوبي.
أصحاب المعالي،
إزاء هذا التعنت الإثيوبي، والمتمثل في إصرارها على الاستمرار في ملء خزان هذا السد الضخم دون اتفاق مع دولتي المصب، وهو ما يعد مخالفة جسيمة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث في عام 2015، وأمام غياب أي إرادة سياسية لإنجاز اتفاق قانوني ملزم وعادل، فإن صبرنا قد تعرض لاختبارات عدة، وفي كل مرة أثبتت مصر أنها الطرف الذي يتصرف بمسئولية ومن منطلق إدراك مسبق بتبعات تصعيد التوتر على أمن واستقرار المنطقة، ومن ثم فإن مصر مصرة على استنفاد كافة الحلول الدبلوماسية، الأمر الذي دعانا ونحن هنا لنعرض الأمر على أشقائنا العرب، طالبين منهم الدعم للمسعى المصري السوداني العادل.
السادة الحضور،
إن مصر تعرض هذه القضية الوجودية على المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية من منطلق تأثر الأمن القومي العربي بهذه القضية، ولا ينبغي أن يُفهم هذا باعتباره محاولة لخلق اصطفاف موجه ضد دولة أفريقية شقيقة، ولكنه طلب يستمد روافده من أهمية التكاتف العربي لحماية مقدرات أمننا القومي، فالأمن المائي المصري والسوداني يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي العربي، والتأكيد على وجود تضامن عربي واضح وموقف موحد يدعو لضرورة وضع إطار زمني للعمــلية التفاوضيـة حتى يتم التوصـل إلى اتفاق متوازن، فليس مقبولًا أن يستمر التفاوض إلى ما لا نهاية، خاصــــة وأننا بتنا مدركين لنوايا الطرف الآخر، وإقدامه على خطوات أُحادية تُفرغ أي تفاوض من مضمونه وظًنا أنه بسلوكه المراوغ قادر على فرض رؤيته وتجاهل مواقفنا، وبالتالي فإن دعمكم لمصر والسودان في موقفهما العادل يكتسب أهمية مضاعفة في ظل هذه الظروف التي سقناها إليكم، وإنا لعلى يقين بأننا سنلقى منكم كل الدعم المطلوب، انتصارًا لقيم الإخاء والتلاحم، وإيمانًا بعدالة قضيتنا.