الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فلسطين في القلب والضمير من الصبا حتى الشيخوخة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكتب بقلبى ودموعى، وجيش الاحتلال الصهيونى بالبحر والبر والجو يستهدف البشر والزرع والمبانى، وأغلب النخب والجماهير العربية تهتم بالرياضة، والمظاهرات لا تتم إلا في فلسطين والداخل الإسرائيلى، الأمر الذى يذكرنى عندما كنت في صفوف المقاومة الفلسطينية ببيروت 1982 ضد الاجتياح الإسرائيلي، كانت هناك مظاهرة من 100 ألف مواطن في دولة عربية ضد "مؤامرة تواطؤ ألمانيا مع النمسا" لعدم تمكين منتخب تلك الدولة العربية من الوصول لبطولة كأس العالم.
وعشت حياتى كلها لم أتخذ موقفًا وندمت عليه، سجنت، شردت ولم أملك أى شىء إلا نفسى وكرامتى، لم أخضع لحاكم أو رجل أعمال أو رجل دين، أتذكر بيرم وهو يقول: «إيه مراد ابن آدم؟ قلت له: طقه قال: إيه يكفى منامه؟ قلت له: شقّة قال: إيه يعجّل بموته؟ قلت له: زقه قال: حـد فيها مخلّد؟ قلت له: لأه قال لى: ما دام ابن آدم بالصفات دى نويت أحفظ صفات ابن آدم كل ما أترقى».
***
«أحنّ إلى خبز أمى وقهوة أمى ولمسة أمى وتكبر في الطفولة يوما على صدر يوم وأعشق عمرى لأنى إذا متّ، أخجل من دمع أمى».. محمود درويش
عشت في المنفى الاختيارى وكانت أمى تصلى للعذراء بالدموع كى أعود.. وحينما عدت كانت الأمراض قد طوقتها.. وعندما رحلت كنت أيضا بعيدا عنها، وكلما رأيت صورة للعذراء أتشفع لأمى أمامها فقد كانت في طفولتى تركض أمامى هذا الصباح، تعود بى إلى العمر الأول حيث كانت أيقونة العذراء، وهى تحتضن المسيح في صالة المنزل، نلتقط السندوتشات من أمى، نذهب إلى الأيقونة، نمسد عليها، نتبارك بها، لم تمل العذراء من إعطائنا البركة، ولم نتركها يوما دون طلب الحماية، كانت العذراء حارسة المنزل، كانت أمى تحب العذراء.. وتقول: «مسكينة حياتها بدأت بـ«جرسة» وهى البنت والحامل دون معاشرة رجل وكملت بـ«عار» تحت أرجل ابنها على الصليب» أمى التى عذبتها وهى تبحث عنى من سجن لآخر.. وحينما اضطررت للمهجر كانت تصلى تسامحنى.
***
«يا فلسطينية والغربة طالت كفاية والصحرا أنّت م اللاجئين والضحايا والأرض حنّت للفلاحين والسقاية والثورة غاية والنصر أول خطاكو يا فلسطينية».. أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام.
أبناء جيلى.. جيل سبعينيات القرن الماضى، رضعوا من صدر الوطن حب فلسطين، حينما كان العالم يموج بالنضال من أجل العدل والحرية وليس من أجل الآخرة والعالم الآخر، كان هناك في عمق القضية والنضال الفلسطينى فرسان ثلاثة: الراحلون د. رءوف نظمى «محجوب عمر» ومصطفى الحسينى، وفاروق القاضى «أطال الله عمره»، والثلاثة مصريون يساريون خرجوا من سجون عبدالناصر إلى النضال الفلسطينى الأرحب، وانضم اليهم فيما بعد جيل اخر في مقدمتهم الصحفى الكبير الراحل فهمى حسين، كلهم انضموا إلى حركة فتح، رءوف نظمى مقاتل في المحور الغربى مع الشهيد أبوجهاد الذى كان يقوم بالإشراف على العمليات في الأرض المحتلة، وفاروق القاضى كان بمثابة مدير مكتب ياسر عرفات ووزير التعليم العالى ولعب دورا بارزا في تأسيس العلاقات بين منظمة التحرير والاتحاد السوفيتى، مصطفى الحسينى فارس حقيقى، وأمير مقاتل وصحفى، جبت العالم شرقا وغربا ولم أشهد صحفيا برتبة فارس، ويمتلك من حرية في الحشا تفيض علينا دائما بالمعرفة والتشبث بالنضال، في الصف الثانى كان النائب د. سمير غطاس «محمد حمزة»، في الغربى، والصحفى العظيم فهمى حسين مدير وكالة «وفا» الفلسطينية، والمهندس أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكى الآن، يجوب في حنايا الثورة الفلسطينية بدفء مصرى أصيل. إلى هناك ذهبت، وخلف جدار بيروت الثورى الأخير احتميت، قاتلت، وعشت حياتى الصحفية ما بين «النداء» اللبنانية وجريدة «المعركة» التى تأسست عند غزو إسرائيل للبنان 1982، كان صاحب الفكرة المرحوم الصحفى الكبير والفنان عبد المنعم القصاص، زوج الصحفية الكبيرة أمينة شفيق، على غرار مجلة المعركة التى نشأت في معركة 1956، وما زالت تصدر كمجلة يسارية، ووضع الشعار لها المرحوم الشاعر الغزاوى معين بسيسو: «قد أقبلوا فلا مساومة.. المجد للمقاومة»، وكان رئيس تحريرها الكاتب والصحفى الفلسطينى الكبير زياد عبد الفتاح رئيس تحرير وكالة وفا الفلسطينية، وكتب فيها د. حسين مروة ومحمود درويش والشعراء سمير عبد الباقى وزين العابدين فؤاد، وشرفت بأن كنت مسئولا عن تحرير باب ثابت عن كيف يعيش المدنيون في أماكن القتال. كانت بيروت الملحمة، تطل منها عيون الشهداء.. وكانت فلسطين في القلب قبل أن يتم تديينها وإسقاط هيبتها من قبل الحركات «المتأسلمة» مثل حماس والجهاد، كانت الثورة الفلسطينية محل احترام وتقدير كل الحركات في العالم، والآن سقط 90% من مؤيديها وأصبحت حركة «دينية تمارس الإرهاب» في نظر قطاع كبير.
الآن الشعب الفلسطينى يدفع الثمن بالدم والدموع، والفاشى نتنياهو حفر الحفرة لحماس، وبدلا من أننا كنا نطالب بالأقصى ونطالب بوقف الاستيطان وندافع عن أبناء حي الجراح، أصبحنا نطالب بوقف إطلاق النار.
كل التضامن للشعب الفلسطينى وستظل القضية في قلبى وضميرى وقلب وضمير جيلى حتى آخر العمر.