الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بيدأ من سحر أحد الفصح العظيم.. معلومات عن "زمن البندكستاري"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
زمن البنديكستاري أو الخمسيني، وهو يمتد من سحر أحد الفصح العظيم المقدّس حتى أحد جميع القديسين الذي يلي أحد العنصرة المقدّس بحسب الطقس الشرقي.

تعريفه

في السنة الطقسيّة وفي الليترجيا البيزنطيّتين، يأتي "أحد قيامة يسوع" ليفتتح زمنًا يُدعى بال"خمسينيّ"، وهو كما يُشير إسمه، يمتدّ على مدى خمسين يوم، وبشكل دقيق من "أحد القيامة المجيدة" إلى "أحد العنصرة المُقدّسة"، أي سبعة أسابيع. لكنه فعليًّا يشمل أيضًا أسبوعًا ثامنًا مع "أحد تذكار جميع القديسين".
إن ما يُميّز زمن "البندكستاري" هو أن عيد "قيامة الربّ من بين الأموات"، يطغى بأجوائه على كل شيء، فطَعم الفرح بالقيامة موجود في النفوس وفي النصوص. ونظلّ نترنّم بأناشيد القيامة (وخصوصًا "طروباريّة القيامة")، وتبقى تحيّة ومُعايدة "المسيح قام... حقًا قام" طيلة أربعين يومًا، أي حتى عيد "صعود الربّ بالمجد إلى السماء"، وعودته "إلى المجد الذي كان له من قبل إنشاء العالم". ثم تأتي "العنصرة المُقدّسة"، التي فيها أرسل روحه القدّوس كما سبق فوعد تلاميذه، وهي أحدى أهمّ مفاعيل قيامته المجيدة. لذلك، فإن هذا الزمن "الخمسينيّ" يبدو وكأنه يوم واحد طويل من الإحتفالات ب"العيد الكبير".

محطاته
رتّبت الكنيسة المقدّسة محطات زمن "التريوذي" لتهيأة المؤمنين ل"رؤية" قيامة المسيح، كذلك رتّبت محطات زمن "البندكستاري" للتأمل بسرّ ألوهة السيّد له المجد، التي تجلّت بأبهى صورة بحدث "قيامته من بين الأموات" بسلطانه الخاص، وما تلاها من "ظهورات" له على مدى الأربعين يومًا، وصولًا إلى إرساله الروح القدس "المُعزّي" وانطلاق الكنيسة... نقرأ على مدى هذا الزمن (ما عدا بضعة أيام)، الإنجيل بحسب يوحنا الرسول الملقّب ب"اللاهوتيّ"، لأن هذا الإنجيل كُتب بهدف لاهوتيّ محض، ألا وهو إظهار ألوهة "الكلمة المتجسّد" وتدبيره الخلاصيّ في هذا العالم من خلال مسيرة كرازته وأعماله.

أحد القيامة

هو "اليوم الذي صنعه الربّ"، "عيد الأعياد وموسم المواسم"، الذي فيه نعيش فرح انتصار الربّ على الموت، وبه أصبحنا "نترجّى قيامة الموتى، والحياة في الدهر الآتي" (قانون الإيمان). فإنه "لو لم يقمِ المسيح، لكان تبشيرنا باطلًا، ولكان إيمانكم باطلًا، ولكنّا أشقى الناس أجمعين" (1كور 15: 14-19). هذا اليوم هو "بدء جديد"، لذلك نقرأ فيه المقدّمة الشهيرة لإنجيل يوحنا "في البدء كان الكلمة..." (يو 1: 1-17)، وهذا "البدء الجديد" يتجلّى في "الخلق الجديد"، "آدم الجديد"، "الإنسان الملكوتيّ الجديد" (كل مؤمن مُعمّد).

الأسبوع الجديد

على سبيل التشبيه، كما أن "الأسبوع العظيم المُقدّس" هو ذروة "التريوذي" والفترة الأكثر قُدسيّة فيه، كذلك "أسبوع التجديدات" هو إمتداد ليوم "أحد القيامة" والفترة الأكثر قُدسيّة وفرحًا وحبورًا في "البندكستاري"... فالخليقة كلّها تجدّدت بقيامة المسيح، الذي أعادها إلى "بهاء الصورة الأولى". ويصل صدى "التجديد" إلى سفر "الرؤيا"، حين يقول "ها أنا أجعل كل شيء جديدًا" (رؤ 21: 5).

