الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من كابوس القديسين.. إلى انفراجة 30 يونيو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتاد أوركسترا القاهرة السيمفونى الاحتفال برأس السنة في احتفاليتين بأجواء تختلف عن حفلاته الأسبوعية، احتفالية في القاهرة والثانية في اليوم التالى بالإسكندرية.. واستعدادا للمجهود الكبير المنتظر نمت مبكرا، لأستيقظ على خبر مفجع وإعلان الحداد العام بمصر!..تحولت البهجة والأمل في عام جديد، إلى ألم وحزن وخوف على مستقبلنا القريب والبعيد..اهتز كيانى وانهمرت دموعى وأنا أستمع إلى خبر تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، أثناء احتفالات عيد الميلاد المجيد، في الساعات الأولى من عام 2011..والتى كان ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين من المصلين المتوجهين إلى الله بالدعاء في بيت من بيوته الآمنة، منذ ذلك اليوم عشنا كابوسا ممتدا..تخللت تلك الفترة دعوات كثيرة للاحتجاج والتظاهر، وتضخيم كل السلبيات والتى لا يخلو منها مجتمع على وجه الأرض..فخ كبير نصب للمصريين بمؤامرات خارجية بمعاونة تجار الدين ممن يطلقون على أنفسهم"إخوان مسلمين"!..وشارك معهم العديد من الشباب انسياقا وراء دعوات براقة لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، تحت شعار(عيش.حرية.عدالة اجتماعية)..وبين حصار الجهل والأمية والأحلام الوردية والتقليد الأعمى، خرجت الحشود الشعبية، وبدأت المطالبات بإسقاط النظام، إلى أن وصلنا ليوم 28 يناير..والذى تحول من يوم يعلن فيه الشعب غضبه ومطالبه بطريقة سلمية، إلى محاولة لإسقاط الدولة، واستهداف الشرطة، وحرق الأقسام واقتحام السجون وتهريب المساجين، واستهداف المجمع العلمي والمتحف المصري وحرق المنشآت العامة والخاصة!..تحول الكابوس إلى واقع مرير، يعيشه المصريون، ويحزن له الأخوة العرب ممن يعشقون مصر ويخشون ضياعها، وذلك بعد سيطرة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان على الحكم، بعد أن اغتصبوه بالتهديد إما يحكمونا أو يقتلونا!..وأصبحت مصر التاريخ والحضارة أسيرة مهددة مغتصبة!..أيام وليال وشعب مصر -إلا الفئة الضالة- يعيش البؤس والخوف والقهر الذى حرم زيارة النوم للعيون..وبين الثقة في مؤسسات الدولة، وحالة الرضوخ التى بدت، عشنا الحيرة والتردد والشك، ودار التساؤل بيننا هل يقبلون أسر بلدنا وضياعنا?!..العين تصدق ما تراه، وداخل القلب إيمان أن شيئا كبيرا سوف يخرجنا من ظلمات التنظيم، إلى حياة الأمن والأمان الذى تعهد الله بصيانتهما لمصر ولمن يدخلها(ادخلوها بسلام آمنين)..ومع مرور الأيام بدأت فئات الشعب التى كانت تصدقهم وتساندهم تستفيق، وقناع التدين الزائف والاستضعاف وخطاب المظلومية تساقط عنهم يوما بعد يوم..وتلك فائدة وصولهم للحكم وشعورهم بالسلطة المطلقة، والتى فضحت وجوههم القبيحة لعامة الشعب، رغم المحاولات العديدة لكشفهم قبل 2011 ومحاولة تمزيق قناع الزيف الذى يرتدونه، وإحدى هذه المحاولات كانت للكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، عندما قدم مسلسل الجماعة، والذى أعتبره أروع إبداعاته وأكثرها نفعا..وقد قدم لأول مرة في رمضان، في أغسطس 2010، وكشف من خلاله جماعة الإخوان ومخططاتهم، وأطلق صفارة إنذار كى ينتفض الجميع، ولكن لم نستفق إلا بالتجربة المريرة..وكانت شرارة الانفجار الشعبى بعد إصدار الإعلان الدستورى المكمل الذى يمنحهم سلطة مطلقة وسيطرة على أهم مفاصل الدولة..فخرج الشعب إلى ميدان التحرير رغم تهديداتهم، كنا نواجه الموت بصدورنا، ونحن نطالب بإسقاطهم وتحرير مصر من سطوتهم..كان هذا اليوم بداية خطوات التحرير من ذلك التنظيم البغيض..وتيقننا أننا سنتخلص منهم لا محالة..كابوس طويل استمر حتى هل فجر 30 يونيو 2013، ذلك اليوم الذى كان بمثابة إعلان المصريين لتحررهم من استعمار التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وتجديد ثقتهم الراسخة في قواتهم المسلحة، التى حملوها أمانة الحفاظ على الدولة وحماية مواطنيها، وكان بداية الحلم الجديد بدولة لا يسود فيها إلا العدل..ورغم أننا تخلصنا من حكم تلك الجماعة المحظورة، إلا أن أهدافهم المسمومة ما زالت موجودة، ولن تموت أو نتخلص منها إلا إذا استوعبنا الدروس القاسية التى مرت بنا، ومن أهمها أن غياب الوعى هو أفضل مناخ يمكن أن تتكاثر فيه الأفكار المسمومة، ويمكن من خلاله التلاعب بالأفكار وتضليل الرؤى، كما أن التقصير أو ترك الساحة خاوية، يستغله مثل هؤلاء فيحاولون جبر ذلك التقصير بما يخدم أهدافهم ومصالحهم، فيستغلون مواطن الضعف ويحولونها لعوامل قوة لصالحهم..وبالتالي لا بديل عن قيام كل أجهزة الدولة بدورها على أكمل وجه..أما الوعى فلا يمكن أن يخلق بين عشية وضحاها، وإنما هو فعل تراكمي يحتاج لوقت ليس بقليل كى يرسخ..وهو المفتاح الحقيقي لحل كل مشكلاتنا في جميع المجالات..لذا آن الأوان كى نبنى حائط صد من الوعي، كى لا نقع مرة أخرى في فخ آخر، فكما يقال:"من لم يتعلم من التاريخ كتب عليه أن يعيده".