الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا تتخلفوا عن رمضان فتلوموا أنفسكم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أزفت نفحات رمضان أن تنقضي، وقاربت سجلاته أن تنطوي، ويصبح رمضان بين ذكرى من الماضي وحلم من المستقبل، فنذرف دمعًا على ما فرطنا في الأيام الخوالي، ونستشرف المستقبل وكلنا أمل أن ندركه فنغتنم ما فاتنا في سابق عهدنا به، لكن هل أخذنا على الله عهدنا أن يُبلغنا غدًا ما ضيعته أيدينا اليوم؟ ونعوذ بالله أن تكون هذه هي الأماني "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"، والعاقل من يدرك أن رمضان قد لا يطرق باب دنياه مرة أخرى، فيحسن ضيافته، ويكرم نزله ويعد له العدة، ويكثر من القيام ويكثر من الطاعة ويكثر من الذكر، لعلها تكون له الزاد غدًا في راحلته.
وبعد أن انتصف رمضان ومضى شطره ويلاحقه الآخر، فهل يا تُرى نتركه دون أن نغتنم ما تبقى من نفحاته؟ فلو أدركنا حقيقة رمضان لما فرطنا في جنبه، ولا أخذتنا سِنة من غفلة دون أن نستفيد وننعم بروحانياته، ولم لا فهو من بين الشهور أفضلها، وبين الأعمال أرباها، وبين الأوقات أكثرها بركة، فلا نظير له بين الشهور، ولو قارنته بها لبخسته، ولو وزنت لحظاته بغيرها فقد جورت على نفسك وحرمتها روحانيات هذه اللحظات، فإن كان لا بد من وصفه؛ فقل أنه عطاء وقرب، ورحمة ورأفة، ونجاة ومنجاة، وزخر وبركة، وفوق كل هذا هو زمن من أزمان الجنة وباب من أبوابها الواسع، كما قال رسولنا ﷺ: "إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ ".
وإن كان حديثي في هذا إلى من أدرك رمضان ولا يزال غافلًا أو متكاسلًا، فقد سبقتهم به إلى نفسي؛ ليزجرها على كل لحظة غفلت أو عمدت إلى ترك هذا الخير يمر أمامها دون أن تغتنمه، أو تثاقلت عليها الطاعة، أو تلبست بدنيا ولهو يلهيها عن ذكر الله سبحانه وتعالى، وأعوذ بالله أن تكون محرومة من لذة الطاعة في هذا الشهر الكريم، فإياكم أن يكون مصيركم هو ذات مستقرها ومستودعها، وإن كان باب الرجاء مفتوحًا ويد الله ممدودة إلينا؛ فلتنهض عزائمنا ولتستفيق هممنا، لنعظم شهر الله كما أمرنا نبينا ﷺ.
فإذا كان هناك ثُلةٌ من القوم ضيعوا أوقاتهم في القيل والقال، وغلبهم الكسل، وتثاقلت عليهم الطاعة، وغرتهم الأماني، وأخذتهم الغفلة عن ذكر الله وعن العبادة؛ آن الأوان أن يعودوا لرشدهم، ويغتنموا ما تبقى من شهر رمضان فلا يُحرموا خيره ولا يُعدموا أجره، وإن كان هناك كثير اجتهد في أول الشهر واستقام على طريق الحق الذي لا عوج فيه؛ فكل الحذر لهؤلاء أن ينقلبوا على أعقابهم متكاسلين، أو أن تفتر عزيمتهم فيتخلفوا عن رمضان قبل أن يفارقنا، فيعودوا لما نُهوا عنه، فمن تخلف عنه فلا يلومن إلا نفسه.