أحد القديس توما الرسول
فيه نقرأ الرواية الشهيرة للظهور الثاني للسيّد القائم وسط تلاميذه، بعد ثمانية أيام على ظهوره الأول، وبحضور توما هذه المرّة (يو 20: 19-31). وعبرة هذا الأحد هي فعل الإيمان الكبير الذي أظهره توما من خلال هتافه "ربّي وإلهي"، بعد الشكّ الناجم عن "صدمة صلب وموت المُعلّم". وهنا لا نقول أبدًا إن باقي التلاميذ كانوا أفضل من توما، فهم أيضًا لم يُصدّقوا مريم المجدليّة، ولا "التلميذَين منهم" حين جاؤوا بخبر ظهور الربّ يسوع لهم، كما في (مرقس 16: 9-13). لكن لقاء الربّ بتوما حدث لكي يكون عبرةً لنا ولكل الأجيال (التي لم ترَ حدث "القيامة" ولا "القائم من الموت" بشكل حسّي)، بأن الإيمان هو أولًا وأخيرًا فعل يتخطّى الحواسّ الأرضيّة "الترابيّة"، وهو ثمرة اختبار "حيّ" لشخص حيّ هو "الربّ القائم من بين الأموات". لذلك، فإن توما هو صورة لكل واحد منا حين يُشكّك، وهو مثال لنا أيضًا في إعترافه بألوهيّة الربّ بعد مرحلة الشكّ.

أحد حاملات الطيب
في هذا الأحد، نُقيم تذكار النسوة "حاملات الطيب"، وكذلك أيضًا يوسف "الراميّ" ونيقوديموس، الذين تعاونوا على إنزال جسد الربّ عن الصليب، وحنّطوه بالطيوب ولفّوه بالأكفان وأودعوه "قبرًا جديدًا"، بالقرب من مكان الصلب (مر 15: 43 إلى 16: 8). هُم مثال الأمانة والمحبّة العابرة للصليب وللموت، وسط الجنون الدمويّ الذي يسود عالمنا، وفي وقت هرب التلاميذ كلّهم (إلا يوحنا الذي وقف عند أقدام الصليب) وإختفوا من الساحة. وهُم أيضًا مثال في الخدمة المتفانية، فإن بعض النسوة "كنّ يتبعنَه ويخدمنَه"

أحد المخلع
إنجيل هذا الأحد يروي لنا آية شفاء إنسان "مُخلّع" منذ ثمانية وثلاثين عامًا، متروك ولا يلقى دعمًا من أحد (يو 5: 1-15). فيأتي يسوع ويطرح عليه السؤال الغريب "أتريد أن تبرأ؟"... وبعد شفائه، تُطرح جدليّة السبت بين اليهود و"المُخلّع سابقًا". ويعود يسوع ليجد الرجل في الهيكل، فيُحذّره من الوقوع في الأسوأ... العبرة هنا هي أنّ النعمة التي نالها المُخلّع وقد جدّدت جسده، إنّما تدعوه إلى الإهتداء بكلّيّته إلى الله. وإذا تجاهل ذلك، يُصاب بأكثر من علّته السابقة، إذ يُعَرّض نفسه للموت الروحيّ.

أحد المرأة السامرية
رواية شهيرة عن لقاء تمّ بين يسوع وإمرأة سامريّة عند "بئر يعقوب" (يو 4: 5-42). وفيها يروي لنا يوحنا الإنجيليّ تعليمًا للربّ عن "ماء الحياة" وعن ينبوع الماء الحيّ. كما يروي لنا أيضًا كيف سار الربّ بتدرّج مع المرأة السامريّة، ليوصِلها إلى الإيمان به. فمن الماء الماديّ، صعد بها إلى "الماء الحيّ"، فطلبت إليه من هذا الماء. ثم بعد برهة، رأت أنه نبيّ، أي إرتفعت بإيمانها قليلًا. ثم بعد قليل أيضًا، أقرّت بأن "الماسيّا حين يأتي، يُخبرهم بكل شيء"... رأى يسوع حينئذ أنها أصبحت مُستعدّة لتقبّل هويّته، فأعلن لها صراحة عن ذلك. فذهبَت وأتت بأبناء بلدتها، في حركة تُذكّرنا بفيلبّس الذي دعا صديقه نثنائيل إلى اختبار اللقاء ب"الماسيّا"... هذه المرأة هي صورة لكل من يتعرّف إلى السيّد، فيُصبِح رسولًا له ويدعو مَن حوله قائلًا "لقد وجدنا الماسيّا".

