السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

خطة إخوانية خبيثة لـ"تكتيف" الليبيين ومنعهم من المشاركة في الانتخابات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في تحرك مفاجئ، أصدر مجلس النواب الليبى بيانا قال فيه: "أصبح لزاما علينا أدبيا ووطنيا، اعتماد مشروع الدستور الليبى المنجز من الهيئة التأسيسية، دستورا مؤقتا لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة، نظرا لضيق الوقت، وتعذر الاستفتاء في وقت مبكر قبل انتخابات آخر العام"، وهو ما يمثل انقلابا واضحا على المسار السياسى، الذي أقره ملتقى الحوار، بإجراء الانتخابات وفق قاعدة دستورية توضع خصيصا للمرحلة الحالية.
وفى الوقت الذي تؤكد فيه مفوضية الانتخابات الليبية، على ألسنة مسؤوليها اكتمال استعداداتها للاستحقاق الانتخابى، بنسبة تصل إلى ٨٠ ٪، تنطلق أبواق جماعة الإخوان، للتشكيك، سعيا وراء هدف المفوضية باعتبار أنه بدونها لا يمكن إجراء الانتخابات.


المفوضية أكدت أن الـ٢٠٪ المتبقية من استعداداتها ترتبط بالقوانين الانتخابية، التى لم تصدر بعد، كما تواصل المفوضية توفير الدعم اللوجستى اللازم لإجراء العملية الانتخابية، معلنة استلامهما كمية من صناديق الاقتراع، كجزء من الدعم الدولى المقدم لها عن طريق مشروع تعزيز الانتخابات من أجل ليبيا.
مسئولو المفوضية، وعلى رأسهم عماد السايح، أكدوا أن تسجيل الناخبين سيبدأ اعتبارا من أول شهر يوليو المقبل، وهو ما هاجمته جماعة الإخوان، ممثلة في مجلسها المسمى بمجلس الدولة الاستشارى.


رئيس المجلس الإخواني خالد المشري، شن هجوما على رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السايح واتهمه بالتدليس وعدم نقل الحقيقة إلى الشعب، زاعما أن الاستفتاء على الدستور لن يؤجل، على عكس ما أدلى به السايح من تصريحات.
المشرى ادعى أيضا أن قانون الاستفتاء على مشروع الدستور جاهز، وتم تسليمه لمفوضية الانتخابات منذ فبراير عام ألفين وتسعة عشر، متهما المفوضية بالتلكؤ من دون أسباب في إجراء هذا الاستفتاء.
المشري زاد من ادعاءاته بأنه يمكن إجراء الاستفتاء خلال شهرى يوليو، أو أغسطس المقبلين، زاعما أن ذلك لن يؤثر على موعد الانتخابات، متجاهلا الاستعدادات الفنية واللوجيستية التى يجب اتخاذها لتنفيذ أى استحقاق انتخابى، لا سيما في ظل تراجع إمكانات المفوضية الليبية، واعتمادها في معظم احتياجاتها التقنية واللوجستية على الصدقات الخارجية.


