الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيد القيامة من الخوف من الفرح إلى الخوف من الحياة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان المسيح على الصليب هو الأعلى رغم الألم، يحب الجميع ويغفر حتى لمن صلبوه، ويرعى أحباءه، لم يتكلم أثناء المحاكمات، ولا أثناء التعذيب والاستهزاء إلا نادرا. كان يغلب عليه الصمت… لقد تنازل عن حقه الخاص، وكرامته الخاصة. " فالمحبة لا تطلب ما لنفسها " (1كو 5:13). أما على الصليب، فتكلم، حين وجب الكلام. تكلم من أجلنا، لنفعنا وخلاصنا. وكان لكل كلمة هدف ومعنى. ولكل كلمة تأثير.. نلاحظ فى كلمات المسيح على الصليب عنصر العطاء.. عجيب أنه- وهو على الصليب- فى مظهر الضعف والانهزام كان يعطى.. أعطى لطالبيه المغفرة، وأعطى للص اليمين الفردوس، وأعطى للعذراء ابنًا روحيًا ورعاية واهتمامًا، وأعطى ليوحنا الحبيب بركة العذراء فى بيته.. وأعطى للآب ثمن العدل الإلهى الذي يتطلبه، وأعطى للبشرية كفارة وفداءا.. وأعطانا أيضا اطمئنانا على تمام عمل الخلاص.. أعطى لكل أحد. وهو الذى لم يعطه أحد شيئا.. قدم للبشر كل هذا، فى الوقت الذى لم يقدموا له فيه سوى مرارة وخل.. فعبارة " إلهى لماذا تركتنى أن الأب قد تركه ليدفع ثمن الفداء وتعنى آلامه النفسية من جهة تحمل غضب الله على خطايا البشر. وعبارة " أنا عطشان " تعنى إعلانا للآلام الجسدية من أجل البشر. وكلتا العبارتين تعنيان أنه يدفع الثمن. وعبارة " قد أكمل " فيها طمأنه للإنسان أن الثمن قد دفع. وعبارة " فى يديك أستودع روحى" تعنى الموت ثمن الخطية، وبه يكون قد تم الخلاص… هكذا رفع عنا المسيح على الصليب كل الألم وتحمل حتى لا نظن أن الله غاضب علينا كما يدعى البعض، وحتى لو كان الله غاضبا فقد رفع الغضب عنا على الصليب.وهكذا فهذه العبارات الأربع الأخيرة تحمل طمأنينة للبشر من جهة فدائهم… ونلاحظ أن الكلمتين الأخيرتين فيهما هتاف الفرح والانتصار. فعبارة " قد أكمل " تحمل معنى أن كل شىء خاص بالفداء قد تم. لقد فرح الرب بإتمام عمله ولم يسمح لشىء أن يعوقه. ونفس الكلام نقوله عن عبارة غى يديك أستودع روحى ". بهاتين العبارتين أعلن هزيمة الشيطان. لقد انتهت المعركة. واستطاع الرب بالموت أن يبيد سلطان الموت… وهتف هتاف الفرح والانتصار. المسيح الآن معنا ولا ينسانا ويقدم لنا دائما الخير لمصر، ولد المسيح ويتعرض للاضطهاد، لكنه لم يجد سوى مصر ليلجأ إليها، ويأمن من شر الرومان، رغم أنهم كانوا يحكمون مصر أيضًا، لكنه احتمى بأهلها لتتحقق النبوءات أيضًا «متى 2: 15»، إن لجوء المسيح إلى مصر هروب من تهديد هيرودس كان تحقيقًا لنبوّة هوشع «11:1»، 1 «لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلاَمًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابنى»، هكذا ومن ثم الميلاد هو التجسد والاقتداء بالمسيح، ومن بيت لحم إلى مصر تتحقق النبوءات، كل سنة وأنتم مصريون يولد فيكم المسيح المتجدد والدائم الميلاد فيكم. الآن يحتفل المصريون بسبت الفرح وعيد القيامة ثم بشم النسيم، بعد احتفال المواطنين المصريين الأقباط بعيد القيامة المجيد، ويأتى عيد القيامة بعد أسبوع الآلام، وهم فى بيوتهم كما كان التلاميذ خائفين، إلا أنهم يبحثون عن الفرحة من قلب الحزن، احتفل