أحد الأعمى
مقطع طويل من إنجيل يوحنا، يروي لنا آية شفاء إنسان أعمى منذ مولده على يد الربّ يسوع (يو 9: 1-38). وبيت القصيد فيه أن يسوع "هو نور العالم"، ونستشفّ من الجدل الذي وقع بين "الأعمى سابقًا" والفرّيسيّين، أن "الدينونة هي فعلًا أن النور قد أتى إلى العالم، وفضّل الناس الظلمة على النور، لأن أعمالهم كانت شريرة" (يو 3: 19)، كون الفرّيسيّين رفضوا يسوع ورسالته الخلاصيّة. والمُلفِت أيضًا أن الأعمى قد تَنوّرَ أكثر من أولئك، إذ أدرك أن يسوع "جاء من لدن الله، وإلا لما إستطاع فعل ما فعله".

خميس الصعود
هو تذكار انتصار الربّ وعودته بالجسد إلى السماء، "إلى المجد الذي كان له من قبل إنشاء العالم"، حيث "جلس عن يمين الآب" (كما نقول في قانون الإيمان النيقاويّ). وهو خاتمة مدة الأربعين يومًا، التي فيها كان يُظهر نفسه لتلاميذه "بأشكال عدّة" ويُكلّمهم عمّا يخصّ الملكوت... وقبل صعوده، أرسلهم إلى أصقاع الأرض لإعلان البشارة إلى الخلق أجمعين، وتعليمهم كل ما أوصاهم به، ووعدهم بأن يكون معهم حتى منتهى الدهر، طالبًا إليهم "انتظار موعد الآب الذي سمعوه منه". ونقرأ رواية الصعود في كتابَي لوقا البشير، (لو 24: 36-53) و(أع 1: 1-12).

أحد الأباء القديسيين
تُقيم الكنيسة في هذا الأحد تذكار الآباء القديسين الثلاث مائة والثمانية عشر، الذين إلتأموا في "المجمع المسكونيّ الأولّ" المنعقِد في مدينة نيقية سنة 325، ضد آريوس (والبدعة الآريوسيّة)، الذي أنكر لاهوت "الكلمة المتجسّد". فأكّدوا في مجمعهم أن الفادي الذي صعد إلى السماء، في ختام رسالته على الأرض، إنّما هو "الكلمة" الواحد مع الآب في جوهر الطبيعة الإلهيّة، والمُتّخذ طبيعتنا البشريّة، ليكون لها الفداء والطريق إلى الآب. وكان لنا من هؤلاء الآباء، ما هو معروف ب"قانون الإيمان النيقاويّ". نقرأ في هذا الأحد الإنجيل بحسب يوحنا (يو 17: 1-13).

أحد العنصرة
في هذا الأحد العظيم والمُقدّس، نُعيّد لتذكار "حلول الروح القدس على الرسل" وهُم مُجتمِعون في العليّة مع مريم العذراء وسائر التلاميذ، "منتظِرين موعد الآب". ونجد رواية هذا الحدث العظيم في كتاب لوقا الثاني (أع 2: 1-11). أما إنجيل هذا الأحد، فنقرأ من الإنجيل "اليوحنّويّ"، "عظة يسوع عن الماء الحيّ ونور العالم" (يو 7: 37-52 و8: 12). ومن وقتها، تأسّست الكنيسة وإنطلقت معها بُشرى الخلاص التي أوكلها إليها مُعلّمها وربّها، تحت رعاية الروح القدس "المُعزّي"، الذي سيُذكّرهم بكل ما قاله الربّ يسوع لهم.

أحد جميع القديسيين
في هذا الأحد، تُقيم الكنيسة تذكارًا لجميع القديسين. فالقداسة هي إقتداء بالمسيح وتحقيق الحياة الإلهيّة فينا، أي حياة البنوّة لله، ثمرة الفداء. وجوهرها كمال المحبّة، وهي عمل الروح القدس في النفس ذات الإرادة الصالحة... لذلك، وضعت الكنيسة هذا التذكار في الأحد التالي ل"أحد العنصرة"، لأن القداسة في الإنسان، إبن الله بالنعمة (لا بالجوهر)، هي غاية التدبير الإلهيّ، الذي عِشنا أهمّ محطّاته على مدى هذا الزمن "الخمسينيّ". وإنجيل هذا اليوم مأخوذ من متى (متى 10: 32-38 و19: 27-30)... خاتمين كلامنا بالقول "إن القديس هو مَن أصبح الله كل شيء في حياته".


إن الصورة المُرفَقة أدناه، تجمع إيقونات آحاد وأعياد زمن "البندكستاري" بالتسلسل العدديّ مع التعريف.