ويرى الدكتور فتحى العفيفى، أستاذ الفكر الاستراتيجى، بجامعة الزقازيق، أن مساعى الإخوان لعرقلة الانتخابات لن تتوقف، مشيرا إلى أن الجماعة تستهدف إطلاق حملة ممنهجة لإسقاط مفوضية الانتخابات الليبية، باعتبارها رأس الحربة، التى بدونها لن تجرى الانتخابات.
وأشار إلى أن التشكيك في رئيس المفوضية ومعاونيه، سيجبر الحكومة المؤقتة على تعطيل كل الإجراءات الجارية نحو الانتخابات، من أجل تغيير عماد السايح، ومساعديه، الأمر الذى يدخل المفوضية مغارة التجميد، في ظل أن منصب رئيسها من ضمن المناصب السيادية، التي تعطل الجماعة البت في أمرها حتى الآن.
تفجير سبها
ويواصل الدكتور فتحي العفيفى، أستاذ الفكر الاستراتيجى بجامعة الزقازيق، تحليله للمشهد الليبى، موضحا أن التفجير الإرهابى الذى وقع قرب المدخل الشمالى لمدينة سبها، الواقعة في الجنوب الليبى، يؤكد سيطرة الميليشيات المسلحة على الأمن في عموم البلاد.
وأشار إلى أن التفجير الإرهابى الذى أسفر عن مصرع ضابطين، وجنديين، وإصابة ٥ مدنيين، وتبناه تنظيم داعش الإرهابى، ترجعه بعض المصادر الليبية إلى الخلافات الناشبة بين الميليشيات الموالية لجماعة الإخوان، التى تعمل في مجال الإتجار بالبشر.
ولفت إلى وجود اتفاق بين المحللين على أن ليبيا أصبحت، منذ عام ٢٠١١، أسيرة للجماعات المسلحة والميليشيات، التي عاثت في الأرض فسادا، بالتآمر مع جهات أجنبية، حتى أصبح لها القول الفصل، في تحديد مصير البلاد.
وتابع: "صارت الميليشيات المنتشرة بطول البلاد وعرضها، الآمر الناهى في حسم أي ملف، وآخرها ملف فتح الطريق الساحلى، حيث طلب قادة الميليشيات، التى تنتمى إلى مصراتة، بالحصول على ٣٥٠ مليون دولار، مقابل فتح الطريق".
ولف أيضا إلى أن تفجير سبها الأخير، أكد قدرة الميليشيات على إسقاط الهدنة، وإشعال الحرب بالبلاد، في أى وقت، وأى مكان، بعد أن أصبحت لها اليد العليا في الأمن الليبى.
وأشار إلى أن تفجير سبها، يمثل إجابة لسؤال مهم طرحه المهتمون بالشأن الليبى، وهو لماذا لم تفتح حكومة الوحدة الوطنية ملف توحيد المؤسسة العسكرية، وكذلك فتح الطريق الساحلى؟
وأوضح العفيفى أن التفجير الأخير أكد أن الميليشيات أقوى كثيرا مما توقع الجميع، مشددا على أن الحكومة مطالبة، أكثر من أى وقت مضى، بإظهار قوتها، عبر تنفيذ وعودها بخصوص فتح الطريق الساحلى، لتأكيد سيادتها على البلاد، محذرا من خطأ الرضوخ لأى مطالب للميليشيات.