المصريون بالاعياد تراثا وتقليدا قديما، وتعود الأعياد إلى قدماء المصريين حتى أن مؤرخا يونانيا مثل «بلوتارخ» يذكر أنه من كثرة أعياد المصريين لم يكن يفرق بين العيد والآخر سوى أيام معدودات.. فما إن ينتهى عيد في مدينة حتى يبدأ عيد فى مدينة أخرى، فكانت هناك أعياد دينية مثل عيد ميلاد حورس، وكذلك كان قدماء المصريين يحتفلون بأعياد وطنية مثل انتصار أحمس على الهكسوس، إضافة لأعياد ارتبطت بالزراعة مثل عيد الفيضان أو عيد الحصاد، وغيرها من الأعياد، وخلال الأعياد كان المصريون القدماء يلبسون أزهى الثياب ويوزعون المال على الأطفال «العيدية» ويأكلون ويمرحون ويخرجون للتنزه، ومن شابه أجداده فما ظلم، وكل سنة وأنتم طيبون. كثيرون لا يعلمون ماهية أسبوع الآلام عند المواطنين المصريين الأقباط، أسبوع الآلام «هو الأسبوع الذى يحتفل المسيحيون فيه بدخول المسيح القدس، وإنشاء سر التناول وصلب المسيح وموته، ثم القيامة من الأموات في يوم أحد القيامة، حسب المعتقدات المسيحية، ويكون هذا الأسبوع بعد الصوم الكبير «55 يوما»، ويحتوى فى قراءاته على سفر الرؤيا كاملا، وتتعدد الاحتفالات المسيحية. فى أسبوع الآلام هذا العام جعلت الكورونا الكنائس شبة مغلقة واحتفل بها المسيحيون فى العالم من خلال التلفزة أو البيوت رغم أن الكنائس كانت عادة ما تزدحم للصلاة كل يوم، خلال الأسبوع الذى يبدأ بعد ظهر أحد الفرح «السعف»، حيث تتسربل الكنائس بالستائر السوداء، وتوقد الشموع فى أنحاء الكنيسة، كما يمتنع الأقباط عن تناول الحلويات والمعجنات التى تدخل بها «الخميرة» التى تشير إلى «الخطية». وقد تأثر الأقباط المصريون في احتفالاتهم بهذا الأسبوع بالتراث الفرعونى، ففى «أحد السعف» يبتاع الأقباط سنابل القمح لتزيين جدران منازلهم، مرورًا بالفريك، والفول والترمس يوم شم النسيم. ويسمى يوم الثلاثاء فى الأسبوع بـ«ثلاثاء البقول»، حيث يأكل الصائمون أطعمة من الفول، والذى يحل موسم حصاده عادة فى ذلك الوقت من العام، وهى عبارة عن «بصارة وفول مدمس». وعادة ما كانت أعياد الحصاد تستمر طوال شهر «برمودة»، حيث كانت تعد فرصة الفلاحين للترويح عن أنفسهم بعد عناء العمل الزراعى طوال الشهور السابقة، كما كانوا يحتفلون في موسم الحصاد أيضا بالمعبودة «إيزيس» باعتبارها رمزا لخصوبة أرض مصر، فيحملون السلال وهى مليئة بسنابل القمح، اعترافا بفضلها هى وزوجها «أوزوريس» على الزراعة والمزارعين. تأثر الأقباط بالتراث الفرعونى يمكن ملاحظته أيضا فى الاحتفال بـ«عيد القيامة» يوجد شبيه له عند الفراعنة مختلف عن عتبة قيامة المسيح، وكان عيد يحتفل به المصريون القدماء، وخلاله كانوا يحتفلون بدفن «أوزوريس» إله الزراعة والبعث، والذى قدس فى «بوزيريس» وهى الواقعة الآن في قرية «أبوصير» بمركز سمنود بالغربية، حيث كان يتم الاحتفال بعودته إلى الحياة، عندما يخضر الزرع وتورق الأشجار وتزهر الأزهار، باعتبار ذلك عيد قيامته وبعثه كذلك كانوا يقيمون شجرة خضراء رمزا للإله والحياة المتجددة ويزينونها بالحلى. هكذا القيامة تجعلنا نتخطى الألم وسوف نخرج من عزلتنا كما خرج التلاميذ وسوف تأتى لنا مريم المجدلية لتخبرنا بقيامة المسيح وكيف انتصر على الموت عبر اكتشاف العلماء لعقار الحياة ضد كورونا. كل عام ومصر بخير