تفجير فاضح
بدوره أكد طه على، الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، أن تفجير سبها الإرهابى، الذى وقع الأسبوع الماضى، وأسفر عن مصرع وإصابة نحو ١٠ أشخاص، بينهم عدد من رجال الأمن الليبى، فضح الكثير من المخططات التى تحاك في الخفاء، لتعطيل الاستحقاق الانتخابى، الذي يعد حجر الزاوية لاستعادة الهدوء والاستقرار في تلك البلاد المنكوبة بالفوضى والحرب الأهلية، منذ اندلاع اضطرابات الربيع العربى، قبل عشر سنوات.
وأشار إلى أن سياسة الكر والفر، التى تمارسها بعض الأطراف الليبية، بمساعدة قوى خارجية، لمنع الشعب الليبى من الذهاب لصناديق الاقتراع، وتغيير واقعه بيده، بدأت تتضح معالمها، بعد أن كشفت مصادر داخلية، عن الكواليس المرتبطة بتفجير سبها.
رعب الأطراف المرفوضة شعبيا، ولا سيما جماعة الإخوان، جعلها تلقي بثقلها وراء تنفيذ مخطط، يستهدف بث الرعب في قلوب المواطنين، للحد من حماستهم للاستحقاق الانتخابى، بشكل يقلل من فرص مشاركتهم، لإخلاء الساحة لعملاء الجماعة حتى ينفردوا بالمشهد، ويستطيعون استغلال عزوف الشعب عن المشاركة، في الدفع بأتباعهم وحسم العملية الانتخابية لصالحهم، هذا ما أكده طه على، لافتا إلى أن الجماعة قررت أن تبدأ مبكرا، في تنفيذ مخططها لإخلاء الساحة لعملائها، عن طريق ضرب الهدوء الأمني في البلاد، من خلال تنفيذ عمليات تفجير عشوائية، ونسبتها إلى تنظيم داعش.
ولزيادة الإيضاح فقال " على ": "الجماعة تعلم أنه من المستحيل تزوير الانتخابات المقبلة، عبر التلاعب بالأصوات، في ظل الاهتمام الدولى والإقليمى الواسع بالانتخابات الليبية، ونتيجتها، لذا قررت اللجوء إلى طريقة أخرى للتزوير".
وأضاف: "تعتمد طريقة الجماعة على إشعال الشارع بسلسلة من التفجيرات، حتى تخيف المواطنين من المشاركة، وبالتالى يحدث عزوف عن صناديق الاقتراع، وبالتالى لا ينزل للتصويت في الانتخابات، إلا أتباع الجماعة، الذين سيصوتون بالأمر لمرشحيها، وحلفائهم".
وعن سر بدء الجماعة في تنفيذ مخططها مبكرا، قبل نحو ستة أشهر على موعد الانتخابات، قال " على ": "هذا طبيعي لأنه كلما مر الوقت، زاد الاهتمام بالانتخابات، وقلت فرص إحداث تأثير على عقول المواطنين، في ظل الزخم الذى سيتصاعد كلما تقدمت الدولة نحو هذا الاستحقاق، وهو ما جعل الجماعة تسعى للبدء في مخططها، قبل أن يصبح تنفيذه مستحيلا، أو قليل التأثير، أو تجد نفسها متورطة في مواجهة مع المجتمع الدولى".
وتابع: "أيضا فإن بدء الجماعة في مخططها مبكرا يمكنها من نفى المسئولية عما يجرى، في ظل اعترافها الظاهري بالانتخابات، ودعوتها لإجرائها، أما إذا حدث تطور من أي نوع، أدى إلى التأكد من أن مرشحيها لن يكون لهم حظوظ في الانتخابات، فإن أى تحرك منها في هذا التوقيت سيكون من السهل كشفه، وتأكيد وقوفها خلفه".


ردود الفعل
في غضون ذلك توالت ردود الفعل المحلية والدولية على التفجير، حيث أعلنت المتحدثة باسم المجلس الرئاسى الانتقالى الليبى، نجوى وهيبة، عقد اجتماع طارئ للمجلس، بغرض الوقوف على ملابسات الهجوم الإرهابى.
وأشارت إلى أنه تقرر تشكيل لجنة، برئاسة وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وعضوية كل من رئيس جهاز المخابرات العامة، ومنسق جهاز مكافحة الإرهاب، للعمل على جمع المعلومات حول التفجير، ودوافعه، وتقديم الجناة للعدالة، لافتةً إلى أنه بمجرد تسمية اللجنة والإعلان عنها ستبدأ بالعمل بالتعاون مع كل الجهات ذات الصلة لتقديم المتورطين للعدالة وتفادى أى هجمات أخرى وأعمال تخريبية.
المتحدثة أكدت أن المجلس الرئاسى، يتابع كل التحركات، وسينشر المعلومات التي ترد بالخصوص، متقدمة بأحر التعازى والمواساة لذوى الضحايا، مؤكدة التضامن مع الجرحى.
المناصب السيادية صداع في رؤوس الليبيين
ما زال مجلس النواب، وما يسمى بمجلس الدولة الإخوانى يماطلان في حسم ملف شاغلى المناصب السيادية، ليبقى ورقة قادرة على تعطيل المسار السياسى نحو إنهاء الأزمة الليبية، بل ومعول كفيل بتأجيج الخلافات وهدم كل شىء عند الحاجة.
ربط هذا الملف باعتماد ميزانية الدولة عن العام الحالى، الذى وصل إلى نصفه، بحجج واهية، كان من أهم وسائل التعطيل لأنه أثار جدلا واسعا، زاد من صعوبة الوصول إلى توافق.
رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، دعا أعضاء المجلس، إلى حضور الجلسة الرسمية التى ستنعقد الاثنين المقبل بمقر المجلس في مدينة طبرق لمناقشة بندى مشروعى قانون الميزانية العامة للعام الحالى وتولى المناصب القيادية بالوظائف السيادية.


ويعلق الدكتور أكرم الزغبى، أستاذ القانون الدولى على تلك القضية قائلا إن دعوة عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، تأتى على الرغم من أن المجلس عقد الاثنين الماضي جلسة كاملة النصاب، ولم يجر مناقشة هذين البندين فيها، ما يشير إلى تسويف مثير للريبة.
وتساءل الزغبى، حول ما إذا كان البرلمان قادرا على حسم هذا الملف، في ظل المساومات الجارية بينه وبين مجلس الدولة الإخوانى، لافتا إلى أن مجلس الدولة الإخوانى يعمل على الإمساك بكل خيوط العملية السياسية، حتى يضمن السيطرة على مفاصل الدولة، وضمان البقاء في مستقبلها القريب.
وأوضح الزغبي أن الأطماع الخارجية ما زالت المحرك الرئيس للأحداث السياسية في ليبيا، قائلا: "الأطماع كانت سببا مباشرا في جلب الآلاف من المرتزقة، والدفع بهم لإشعال صراع عسكرى دارت رحاه على أرض ليبيا، وأوشك أن يتحول إلى حرب إقليمية طاحنة، لولا حكمة وهدوء مصر وقيادتها السياسية. وأضاف: "ولأسباب سياسية ولوجستية، غضت القوى الدولية الطرف عن الانتهاكات ضد السيادة الليبية، تاركة الأمور تمضي، مترقبة اللحظة المناسبة للتدخل وإحراز مكاسب سهلة على طبق من ذهب". وألقى الزغبي باللوم على الولايات المتحدة الأمريكية، منذ عهد الرئيس باراك أوباما، الذى سمح بمهزلة تدمير ليبيا، وإسقاط نظامها القوي، مرورا بدونالد ترامب، الذى تعمد اتخاذ موقف المتفرج، حتى اللحظات الأخيرة من عمر ولايته.
وتابع: "مع وصول إدارة الرئيس الجديد جو بايدن إلى الحكم، بدأت التطورات تطرأ على موقف واشنطن، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأمريكى أنتوني بلينكين، أدلى بتصريحات انتقد فيها صراحة الانتهاكات التي تعرض لها القانون الدولى في ليبيا، وفى البحر المتوسط، من تعد على المناطق الاقتصادية لدوله، وغيرها من الأعمال العدائية.
لا تتوقف جماعة الإخوان الإرهابية، عن تنفيذ الخطط الخبيثة، لتحقيق أهدافها الرامية إلى ضمان البقاء داخل المشهد السياسى الليبى، باعتبار ليبيا هى المعقل الأخير المتبقى للجماعة، الذي يمكن أن ينقذ كبار قادتها، من التغيرات الحادة التى تجرى في المنطقة، وتصب في الغالب ضد مصالحها وتسعى الجماعة هذه الأيام، إلى تنفيذ مخطط متكامل لـ"تكتيف الليبيين"، ومنعهم من المشاركة في الانتخابات، عن طريق إثارة الخوف بسلسلة من التفجيرات الإرهابية، التى تتآزر مع المراوغات السياسية لتحقيق الهدف النهائى، وهو الهيمنة التامة على المشهد السياسى الليبى.